العراق: قوة عبدالمهدي في ضعفه واستقالته فشل للاعتدال

الصدر غاضب من سياسيي السنة... ويبعث برسالة طمأنة إلى الأكراد

نشر في 16-10-2018
آخر تحديث 16-10-2018 | 00:03
زوار شيعة يسيرون أمس من النجف باتجاه كربلاء لإحياء أربعين الإمام الحسين   (أ ف ب)
زوار شيعة يسيرون أمس من النجف باتجاه كربلاء لإحياء أربعين الإمام الحسين (أ ف ب)
أبرز انتقادين يسجلهما خصوم رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة العراق عادل عبدالمهدي أنه كثيراً ما يسارع إلى الاستقالة من المناصب، خلال وجوده في مواقع متقدمة بالسلطة منذ ١٥ عاماً، وهذا دليل نقص في صبره ومطاولته، إلى جانب أنه أول رئيس وزراء بلا كتلة نيابية ينتمي إليها ولايزال يتمسك باستقلاليته.

ولعل هذه المواصفات تؤكد حقيقة أن السياسة العراقية في مرحلة ما بعد الحرب على «داعش» تدخل مرحلة مختلفة كثيراً عن سابقاتها، وتغير قواعد اللعبة؛ لأن الدماء التي سالت باتت تضع شروطاً، ولأن جيلاً جديداً من الشباب العراقيين يمثلون نحو ٧٠ في المئة من السكان، باتوا يخرجون إلى الشوارع بطريقة عنيفة أحياناً، لكنها مبتكرة ومؤثرة، تجعل الأحزاب تحسب لهم ألف حساب، لا سيما بعد إحراقهم مقرات الميليشيات في النجف وقنصلية إيران بالبصرة، والأولى عاصمة دينية للعراق، والثانية عاصمة الثقافة والمال.

إلا أن المؤيدين لعبدالمهدي يبررون وقوفهم معه بأن قوته في ضعفه، فهو غير متهم بالانحياز إلى حزب، كما أنه ليس مصراً على البقاء في المنصب، والأكثر من هذا أن استقالته التي يخشاها كثيرون، لو فرضت عليه الأحزاب شروطاً قديمة، ستكون استقالة للجناح الذي يوصف بأنه «معتدل»، والذي يسعى لنزع التوتر الداخلي والخارجي وكبح جماح الاستقطاب الطائفي، وصناعة توازن صعب جداً بين الجوار الجغرافي والاجتماعي لإيران، والشراكة التي لابد منها مع الولايات المتحدة والغرب، وسط مسؤولية بغداد في إثبات أنها باتت عنصراً إيجابياً في المنطقة بعد أربعة عقود من الخطايا السياسية والعسكرية المكلفة.

وجاءت تسمية عبدالمهدي بعد سقوط عشرات المحتجين، وخصوصاً في البصرة بمستوى اضطر معه الجناح المعتدل المتحالف مع مرجعية النجف الدينية، إلى سحب دعمه لرئيس الحكومة الإصلاحي حيدر العبادي.

إصرار النجف وحلفائها على الإصلاح جاء بعبدالمهدي كخيار تسوية لا يقلق إيران كثيراً، ويمكن لواشنطن تقبله، فهو، إلى جوار رئيس الجمهورية الجديد السياسي الكردي برهم صالح، يعد من مهندسي السياسة العقلانية في مرحلة ما بعد صدام حسين.

ولهذا يرى المراقبون أن فشل فريق عبدالمهدي وصالح، الذي كلفه بتشكيل الحكومة في مدة قياسية، سيعني فشل الجناح المؤمن بسياسة معتدلة، مقابل محور متشدد حليف لطهران.

وقبل أيام، بادر عبدالمهدي، بعد مشورة واسعة داخل الجناح المعتدل، إلى افتتاح مكتب له داخل البرلمان لتقليص فرص إيران التي تحاول تلصيق كتل نيابية صغيرة بأساليب معقدة لعرقلة أداء الحكومة المقبلة حين لا توافق هواها، وذلك جزء من استعراضات لافتة يقوم بها هو ومؤيدوه لإثبات أن السلطة الجديدة ستكون أكثر جرأة في التغيير، وأقرب إلى الشارع الغاضب الذي يهدد بأنه سيعود إلى الحرق والعنف إن لم يلمس تغييراً في الوجوه الحكومية ونمط الإدارة.

إلا أن محاولة تغيير قواعد اللعبة مازالت تصدم الأجواء السياسية، فمقتدى الصدر، على سبيل المثال، اضطر إلى الاعتراف بأنه منفعل وغاضب جداً بسبب تمسك القيادات السنية بقواعد اللعبة القديمة، ونيتهم ترشيح شخصيات حزبية وسياسية لوزارات مهمة، في حين اتفق جناح عبدالمهدي على تشكيل حكومة من تكنوقراط وخبراء ليسوا مرتبطين تنظيمياً بالأحزاب، ووصل الأمر بالصدر إلى اتهام بعض قيادات الأنبار بالخيانة، ونكران مواقف النجف المتضامنة مع مناطق غرب العراق، التي عاشت أهوال الحرب طويلاً.

وأمس، وجه الصدر رسالة إلى أكراد العراق قال فيها «هلموا الى انقاذ العراق ونترك المحاصصة ونبعد كل فاسد ولنجدد العهد للعراق بوجوه جديدة نزيهة تحفظ هيبتكم وترفع منزلتكم، بعد ان نعز العراق وشعبه». واضاف: «أردناكم ان تعيشوا معنا بلا انفصال. اردناكم موحدين أقوياء أعزاء لا تظلِمون ولا تظلَمون». وتابع: «سنتقاسم لقمة العيش بيننا بالعدل والانصاف ولن نسمح بالتعدي عليكم».

وتزامن ذلك مع زيارة لوفد برئاسة عمار الحكيم الى أربيل والسليمانية للقاء الأكراد وإقناع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني بالمشاركة في الحكومة.

back to top