الصناعة النفطية بين واقع التقدم الحالي وغموض المستقبل

نشر في 16-10-2018
آخر تحديث 16-10-2018 | 00:00
No Image Caption
شهد الطلب على النفط زيادة قوية في السنوات الأخيرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستستمر هذه الفورة في ظل مطالبة الحكومات والمجتمعات على اختلافها بإحداث تحول إلى الاقتصاد المتدني الكربون، الذي لا يمكن أن يتحقق بغير خفض استهلاك الوقود الحفري المسبب للانبعاثات.

وكانت أسعار النفط ارتفعت في الأسبوع الماضي مدفوعة بتوافر أدلة متزايدة على تراجع صادرات الخام من إيران تزامن مع غلق جزئي في خليج المكسيك بسبب إعصار مايكل الذي دفع إلى خفض الإنتاج بنسبة 40 في المئة، في حين بدأ المشترون البحث عن بدائل للنفط من إيران قبل بدء سريان العقوبات الأميركية في الرابع من الشهر المقبل.

في غضون ذلك، أشار تحليل نفطي، نشرته صحيفة نيويورك تايمز، إلى عودة الزخم إلى إنتاج الخام بعد فترة من خفض الميزانيات وفرص التوظيف في أعقاب هبوط الأسعار في 2014، واقتراب الأرباح من مستويات ما قبل ذلك الانهيار.

وكان من الواضح لدى المحللين أن التدفق النقدي الحر، وهو إجراء يرصد الأموال التي تدخل وتخرج من خزائن الشركات، يظهر أن كبريات الشركات النفطية في العالم بما فيها اكسون موبيل وشيفرون وبريتيش بتروليوم ورويال داتش شل حصلت على 30.9 مليار دولار في سنة 2017، وهو رقم أعلى كثيراً من رقم 2014، عندما كانت أسعار النفط أفضل تماماً.

ويمكن القول في هذا الصدد إن هذه الأرباح ترجع إلى مزيج من ارتفاع سعر خام برنت، واستمرار ضغط الإنفاق، إضافة إلى تغيير في الرؤساء التنفيذيين لدى شيفرون وتوتال وشل، كما أن الكثير من خبراء الطاقة يقولون إن الشركات تركز الآن على استكشاف النفط في مناطق قريبة من المنشآت القائمة، والتي يمكن تطويرها بسرعة، إضافة إلى أنشطة أخرى، مثل استخراج المزيد من النفط من الحقول العاملة والتي لا تتطلب عمليات استكشاف ضخمة.

وقال تحليل "نيويورك تايمز" إن ضغوط التكلفة كانت وراء القرارات التي اتخذتها في الآونة الأخيرة شركة شيفرون، التي طورت في مطلع هذا القرن أحد أكبر المشاريع المعروف باسم غورغن للغاز الطبيعي المسال في أستراليا بقيمة 54 مليار دولار، ويأتي ذلك أيضاً في أعقاب قيام الشركة بعرض حقولها الهرمة في بحر الشمال ببريطانيا للبيع.

ويبدو أن الرسالة في هذا السياق تقول إن من الأفضل الحصول على النقد الآن، وتحويل الاهتمام والخطر الطويل الأجل في العقود المقبلة إلى جهات أخرى. وسبق لشركة شيفرون أن قالت، في بيان، إنها "تراجع بصورة منتظمة محفظتها العالمية بغية ضمان استمرار الأصول في تلبية مقاييسنا للاستثمار".

والمعروف أن "بريتيش بتروليوم"، العملاقة التي تتخذ من لندن مقراً لها، كانت واحدة من أكثر الشركات نشاطا في عقد اتفاقات وصفقات، ورغم ذلك فقد أحجمت عن عمليات استحواذ رئيسية، ويرجع ذلك بشكل جزئي الى كارثتها في خليج المكسيك في سنة 2010/ التي كبدتها أكثر من 66 مليار دولار على شكل غرامات وتعويضات.

وعندما شعرت هذه الشركة بسلامة وضعها اختارت في شهر يوليو الماضي شراء ممتلكات نفط صخري وغاز من شركة بي إتش بي بيليتون في الولايات المتحدة بقيمة 10.5 مليارات دولار. وكانت واحدة من ميزات هذه العملية أن إدارة الشركة كانت تعلم بوجود النفط فيها، وبالتالي تمكنت من حفر الآلاف من الآبار المنتجة.

وسوف تنتج آبار الزيت الصخري النفط بطريقة أسرع كثيراً من الفترة التي تمتد سنوات، والتي تتطلبها عملية إقامة مشروع نفطي في المياه العميقة أو منشأة غاز طبيعي مسال، مما يقلص التعرض إلى تقلبات الأسعار ويخفف قلق المستثمرين. وبينما كان الزيت الصخري بشكل عام الميدان الذي تنشط فيه شركات النفط الأصغر التي تعرف بالمستقلة، فإن معظم منافسي بريتيش بتروليوم بما في ذلك اكسون موبيل وشيفرون تقدموا في هذا الحقل وبدأوا استثمار كميات ضخمة من رؤوس أموالهم في الزيت الصخري.

يشار إلى أن نسبة صغيرة فقط من احتياجات الطاقة العالمية يمكن تأمينها عبر مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس، وبالتالي يبدو أن أهمية النفط والغاز ستستمر عقوداً طويلة مع تأكيد خبراء الطاقة على ضرورة خفض الانبعاثات الكربونية في نهاية المطاف.

back to top