الولاء للعراق أم للمُكوِّن؟!

نشر في 13-10-2018
آخر تحديث 13-10-2018 | 00:01
 محمد واني أهم إشكالية استراتيجية تؤثر على مسار الحكم في العراق الجديد وتحدد مستقبله هي الولاء!

المعروف أن العراق أسس بنيانه على الثالوث التكويني "المقدس!" الذي لابد من وجود مكوناته معاً ليشكل كياناً مستقلاً ذا سيادة بالمفهوم القانوني المتداول دوليا، وهذا الثالوث هو"السنّة والكرد والشيعة"، ومع أي اختلال في هذه المعادلة لن يبقى للعراق وجود "قانوني"، وطبعاً الذي يقود البلاد ويتحكم في مفاصلها الأساسية سواء عن طريق الانتخابات أو عن طريق المحاصصة هو هذا التركيب المجتمعي المتنوع والمختلف ثقافياً وطائفياً وسياسياً وعرقياً. لديه خصوصية يعتد بها، فالسنّة والشيعة لديهما خصوصية طائفية واجتماعية، وولاؤهما يتغير بحسب هذه الخصوصية، فلا السنّة يريدون وطنا تسود فيها الهيمنة الشيعية بعاداتها وتقاليدها الطائفية، ولا الشيعي يريد أن يقوده السني وقد جرب حكمه من قبل، وكذلك الكردي لن يكون ولاؤه للعراق على حساب وطنه الأم "كردستان".

ومن المفترض عندما يتولى الكردي رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية، وفق استحقاقه القومي، أنه يمثل الشعب الكردي في منصبه، ولولاه لما استطاع أن ينال هذا المكان، فهل هو إذن ملك للعراق أم لكردستان؟! وهنا الإشكالية! كيف يمكن أن يكون ممثلاً للشعب الكردي وراعياً لمصالحه، وفي الوقت نفسه يكون ممثلاً للعراق وراعياً لمصالحه؟!

لذلك نجد أن كل من خاض هذه التجربة واحتل مناصب رفيعة بدءا من رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني، وهوشيار زيباري وزير الخارجية السابق، ورئيس أركان الجيش السابق بابكر زيباري، وغيرهم واجهوا هذا الإشكال العميق، وأرادوا أن يوفقوا بين ولاءين، ولاء للعراق وولاء للشعب، أو المكون الذي وضعهم في هذا المكان، وفي النهاية ضيعوا المشيتين! لا هم استطاعوا أن يخدموا شعبهم كما يجب، ولا هم استطاعوا أن يخدموا العراق كما يجب! ولا أحد من هؤلاء علم بالضبط ماذا يفعل؟ هل يخدم المصالح الكردية أم مصالح العراق؟ أم كلتيهما؟ وكيف؟ هذه الإشكالية مازالت قائمة ولم يوجد لها حل حتى الآن!

ولو كان ممثلو الكرد في بغداد قد حددوا مواقفهم بوضوح، وأدركوا أنهم في بغداد لهدف واحد هو خدمة مصلحة شعبهم أولاً وأخيراً، ومن ثم خدمة المصلحة العراقية لما أهملت الحكومة العراقية مواد الدستور وعلى رأسها المادة 140 وعطلت تطبيقها... وستبقى هذه المشكلة الجوهرية قائمة مادام ولاء ممثلي الكرد والسنّة على حد سواء مشتتاً بين مكونهم الذي يمثلونه، وبين بلد يحكمه مكون شيعي، وهو مختلف عنهم إن لم يكونا على طرفي نقيض.

back to top