«البراشوتيون» والمشمرون

نشر في 13-10-2018
آخر تحديث 13-10-2018 | 00:04
 ‏‎وليد توفيق النجادي البعض يعتمد على العمل كوسيلة لجمع المال وكسب القوت وإرضاء النفس، والبعض الآخر يعتقد أنه وسيلة لتحقيق الأهداف الخاصة والمكاسب الاجتماعية، وبعض ثالث يعتقد أن العمل ليس من شأن الفراعنة! فالمجتمع العملي ينقسم عموما إلى ثلاثة أقسام بنسب متفاوتة، هي:

80% يعملون على خلق مشكلة ولا يعرفون الحل، ويوجدون في المقاهي الكشخة، بمعنى آخر هم عالة على المجتمع والحكومة! و10%يعملون لإيجاد حل لمشكلة، وهم المشمرون! و10% لا يعرفون المشكلة ولا الحل، وإذا عرفوا الحل يقدمونه لمصالحهم الخاصة، وهؤلاء هم "البراشوتيون"، فـ"البراشوتيون" يهبطون على رؤوس المنتجين والمبتكرين في المجتمع العملي، وهم أضداد المشمرين، وإذا بلغ إنتاج المشمر أوجه فبإمكانه أن يقضي على "البراشوتي"، وإذا بلغت توجهات "البراشوتي" أوجها، فقد أكل لحم كتف المشمر. يا لها من معادلة!

لطالما تساءلت، كيف يقضي "البراشوتي" وقته أثناء العمل وخارجه؟ ففي أثناء العمل تجده يقضي وقته في ملفات الموظفين وتقارير أجهزة البصمة، ويهمل غيرها من مسؤوليات منصبه من مهام وقيادة وخطط مستقبلية، وتطوير لجهازه الفني والعملي، ويجتهد في كيفية الحط من تقدم وازدهار محيط عمله بضخ كمية من الجهل، ونثر حبوب الفساد، ويتعاون مع الفاشل والمنحط في محيط عمله، وكلاهما يعمل لمصالحه الخاصة.

دعوني أسترسل معكم في بعض صفاتهم: كل "براشوتي" يدأب للظهور الإعلامي، ومكان خاص ليركن سيارته الحكومية، وهذه النقطة تستدعي السؤال، لماذا لديه سيارة؟ ولماذا لديه مكتب مساحته أشبه بالميدان؟ ولماذا لديه مكتبة وهو لا يقرأ؟! ولماذا لديه طاقم من السكرتارية وهو لا يراجع البريد؟! ولماذا يصر على التزام غيره بأوقات العمل وهو لا يلتزم بها؟!

فرعون، حسبي الله ونعم الوكيل فيه، يحب الاجتماعات المتكسبة في تلميع وتغطية عيوبه كجلسات المكياج! ويحذر من الأفكار والأعمال الجديدة، فهو كالدائرة يبدأ من نقطة ويلتقي بها من جديد.

أما المشمر (وبخلاف ذلك)، فيقضي عمله بإتقان وتفان، ويتوقع ويتطلع دائما للأفضل لتطوير محيطه العملي من أجل إشباع نفسه المخلصة، فهكذا حال المشمرين، فهم من يعملون لأنهم يحبون عملهم ويؤمنون بشدة بأن الأهداف لا تتحقق وأنت على الفراش! بل العمل بالنسبة إليهم أسلوب حياة ومشاركة بالمجتمع المهني ومكافأة النفس بالإنجاز.

أنا في حيرة من أمري، أي زمن هذا الذي نحن فيه، زمن الفراعنة والطغيان كما سخرت بالبداية؟

كل ما أرجوه هو أن تحذر العقول الصائبة والضمائر الواعية من هؤلاء المتسلطين، فما سلطتم إلا على أبنائكم من المخلصين لهذا الوطن الحبيب.

back to top