خراب البيئة

نشر في 09-10-2018
آخر تحديث 09-10-2018 | 00:15
 حسن العيسى مثلاً، ملاك المشاتل بالكويت يشتكون من خراب بضاعتهم من الورد والمزروعات التي يبيعونها في مثل هذا الوقت من كل عام، والسبب هو تمدد الصيف الخليجي الملتهب لمنتصف أكتوبر، وموت زرع الحدائق كنتيجة لهذا الطقس. ليت هذا كل القضية، فمنطقة الشرق الأوسط هي الأكثر تأثراً بتغير الطقس في العالم بسبب التسخين الحراري، والكويت تحديداً هي أكثر دول المنطقة تأثراً به، ونشرت جريدة "الغارديان"، في أغسطس الماضي، مقالاً مطولاً "عن الجحيم الكويتي"، ومع ذلك مازالت السيارات بعوادمها تزداد، والحكومة ماضية في إغلاق الشوارع وفتح خطوط سريعة "هاي واي"، وكأن هذه ستحل من أزمة المرور، وبكل كيلومتر "هاي واي" يشيد هناك آلاف السيارات تحشرنا معها في طرق الجحيم.

بالأمس نشرت كل الصحف الرئيسية بالعالم تحذير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ في العالم، والتابع للأمم المتحدة، عن خطورة تغير الطقس بالعالم، فارتفاع الحرارة بالعالم ولو بمقدار نصف درجة سيكون مدمراً للبيئة، فما العمل والمتوقع أن تزداد الحرارة ثلاث درجات في السنوات المقبلة؟ كيف يمكن تفادي كارثة "التسخين الحراري" في العالم وهناك رئيس أكبر وأقوى دولة صناعية بالعالم يصرح بكل غطرسة متعالية أثناء حملته الانتخابية بأن تغير الطقس "هوكس" (خدعة)، ورفض كل معاهدة تحد من آثار الجريمة التي ترتكبها الدول الصناعية بالطبيعة؟

لا نملك أن نغير قناعة الرئيس ترامب فهو "المعزب الأكبر" الذي تهلل له دولنا المنكوبة بأنظمتها القمعية، لكن يمكننا هنا أن نفعل القليل للحد من أثر الجحيم الكويتي، ولو كنا نحيا ببركة المكيفات المركزية في منازلنا وبكل "مول تجاري"، وتناسينا العمال الوافدين الذين يشقون بالعمل في عز الجحيم، يمكن للحكومة أن تكون أكثر جدية ومصداقية في جرائم البيئة، خذوا مثلاً مدينة صباح الأحمد البحرية، والبحيرات الصناعية التي خلقت على غرار بحيرات هولندا، وكيف أصبحت هنا مستنقعات "فطيس" ومكباً للنفايات وزجاجات البلاستيك بروائح خانقة تنشر أمراضاً قاتلة للبشر الساكنين هناك، الكل أخذ يؤجر "الشاليه" للمزيد من الأموال، والكل يرمي الوسخ في البحيرة الميتة، ولا أحد يكترث.

الدمار البيئي يتمدد بكل مكان في غابات الأسمنت النفطية، ولم يعد لدينا غير بقايا ذكريات حزينة، عن شواطئ رملية بيضاء صارت اليوم مسطحات من العفن الممتد، وبيوت وادعة بنيت من صخور وطين البحر، انقلبت إلى وحوش ضخمة من الفولاذ والأسمنت الساخن، يحيا سكانها بقناعة جماعة كهف أفلاطون، يرون ظلالهم على الجدران ويعتقدون أن هذا كل الكون، وأنهم وحدهم يحيون به.

back to top