مقتل رئيس عادل!

نشر في 06-10-2018
آخر تحديث 06-10-2018 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم سيارة تقطع رحلة تاريخية عبر شوارع هادئة من البيت الأبيض إلى مسرح فورد في الشارع العاشر، الجو بارد على غير المألوف في هذا الوقت من السنة.

القمر بدرٌ، لكنه لا يُلقي نوراً صافياً، كما يفعل دائماً، كأن سحابة حمراء قانية تلف وجهه وترسل الضوء عبرها أحمر بلون الدم.

• السيارة تُقل أربعة أشخاص: الرئيس الأميركي وزوجته والضابط هنري وخطيبته، إنهم ذاهبون لمشاهدة مسرحية "ابنة العمة".

***

• الرئيس كان ساهماً، وقد جال في خاطره حواره مع زوجة أبيه -التي كانت بمثابة أمه– يوم تم انتخابه رئيساً لأميركا، وكان عليه أن يغادر شيكاغو إلى واشنطن:

- هل سترحل يا ولدي؟

- لا مفر من ذلك يا أماه.

- أخشى عليك يا ولدي.

- ممَّ يا أماه؟

- ينتابني إحساس بأنهم سيقتلونك يا ولدي.

يحتضنها ويقبل رأسها ويقول:

- لن يفعلوا ذلك يا حبيبتي... ضعي ثقتك بالله.

- لكأني أراك للمرة الأخيرة يا حبيبي، عِدني يا ولدي أن تحافظ على نفسك.

- إنك يا أماه تحركين شيئاً ما في صدري، لماذا تقولين لي هذا يا أماه؟

- فما الذي تحرك في صدرك يا ولدي؟

- أتذكر عندما كنتُ طفلاً، حينما كنت أُلقي برأسي على صدرك وأحكي لكِ أحلامي الطفولية، وكيف أني سأكون شخصاً عظيماً، ثم يغتالني الخصوم.

فتحتضنه والدموع منهمرة من عينيها:

- كم دعوت الله ألا ينتخبوك يا ولدي.

- أماه... لقد أراد لي الله أن أتحمل هذا العبء، فضعي ثقتك بالله.

***

• وكان الرئيس، قُبيل استعداده لركوب السيارة، سأل زوجته عن الضابط المرافق لهما:

- ألم يأتِ هنري يا ماري؟

- لقد جاء منذ ساعة مع خطيبته في الحديقة، ويكاد يطير فرحاً لأنه سيذهب معنا، ليلة خطبته، إلى المسرح.

- وهل أنتِ مستعدة يا عزيزتي؟

- وفي غاية اللهفة لأرى مدينة واشنطن التي لا ريب أنهم سينيرون شوارعها من أجلنا.

- أجل... أجل.

- لماذا تبدو غير مبتهج يا عزيزي؟

- كم أتمنى يا ماري أن تنتهي السنوات الباقية من الرئاسة بأسرع ما تمر السنوات، فنعود إلى بلدتنا حيث الهدوء والسكينة.

***

• وقبل بدء فتح ستارة العرض المسرحي، كان الرئيس يرد على تحيات الناس من مقصورته، والبشاشة تغمر محياه، وفي التاسعة دقت ضربات المسرح الثلاث، لتشير إلى رفع الستارة وبدء العرض.

• وما هي إلا دقائق، وإذا بصوت متشنج يرتفع من مقصورة الرئيس الأميركي:

هذه نهاية الطغاة... هذه نهاية الطاغية... ثم يُطلق سيلاً من الرصاص على رأس الرئيس الذي خرَّ جثة هامدة.

***

• سادت الفوضى في المسرح، والناس في هلع وفزع تصرخ:

- ويلاه... لقد قتلوه... قتلوه... قتلوه.

صوت يتساءل:

- مَن قتل مَن؟

وإذا بسيدة تبكي صارخة:

- قتلوا الرئيس... قتلوا إبراهام لينكولن.

***

• وكان هذا هو الثمن الذي دفعه لينكولن لانتصاره في الحرب، لكي يحصل الزنوج على حقهم في الحرية!

back to top