التوجيه «يبيله توجيه»

نشر في 06-10-2018
آخر تحديث 06-10-2018 | 00:08
 يوسف سليمان شعيب ما تقوم به وزارات الدولة ومؤسساتها في جميع القطاعات من إصلاح ومعالجة للسلبيات ومحاربة للفساد ما هو إلا إصلاحٌ في القشور لا الجذور، فعلى مدى 50 سنة وأكثر كان العلاج الوحيد في نظر المصلحين هو تغيير الوزير وتدوير وكيل أو مدير، وهذا العلاج أصبح كالمخدر سرعان ما يذهب تأثيره ليعود الألم من جديد.

فوزارة التربية لا تخلو من هذا الأمر، فالمشاكل والسلبيات والفساد المستفحل فيها أصبحت واضحة للعيان، والمخدر الذي يحقن فينا لم يعد قادرا على إذهاب الألم الذي يفتك بنا وبأبنائنا.

ووزارة التربية ترعى حقلاً مهماً جداً للبلد، قد تصل أهميته إلى أهمية المورد الوحيد للدولة ألا وهو النفط، وقد يتجاوزه في الأهمية، خصوصا إذا ما تمت المقارنة بينهما من ناحية الخسارة، ففي النفط يمكن تعويض الخسارة، أما خسارة الكائن البشري فلا يمكن تعويضها.

والتوجيه الفني للمواد في وزارة التربية قطاع مهم جدا، ويمكن القول إنه أحد أهم ركائز التعليم في الكويت، وهذا القطاع يجب أن يبتعد كل البعد عن الوساطة والمحسوبية والشللية وإرضاء النفوس والأشخاص، لأنه وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، قطاع إذا لم يكن المنتسب إليه ذا كفاءة وقدرة عالية المستوى، فإن التعليم في الكويت سيُهدم أكثر من قبل أو أكثر مما هو حاصل الآن.

قطاع التوجيه يحتاج إلى غربلة كبيرة وتصفية شاملة للعاملين فيه، فمن خلال النقل من بعض الموجهين ذوي الخبرة، تبين أن هناك مجموعة كبيرة من الموجهين بحاجة إلى إعادة تأهيل في سلك التدريس لما يفتقرونه من دراية ومعرفة ومهارة في إعداد الامتحانات، التي من المفترض أن يكون وضعها أمراً اعتياديا على من مارس مهنة التدريس، وامتلك خبرة في هذا المجال لا تقل عن 10 سنوات، بالإضافة إلى أنه ترقى بين المسميات الوظيفية المختلفة حتى وصل إلى مسمى موجه.

فمن يصل إلى درجة الموجه، يجب أن يكون بالفعل ممتلكا لخبرة الموجه الفنية والإدارية، لا أن يكون شخصاً اعتاد على المرضيات والغيابات، أو أُصدر بحقه أكثر من لفت نظر أو شكوى، ومن يصل إلى درجة الموجه عليه أن يكون قادرا على رفع مستوى المعلمين فنيا، من خلال الورش والدورات التدريبية التي يقدمها لهم، ويكون ذا اتساع في الأفق والمعلومة التي تخدم التخصص، لأنه سيكون عنصرا مهما وفعّالا في تحسين مستوى المعلمين، ولجان تأليف الكتب الدراسية.

إذن قطاع التوجيه في وزارة التربية من القطاعات المهمة، التي تعتمد عليها السياسة التعليمية في الكويت، وهذا القطاع يجب أن يغلف وتوضع له كل سبل الحماية من تفشي الفساد والفاسدين فيه، حتى نحمي أبناءنا، فهم أملنا ومستقبلنا.

هناك خلل واضح في نوعية بعض الأشخاص الذين يعملون في هذا القطاع، كما أن من يشرف على هذا القطاع عليه أن يكون واعيا لمستوى من يشرف عليهم، ومعرفة إمكاناتهم وقدراتهم وخبرتهم الميدانية من الجانبين الفني والإداري، ولا يسمح مهما كانت الظروف بأن يكون للوساطة وجود في هذا القطاع الحساس ولا المحسوبية، وأن تكون المعايير التي تقاس عليها كل الأمور متعلقة بالخبرة والدراية والمعرفة والإمكانات والقدرات، على أن تكون هذه الخبرة في خدمة النشء الجديد في هذا القطاع، ولا يسمح بالقفز على الرقاب والأكتاف، ولا يدع مجالاً للمصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة للوطن.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top