كيف نعود إلى زمن التربية الجميل؟

نشر في 05-10-2018
آخر تحديث 05-10-2018 | 00:07
 نوال أحمد الصالح المقال فن من فنون الأدب، فهو كالرسم والشعر، لا تعلم متى ترسم أو متى ينزل عليك وحي الشعر، كل ما تدركه أن كلا منها له وقته ومكانه، وبالفعل هذا ما حصل لي، حيث إنني توقفت فترة عن الكتابة فيما أهوى وأجد نفسي فيه عن "الأسرة والتربية".

يعود الفضل في إشعال هذه الشرارة إلى أحد أبنائي الطلبة في مختبر النمو الذي نسعى من خلاله إلى نشر التوعية والتعريف بمراحل نمو الطفل، ودور الظروف في تشكيل كيانه وشخصيته، كان محور الدرس عن أثر الثقافة والوالدين في توجيه وتكوين شخصية الطفل منذ الصغر. لقد كان نقاشا جميلا طُرحت من خلاله مواضيع عديدة منها:

ما أسباب كثرة المشاكل الاجتماعية عند الأسر والمشاكل السلوكية والنفسية لدى الأطفال؟ ومع حماس النقاش بين مؤيد ومعارض لهذا السبب وذاك، طرح هذا الطالب سؤالاً جميلاً يلخص كل العوامل التي تساعد في القضاء على أسباب انتشار هذا النوع من المشاكل في الأسرة، وهو: "كيف يمكن أن نعود إلى التربية والعادات في الزمن القديم؟!".

كان سؤالاً جميلا يدل على صدق الطلبة والرغبة في الانتفاضة والوقوف أمام كل العوامل الدخيلة التي جعلت ينبوع العادات القديمة ينضب، ويتكون جيل يجالس الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مجالسة الأهل والأصدقاء، جيل اختفت عنده اللغة العربية واللهجة العامية، جيل رغم كل ما يملك ما زال ضائعا وحزيناً، أطفال هذا الجيل إما يعانون من الخجل والانطواء أو العنف وزيادة الحركة.

ولأن السائل كان رجلاً، لذلك وجب أن يكون الرد لرجال جيل المستقبل: هل تريد أن تعلم كيف نعود؟ إن الإجابة موجودة في الإجابة عن الأسئلة التالية:

كم مرة تذهب إلى المسجد للصلاة، أم أن أغلب صلاتك في المنزل؟! كم مرة تجلس أمام المنزل مع الجيران، أم أن مجالساتك كلها في المقاهي الحديثة؟ كم مرة جلست على طاولة الطعام تتناول إحدى الوجبات الثلاث مع أسرتك؟ كم إجازة أسبوع قضيتها مع أسرتك وأبنائك بدلاً من المجمعات والسفر إلى الدول المجاورة؟! كم ساعة جلست بها بدون هاتف؟!

الآن اجمع إجابات هذه الأسئلة، واطرح على نفسك هذا السؤال: كم مرة اصطحبت أبناءك أو إخوانك الصغار معك إلى المسجد أو جالستهم أمام المنزل أو تناولت معهم طعام العشاء؟ كم مرة كنت سندهم مع أول شجار لهم مع ابن الجار؟! كم مرة دافعت عنهم ووجهتهم في صعوبات العلاقات بين أبناء الجيران والمدرسة؟!

إن المقصد من المسجد، وإن كان من الناحية الشرعية واجب، هو ما يحمله بين ثناياه من زرع الألفة والتقارب بين الأبناء وآبائهم، وكسب ودّ الجيران واختيار الصحبة الطيبة للأبناء، صحيح أن لكل زمان ناسه إلا أن المعايير واحدة باختلاف ثقافات الأجيال.

back to top