الهند ما زالت تخسر أمام الصين في حرب بنى الحدود التحتية

نشر في 04-10-2018
آخر تحديث 04-10-2018 | 00:00
 ذي دبلومات مرت سنة على إنهاء الهند والصين أزمة الحدود التي دامت 73 يوماً في دوكلام، ورغم كل التركيز على الأزمة بحد ذاتها وانعكاسها على العلاقات الصينية-الهندية، لا بد من الإشارة إلى أن دوكلام تشكّل على طول حدودهما استثناء على ما يبدو، حيث يتمتع الجيش الهندي بتفوّق بسيط على الجيش الصيني بسبب بنيته التحتية الأفضل بقليل في تلك المنطقة.

عبّر نائب رئيس أركان الجيش الهندي في خطاب أدلى به أمام اللجنة الدائمة للدفاع في البرلمان الهندي عن مخاوف كبيرة بشأن نقص المخصصات المالية المناسبة للجيش لعام 2018-2019. وأشار إلى "العدد الكبير من طرقات الصين الاستراتيجية وعملها على تطوير البنية التحتية على طول الحدود الشمالية"، كذلك عرض الحجج التي تدعم تخصيص موارد أكبر، نظراً إلى أن الميزانية المرصودة لتنمية البنى التحتية غير كافية البتة.

يعود وضع البنى التحتية الحالي في المناطق الحدودية إلى سياسة خاطئة وُضعت قبل عقود عدة، اعتقدت الأوساط السياسية، والبيروقراطية المدنية، والقيادة العسكرية في الهند أن بناء البنى التحتية في المناطق الحدودية الهندية-الصينية يعرّض الأمن الهندي للخطر لأنه يسهّل الغزو الصيني.

في دليل على طريقة التفكير هذه، أعلن وزير الدفاع السابق آي. كاي. أنتوني في كلمة تناول فيها عمل منظمة الطرقات الحدودية في عام 2010: "ساد في الماضي الاعتقاد أن صعوبة التنقل في المناطق الحدودية النائية تشكّل رادعاً أمام الأعداء"، وبعدما أقر بأن هذه كانت "مقاربة خاطئة"، أضاف أن الحكومة تتخذ اليوم مجموعة تدابير كي تحدّث الطرقات، والأنفاق، والمطارات في المناطق الحدودية.

بالإضافة إلى ذلك، صرّح وزير الدولة للشؤون الداخلية كيرن ريجيجو في البرلمان في وقت سابق من هذه السنة أن تنمية البنى التحتية على طول الحدود "تتسارع نظراً إلى التهديدات المحتملة، وتوافر الموارد، وعوامل مختلفة عدة، منها الارتفاع، وطبيعة المنطقة، وغيرهما". كذلك ذكر المدير العام لشرطة الحدود الهندية-التبتية كريشنا شودهاري في حديث له عن وضع المناطق الحدودية الصينية-الهندية أن 172 موقعاً حدودياً متقدماً جديداً من أصل 176 أُنشئت وأن وتيرة العمل تسارعت. وأقر شودهاري بدروه بأن الهند تأخرت في إدراكها متطلبات البنى التحتية الحدودية، إلا أنه أكّد أن "العمل يتسارع اليوم لبناء طرقات حدودية في ولايات جامو وكشمير، وهيماجل برديش، وأوتاراخند، وسيكيم، وأروناجل برديش التي تضم حدوداً مشتركة مع الصين".

رغم ذلك، خلال أزمة دوكلام، قال وزير الدولة للدفاع الدكتور سوبهاش بهامر في رد على سؤال في البرلمان: "جرت الموافقة على بناء 73 طريقاً حدودياً هنديا-صينيا على طول الحدود الشمالية في عام 2006، ومن بين هذه انتهى العمل على 27 طريقاً، ومن المتوقع أن تصبح الطرقات المتبقية جاهزة بحلول شهر ديسمبر عام 2022". لكن منظمة الطرقات الحدودية المسؤولة عن بناء البنى التحتية الاستراتيجية في المناطق الحدودية فوتت مهلاً عدة، مما يثير الكثير من التساؤلات حيال تحديد هذه المنظمة موعد الانتهاء من العمل في عام 2022.

تشير التقارير إلى أن التوغلات الصينية-الهندية تتراجع، فقد أُفيد عن 500 اعتداء في عام 2015، و350 في عام 2017، ونحو 200 حتى شهر يوليو من هذه السنة، ولكن إلى جانب مشاكل البنى التحتية، تواجه الهند أيضاً صعوبات أخرى. على سبيل المثال، تولّد كثرة الوكالات (الجيش، وشرطة الحدود الهندية-التبتية، وقوات أمن الحدود، وقوات أسام شبه العسكرية "بنادق أسام") التي تدير الحدود في الجهة الهندية المشاكل، وهذا يعني أن لوزارة الشؤون الداخلية ووزارة الدفاع صلاحيات. ولا تشتهر الهند خصوصاً بالتنسيق الجيد بين وزاراتها وإداراتها المختلفة.

في المقابل، في الجهة الصينية من الحدود، تتولى قيادة واحدة موحدة لقوات منطقة التبت الذاتية الحكم مهمة الإشراف على المناطق الحدودية، ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن الصين عززت أكثر مكانة القيادة العسكرية التي تدير الحدود برفعها رتبة القيادة العسكرية المسؤولة عن الحدود "وإدراجها ضمن صلاحيات سلاح البر في جيش التحرير الشعبي الصيني".

صحيح أن تنمية البنى التحتية الهندية تسير ببطء، إلا أن ذلك لم يمنع وسائل الإعلام الصينية، مثل "غلوبل تايمز"، من التأكيد أن نيودلهي تتصرف باستفزاز ببنائها مواقع حدودية وبنى تحتية أخرى. ولكن ما من خيار آخر أمام نيودلهي سوى مواصلتها بناء بنيتها التحتية الحدودية، مع أننا لا نأمل كثيراً أن تعمل بسرعة أكبر.

*«راجيسواري راجاغوبالان»

back to top