الرقيبة المنقبة هي التي تمنع الكتب!

نشر في 02-10-2018
آخر تحديث 02-10-2018 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم مما قاله النائب في مجلس الأمة أحمد الفضل، بشأن موضوع الرقابة على الكتب، أن هناك سيدة منقبة في وزارة الإعلام هي التي تعمل على منع سلسلة من الكتب، وتحول دون نشر إنتاج بعض المبدعين من الكتّاب الكويتيين، وفق مزاجها.

كلام كهذا لا يجوز أن يمر مرور الكرام، والأدهى من ذلك والأمرّ أن هذه المنقبة لا تستقبل من يراجعها في مكتبها في حالة عدم وجود المُحرم معها بالمكتب.

أكتب هذا الكلام، والعُهدة على النائب الفضل.

***

• وقد شاهدت أعداداً قليلة من الفتيات والشبان يحملون اللافتات مقابل وزارة الإعلام، احتجاجاً، حيث حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بنقلها على نطاق واسع، بل إن بعض تلك الوسائل قد ترجمتها إلى لغات عدة، وعلّقت عليها تعليقات تسخر من حدث كهذا في زمن الإنترنت.

***

• وكنت أتوقع أن وضع رقابة على الكتب في دولة مثل الكويت يستثير حفيظة المثقفين وأساتذة الجامعات والجمعيات الأهلية، كرابطة الأدباء وجمعية الصحافيين، وكل دعاة الحرية التي عُرف بها شعب الكويت، بل إن مثل هذا الأمر لا يقل أهمية عن أي حدث سياسي يستحق التجمع في ساحة الإرادة لمطالبة الحكومة، وتحديداً وزارة الإعلام، بأن تعدل عن قرارات رقابة الكتب أو منع الروايات التي كتبها كُتّاب من الكويت مثل الدكتور سليمان الشطي والأستاذ عامر التميمي، وغيرهما ممن مُنعت كتبهم من النشر.

***

• موضوع الرقابة على الكتب عاد بي إلى سنوات عندما رفع عدد من الإخوان المسلمين في مصر دعاوى قضائية من أجل مصادرة كتاب "ألف ليلة وليلة"، لأنه يحتوي على بعض الألفاظ الخادشة للحياء، كما زعموا!

• والذي يبدو لي أن هؤلاء الإخوان لم يقرأوا كتب التراث، لأن معظمها يحتوي على ألفاظ مكشوفة في وصف العلاقة بين الرجل والمرأة، مثل كتاب الأغاني للأصفهاني، و"الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان التوحيدي، وغيرهما، بل إن الجاحظ، وهو أمير النثر العربي، له رسالة شهيرة بعنوان "مفاخرة بين أصحاب الغلمان وأصحاب الجواري"، يتحاور فيها رجل يحب الغلمان مع آخر يحب النساء، وهذه الرسالة للجاحظ تحتوي على ألفاظ مكشوفة عندما يحاول كلّ منهما أن يبين مزايا ما يحب.

***

• إن الحجر الرقابي على تراث العرب الأدبي يفتح باباً جهنمياً لتدميره وتشويهه، فالدول المتقدمة تحافظ على تراثها وتقدمه بطبعات منقحة، ليطّلع عليه النشء والصغار، مع مراعاة الجانب الذي يحفظ للنصوص الأدبية أصالتها من التغيير والحذف، وتهذيب الألفاظ، بل حتى كتاب ألف ليلة وليلة يُقدَم لطلاب الثانوية في بعض بلدان أوروبا، منقّحاً بما يتناسب وأعمار الطلاب.

***

• فالإبداع الأدبي في جوهره دفاع عن القيم الإنسانية النبيلة، فكيف يدافع أديب فيما يكتبه عن الحرية، ثم يلتزم الصمت عن انتهاكاتها؟!

فدوره، مثلما يتصدى للفساد ونهب المال العام وقمع الحريات، أن يهب دفاعاً عن الكتب الممنوعة من الدخول إلى البلاد أو الممنوعة من النشر.

***

• ساحة الإرادة هي إحدى مفاخر الكويت لمواطنيها لممارسة حريتهم، والرقابة على الكتاب والرواية والقصيدة هي كارثة تقف وراءها عقول تكدست بالجهل والتخلف! وهذا ما لا يليق بدولة وطن النهار!

back to top