علاقات السعودية والكويت أنموذج يحتذى به

نشر في 23-09-2018
آخر تحديث 23-09-2018 | 00:28
 سلطان بن سعد بن خالد آل سعود «يحل علينا اليوم الأول من برج الميزان الموافق لـ23 من سبتمبر من كل عام، ليذكرنا بيوم مجيد في تاريخنا الوطني، ذلك اليوم الذي توج الملحمة الوطنية الكبرى بإعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1932.

ومع حلول هذه المناسبة الوطنية الغالية على كل سعودي وسعودية، نسترجع كفاح وتضحيات الأجداد والآباء الذين أسسوا وساهموا في بناء هذا الكيان الكبير، والتي تعطينا دافعا للحفاظ عليه وعلى المكتسبات التي حققها هذا الوطن بحكمة قادته وبسواعد أبنائه المخلصين.

وبعد توحيدها، وضع الملك المؤسسة المملكة على مشارف النهضة الشاملة التي عاشتها وتعيشها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.

وقد استكمل أبناؤه البررة من بعده المسيرة، فبنوا على الأسس التي أرساها، يرحمه الله، حيث واصل أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدلله، يرحمهم الله جميعاً، البناء والتطوير وتحديث المملكة في شتى الجالات، متمسكين دوماً بمبادئ وقيم الملك المؤسس، ومدافعين عن العقيدة الإسلامية، ومتفانين في خدمة الوطن والمواطن.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تواصل المملكة مسيرة التطوير والتحديث في كافة المجالات، إذ تعيش المملكة في عهده الزاهر مرحلة ازدهار وعزم على الإنجاز والتعمير والتشييد لتوفير كل سبل الرفاهية للمواطنين، فقد بدأ عهده الميمون بتطوير الهيكل الإداري، مما وضع المملكة على مشارف مرحلة واعدة بالخير والرفاه، تأكيداً لحرصه، يحفظه الله، على استثمار كافة الموارد الوطنية لخدمة الوطن والمواطن.

لقد بدأ تنفيذ استراتيجية التحول الوطني لتطبيق رؤية 2030، رؤية الحاضر والمستقبل، معلنة دخول المملكة مرحلة جديدة من مراحل تطورها لتنويع مصادر الدخل وزيادة كفاءة الأداء الحكومي وتوفير الرخاء والرفاه لمواطنيها.

وفي عام 2017 تم التوقيع على مشروع «نيوم»، وهو مشروع سعودي لمدينة مخطط لبنائها عابرة للحدود أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ويهدف مشروع نيوم ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 إلى تحويل المملكة الى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، كما وقعت المملكة مذكرة تفاهم مع شركة الاتصالات اليابانية حول مشروع الطاقة الشمسية، وفي أبريل 2018م دشن خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، مشروع القدية الترفيهي، الذي يضم جبالاً وأودية وإطلالة على الصحراء، وهذه المدن الاقتصادية الثلاث تعتبر الأكبر في العالم.

وجاءت هذه الرؤية واستراتيجية التحول الوطني لتعبّران عن طموحات القيادة لتعكس قدرات بلادنا ولتؤكد أن مستقبل المملكة مبشر وواعد، ويستمد قوته بعد الله سبحانه وتعالى من الإدارة القوية وسواعد الشباب.

لقد استطاع خادم الحرمين الشريفين، بخبرته الواسعة بشؤون السياسة والإدارة أن ينهض بالمملكة نهضة نوعية في شتى المجالات، على الرغم من كل التطورات والظروف والأحداث الإقليمية والدولية التي أحاطت بالمنطقة مؤخرا، مما مكن المملكة من المحافظة على مكانتها الدولية كإحدى الدول العشرين الأكثر تأثيراً في العالم سياسياً واقتصاديا.

وتواصل المملكة في عهده الميمون الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية فتقود بدبلوماسية نشيطة الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي لإحلال الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع، وقد توجت تلك الجهود بانعقاد القمة العربية الإسلامية- الأميركية في الرياض خلال شهر مايو الماضي.

وتواصل المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين جهودها في التصدي للمشاريع الإقليمية والدولية التي تريد الهيمنة وبسط النفوذ الأجنبي في المنطقة، وهي أخطار تنبه لها، فقادت المملكة تحالفا عربيا تمثل في عملية عاصفة الحزم لمواجهة الجماعات المسلحة الخارجة على سلطة الدولة اليمنية، والتي سعت الى الهيمنة على مؤسسات الدولة في اليمن الشقيق، وجعله قاعدة للنفوذ الأجنبي، ثم تلت عملية عاصفة الحزم عملية إعادة الأمل، كما تواصل المملكة جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة في اليمن، إضافة إلى استمرارها في تقديم المساعدات المالية والإنسانية للشعب اليمني الشقيق.

وتمارس المملكة منذ تأسيسها دورها المحوري في محيطها الإقليمي وفي المجتمع الدولي، من منطلق مكانتها الإسلامية وعمقها العربي، لكونها حاضنة للحرمين الشريفين اللذين يحظيان باهتمام خاص من قبل قيادة المملكة، فقد شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة في السنوات الأخيرة أكبر عمليات التوسعة والإعمار عبر تاريخهما، لتمكين حجاج بيت الله والمعتمرين من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة، وتتسارع الخطوات للانتهاء من مشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد في جدة، وكذلك قطار الحرمين وغيرها من مشاريع البنى التحتية التي تخدم الأماكن المقدسة.

وفي مجال العمل الإنمائي والإنساني تقوم المملكة انطلاقا من التزاماتها الدينية والإنسانية بالمساهمة في جهود الإغاثة والأعمال الإنمائية في كافة أنحاء العالم، وبلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال العقود الأربعة الماضية حوالي 140 مليار دولار.

وقد توجت تلك الجهود بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والذي يتولى توزيع المساعدات الإنسانية المقدمة من المملكة للدولة الأخرى.

وتضطلع المملكة بدور رئيسي في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، مواصلة تصديها لظاهرة الإرهاب، التي كانت هي من أوائل الدول التي عانت منه، حيث فقدت عدداً من ابنائها شهداء في العمليات الإرهابية، ولكن المملكة تمكنت بفضل الله، ثم بفضل القيادة الحكيمة والجهود الأمنية المكثفة من إحباط العديد من المخططات الإرهابية للفئات الضالة.

وقد استشعرت قيادة المملكة أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، فنظمت أول مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، وأنشأت المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، الذي تم تدشينه أثناء انعقاد القمة العربية - الإسلامية - الإمريكية بالرياض في مايو الماضي، ودعمت الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الجماعات الإرهابية إدراكاً منها أن الارهاب لا يعرف حدوداً ويشمل بضرره الإنسانية جمعاء.

وفي هذه المناسبة الوطنية الغالية لا يفوتني أن أتطرق الى العلاقات الوثيقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة التي أكدت الأيام أنها أصبحت نموذجا يحتذى في العلاقات بين الدول، فالتواصل بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، يحفظهما الله، وكافة المسؤولين وعلى كافة المستويات مستمر، مما انعكس على العلاقات المتميزة بين الدولتين الشقيقتين.

وقد تم مؤخرا التوقيع على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الكويتي 2018م، الذي يهدف الى مزيد من التنسيق وتوثيق العلاقات بين البلدين الشقيقين.

ويشرفني في هذه المناسبة أن أتقدم بالتهنئة بحلول اليوم الوطني المجيد الى مقام خادم الحرمين الشريفين، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وإلى الأسرة المالكة الكريمة، وإلى الشعب السعودي النبيل، داعيا المولى عز وجل أن يحفظ وطننا الغالي من كل مكروه، وأن يعيد هذه المناسبة على الجميع بكل الخير، وأن يديم على المملكة وشقيقتها الكويت وعلى سائر الدول العربية والإسلامية الأمن والأمان والاستقرار والرخاء».

* سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الكويت

back to top