الكويت ولبنان علاقة تاريخية

نشر في 17-09-2018
آخر تحديث 17-09-2018 | 00:20
 أ.د. غانم النجار عندما نؤكد أن علاقة الكويت بلبنان تاريخية، فهذا ليس من قبيل المجاملة، بل هو تأكيد، وهي علاقات رسمية وتجارية وشعبية منذ زمن بعيد، شوائبها قليلة، وتجلياتها كثيرة، لم تتأثر بكل الظروف الصعبة والمتغيرات المعقدة التي مرّ بها لبنان ومازال.

فمحيط لبنان أكثر تعقيداً من محيط الكويت، وتاريخه أكثر تشعباً، لكن مع ذلك ظلت العلاقة الكويتية - اللبنانية راسخة دون إشكالات تُذكَر حتى يومنا هذا.

عندما غزت القوات العراقية الكويت في الثاني من أغسطس 1990 كان لبنان، على لسان رئيس وزرائه سليم الحص، أول دولة تستنكر هذا الغزو.

وعندما اعتدت إسرائيل على لبنان في يونيو 2006، تنادى الكويتيون من كل مشاربهم لدعمه، دون اعتبار لتباين التوجهات والاختلافات، وكان التجاوب الشعبي الكويتي كبيراً وعفوياً. ورأيت ذلك التجاوب عن قُرب، لأني كنت ضمن العاملين في إحدى لجان دعم لبنان، وربما كنت مع الصديق ساير الساير من أوائل مَن وصلوا إلى بيروت بعد تلك الحرب اللعينة، للإشراف على إيصال المساعدات على الأرض، دون منّة، بل كان ذلك استشعاراً للواجب.

من جانبه، بذل الصندوق الكويتي للتنمية، ومازال يبذل، جهوده الملحوظة في تنمية لبنان بمشاريع البنية التحتية وغيرها. وفي أحد المشاريع أنشأ 6 مستشفيات تم اختيار أماكنها بعناية في المناطق اللبنانية المختلفة إثنياً ودينياً ومذهبياً، دون تفرقة أو تمييز، خدمةً للمواطن اللبناني مباشرة، والجيد في الأمر أن تلك المشاريع أُنجِزت في وقتها، ووفق أحسن المواصفات، ثم سُلّمت للجهات المعنية بلبنان، وبالتأكيد بوتيرة أفضل من وتيرة إنجاز المشاريع عندنا في الكويت.

ويدرك اللبنانيون ذلك جيداً، ويدركون أن الكويت لا تتدخل في الصراعات الداخلية في بلادهم، بل تتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، لا سيما أن هذه الصراعات صعبة ومعقدة، ولها أبعاد إقليمية وخارجية يدركها القاصي قبل الداني. وقدرة الكويت على الحفاظ على تلك المعادلة الصعبة في لبنان، بحد ذاتها، تعد إنجازاً كبيراً.

وبالتالي لم تكن هناك مصلحة بالمطلق في إثارة موضوع أوله كذب وآخره افتراء يسيء لصاحب السمو أمير البلاد، عبر قناة حزبية، غير مستقلة، الكلمة فيها محسوبة. ولو كان الأمر اختلافاً في الرأي، لما حق لأحد أن يعترض، ولناقشناه على مستوى الرأي، فنحن نختلف مع حكومتنا أكثر مما نتفق معها، ولكن عندما تتضمن المسألة جملة أكاذيب ويبني عليها صاحبها رأياً متهافتاً، فذلك أمر مستهجن، ومستنكر ومستغرب.

لا أشاهد التلفزيون منذ زمن طويل، ولولا الـ "واتساب" القاتل لما علمت بالموضوع، ولكنها ربما كانت فرصة جيدة لاستعادة زمام العلاقة التاريخية مع لبنان، حيث جاءت ردود الفعل السياسية والشعبية والرسمية اللبنانية تأكيداً لذلك... وربّ ضارة نافعة.

back to top