زكي الصدير: كتابة القصيدة مختلفة عن سرد اليوميات

«على الشاعر الاعتناء بلغته وألا يكترث لمن يكتب أو كيف؟»

نشر في 13-09-2018
آخر تحديث 13-09-2018 | 00:00
قال الشاعر زكي الصدير إن تسميته ديوانه الأخير بـ«عودة غاليليو»، ترجع إلى أن ثمة حالة نفسية اجتاحت الشعوب العربية عقب الربيع العربي.
استضافت منصة "تكوين" للكتابة الإبداعية، في مقرها بمجمع لايف سنتر بالشويخ، الشاعر زكي الصدير، الذي ألقى مجموعة متنوعة من القصائد، وفق منظومة شعرية منتقاة. وقدَّم الأمسية الشاعر محمد العتابي.

في البداية، أعطى العتابي نبذة ثرية عن الصدير، وقال إنه من مواليد مدينة القطيف السعودية، وإنه شاعر وكاتب، وشارك في أمسيات شعرية عديدة داخل المملكة وخارجها، وإنه مدير سابق لبيت الشعر في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، وصدرت له عدة دواوين شعرية، منها: "حالة بنفسج" عام 2006، "عودة غاليليو"، وهو مجموعة شعرية عن منشورات المتوسط الإيطالية عام 2018، "المبيت في خنادق الملح"، وهي مجموعة شعرية في طريقها للطباعة، وأيضا "منسيون"، وهو نص سردي في طريقه للطباعة.

حالة إنسانية

استهل الصدير الأمسية معبِّرا عن سعادته بوجوده في "تكوين"، وقال: "ربما من المصادفة أن تاريخ الأمسية يصادف 11 سبتمبر"، لافتا إلى أنه زار موقع الحادث في منهاتن قبل أشهر، وشهد المنطقة جغرافيا بالتفصيل، ويتذكرها فعلا كحالة إنسانية، وأنه قام بقراءة الأسماء الموجودة أمام النصبين، فكانت من جميع الهويات.

بعد ذلك، بدأ الصدير بقراءة مجموعة من قصائده، التي استلهمت الحياة في أشكالها المختلفة، للوصول إلى حالة شعرية متفاعلة مع المتلقي، فقرأ قصيدة بعنوان "فزاعة الملح"، ليقول:

يحرسنا من حروب الملح

كان يراقب الصحراء كثيبا كثيبا

يقيم على فنار الرمل

يفتح يدين من غيوم، ويصد سهام الغزاة

يعوي كلما طارت الريح عليه

نسي أن البحر مالح أيضا

وتناول الصدير في قصائده الكثير من المضامين، التي استطاع أن يتواصل فيها مع الواقع، عبر ممرات خيالية، ليقول في قصيدة "الذئب المعطل":

كلما حدق ذئب في خرافي، لُذْتُ بالباب

رؤية لا نهاية لاحتمالات الهرب

ولإمكانية المكوث أيضا

خدعة الجدران

تلويحة الضائع:

ليست طريقا متاحة، ولا بئرا للطمأنينة

الباب موصود

الجدران مشرعة

والذئب المعطل بين خرافي

وعلى هامش الأمسية، قال الصدير إن هذه الأمسية الشعرية ليست الأولى له في الكويت، وإنه زار البلاد مرات عدة من قبل.

وعن سبب تسميته ديوانه الأخير بـ"عودة غاليليو"، قال إن ذلك يرجع إلى أن ثمة حالة نفسية اجتاحت الشعوب العربية عقب الربيع العربي بشكل عام، بأن هذا الربيع أوجد لهم مساحة كبيرة للعمل، والحرية، وتحقيق الأحلام.

وأشار إلى أن تلك الأحلام تذكِّره بغاليليو، الذي قال شيئا لم يؤمن به، حيث دفعه الخوف لذلك، حيث قال إن الأرض تدور، لكنه قال في المحكمة إنها لا تدور، إيمانا بأفكار الكنيسة.

ولفت إلى أن الخوف في الوطن العربي اجتاح الأفراد البسطاء، وهو ما يُشعره بعودة غاليليو، "فمناخ العمل كله ينطلق من خوف الإنسان العربي بعد هذا الربيع".

وبسؤاله بأنه لُوحظ أن بعض الشعراء بعد الربيع العربي هجروا الشعر الرومانسي وبدأوا يكتبون الشعر اليومي، قال: "أعتقد أن ذلك سيحول الشعر إلى مقال أو كتابة عادية، فكتابة القصيدة مختلفة عن سرد اليوميات، وعلى الشاعر أن يهتم ويكثف من الرمز وحالته، وأن يعمل وهو حُر في استخدام أدواته؛ سواء كانت عمودية، أم قصيدة نثر، أو تفعيلة، المهم ألا يعطي أفكاره على طبق من ذهب للمتلقي".

وأضاف: "أنا مؤمن تماما بأن على الشاعر تحريك التفسير أو التأويل، لا أن يعطي الأشياء جاهزة".

وذكر الصدير أنه مشغول بالقراءة الفلسفية بالدرجة الأولى، لافتا إلى أن انعكاس ذلك يكون حاضرا في النص، فالسؤال الفلسفي ينعكس على مزاج الشعر وطقوسه.

وعما إذا كانت هناك حرية للشاعر العربي، أم هناك ضوابط تمنعه من أن ينطلق بشعره، قال الصدير: "سواء كان الشاعر العربي حُرا، أم هناك ضوابط باختلاف الجغرافيات العربية، فعليه أن يعتني باللغة بالدرجة الأولى، وألا يكترث لمفهوم كيف أقول، ولمن أقول، وإلى ماذا سيؤدي هذا القول من نتائج، فاللغة ثم اللغة والعناية بها بالدرجة الأولى، وبمعزل عن الجغرافيا".

وعن رأيه في الجوائز، وأن هناك الكثير من الأدباء لديهم اهتمام بهذا الموضوع، أوضح الصدير: "مضحك هذا الأمر، فالبحث عن الجائزة لا يتناسب مع الشاعر أبدا، الذي من المفترض أن ينطلق من القصيدة، لا بحثا عن الجائزة، فهناك صيادو جوائز، ربما تكون نصوصهم جميلة، لكن قصيدتهم مفصَّلة وفق هذه الجائزة واشتراطاتها، فلكل جائزة اشتراطات، والمشارك ينطلق بناء عليها، فهو سيفصِّل ثوبا ربما لا يتناسب مع شخصيته كشاعر، بقدر تناسبه مع اشتراطات الجائزة، وهذه مشكلة كبيرة".

وأوصى الصدير الشباب الذين أثروا الساحة الشعرية، بالقراءة بالدرجة الأولى، وألا يقعوا في ورطة قلق التأثر، "فهذا الأمر سلبي جدا، فهناك شعراء كثيرون في الوطن العربي، للأسف، أعادوا صناعة شعراء آخرين؛ ربما ماتوا أو مازالوا موجودين، وكأن النص امتداد لروح شاعر ما. أعتقد أن كثرة القراءة تقي الشاعر من الوقوع في فخ التأثر السلبي، وستخلق منه شاعرا مستقلا وله نصه الخاص".

كثرة القراءة تقي الشاعر من الوقوع في فخ التأثر السلبي
back to top