الحلقة المفقودة في الاستجابة للاجئين

نشر في 12-09-2018
آخر تحديث 12-09-2018 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت زرت مستوطنة كوتوبالونغ للاجئين في بنغلادش، حيث يعيش مئات الآلاف من الروهينغا الفارين من العنف المروع الذي عانوه في ميانمار، ومع هطول الأمطار الموسمية، رأيت الفتيات والفتيان يتعلمون أساسيات القراءة والكتابة والحساب لمدة ساعتين فقط في اليوم، بعد ذلك، يتم تسليم الحجرة إلى المجموعة التالية من التلاميذ.

لقد كان من المحزن رؤية هذا المشهد الشبيه بالتعليم المدرسي، لاسيما أنه كان من الواضح أن هؤلاء الأطفال يحبون ويقدرون تعلمهم، بدون التعليم، سيتعرض مستقبلهم، ومستقبل مجتمعاتهم لأضرار لا يمكن إصلاحها. إن أكثر من نصف اللاجئين في العالم هم من الأطفال، ولكن بين اللاجئين الذين هم في سن المدرسة لا يحصل أكثر من نصفهم على التعليم. في المجموع، أربعة ملايين من العقول الشابة لا يتلقون التعليم الذي يحتاجون إليه لتحقيق أحلامهم، والأسوأ من ذلك أن عدد الأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس قد زاد بمقدار 500.000 طفل في العام الماضي وحده، وإذا استمرت هذه الاتجاهات، فسيُضاف مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين الآخرين إلى صفوف المحرومين من التعليم.

من الواضح أن هناك حاجة ماسة لمزيد من الاستثمار في تعليم اللاجئين، وقد تعهدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتعزيز "الفرص التعليمية الدائمة للجميع"، كجزء من خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وفي إعلان نيويورك لعام 2016 الخاص باللاجئين والمهاجرين، تعهدت الحكومات بإيجاد حل اللاجئين في العالم، وتحسين إمكانية حصول الأطفال اللاجئين على التعليم. كانت هذه التزامات مهمة، لكنها ستظل جوفاء إلى أن يحصل اللاجئون الأطفال على نفس الفرص المتاحة لغيرهم للالتحاق بالمدرسة. إن أعمال العنف والاضطهاد التي تدفع الناس إلى النزوح من منازلهم، والتي تدمر حياة الأسر المستقرة، وتجبر الكثيرين على العيش في الفقر، تضر أيضا بصحة الأطفال الجسدية والنفسية، الذين غالبا ما يكونون الأكثر تضررا جراء تفاقم أزمات اللاجئين في العالم.

لكن الأطفال يتمتعون بمرونة غير عادية، ومن خلال التعلم واللعب والاستكشاف، يجدون طرقًا للتكيف مع وضعهم، وإذا أتيحت لهم الفرصة، يمكنهم السير قدما إلى الأمام. ولهذا نحن في وكالة الأمم المتحدة للاجئين نعتبر التعليم جزءًا أساسيًا من الاستجابة للاجئين. وبما أن السكان النازحين يقضون اليوم سنوات وحتى عقودا في المنفى، يمكن لطفل لاجئ أن يعيش طفولته بأكملها دون العودة إلى وطنه.

علاوة على ذلك، يميل اللاجئون الأطفال إلى النزوح عدة مرات قبل عبور الحدود، وبالنسبة للأطفال الذين تضررت حياتهم بهذه الطريقة، غالباً ما تكون المدرسة هي المكان المناسب لاستعادة إحساسهم بالأمان والصداقة والنظام والسلام. وبغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني أو وضع آبائهم، فللأطفال اللاجئين الحق في تلقي الدروس الرسمية التي تمكنهم من تنمية قدراتهم، لكن ساعتين في اليوم لا تكفيان، إنهم بحاجة إلى المناهج الدراسية المناسبة الخاصة بالمدارس الابتدائية والثانوية، لاكتساب المهارات اللازمة للتعليم الجامعي أو التدريب المهني العالي.

ولتحقيق ذلك، يجب إدراج الأطفال اللاجئين في أنظمة التعليم الوطنية في البلدان المضيفة، في بنغلادش، على سبيل المثال، التحق العديد من أطفال الروهينغا بالمدرسة للمرة الأولى، هذا تقدم مرحب به، لكن الافتقار إلى المدرسين المدربين والمناهج الدراسية الرسمية سيحد بشدة من آفاقهم المستقبلية.

وبطبيعة الحال، فإن دور التعليم أعمق من المؤهلات الأكاديمية، ويمكن أن يساعد التعليم الشباب على معالجة وإحياء دول بأكملها، سوف ينمو الأطفال اللاجئون الذين يتلقون تعليماً سليما للمساهمة في مجتمعاتهم المضيفة وفي بلدانهم الأصلية عندما يسمح لهم السلام بالعودة.

وبفضل هذه الإمكانيات الطويلة الأجل، أضحى التعليم أداة رئيسية لحل أزمات العالم، لقد أصبح اللاجئون الشباب الذين تلقوا تعليما جيدا جراحين وطيارين ومحامين وإحصائيين وصحفيين وقادة مجتمع وعلماء ومدرسين للأجيال القادمة.

لكننا شهدنا أيضا خيبة أمل لكثير من اللاجئين الشباب، إذ يحصل أقل من ربع لاجئي في العالم على التعليم الثانوي، وبالكاد يصل 1 في المئة منهم إلى مستويات أعلى، وتكمن المشكلة في أن 92 في المئة من اللاجئين في سن الدراسة في العالم يعيشون في البلدان النامية التي تعاني مدارسها نقصاً كبيراً في التمويل. تحاول بعض الحكومات بالفعل دمج الأطفال اللاجئين في نظم التعليم الوطنية، ولكن إذا أرادوا تحقيق ذلك، فسيحتاجون إلى دعم أكبر لتوسيع البنية التحتية اللازمة.

لا يتمثل حل مشكلة تعليم اللاجئين في إدماج الأطفال في نظام تعليمي متواز يعتمد على مواد قديمة أو فصول دراسية مؤقتة أو مدرسين غير مدربين، ولن يكون التعليم المرتجل جيدا بما فيه الكفاية.

لهذا ينبغي على المنظمات الإنسانية والحكومات والقطاع الخاص زيادة التمويل المخصص للتعليم، وخلق برامج مبتكرة ومستدامة لدعم الاحتياجات التعليمية الخاصة للاجئين، علينا أن نلتزم بوعد إعلان نيويورك وأن نبدأ بتحويل الأقوال إلى أفعال.

في وقت لاحق من هذا العام، ستقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد الميثاق العالمي حول اللاجئين، الذي يحدد إطار عمل لتحقيق أهداف إعلان نيويورك لتحسين استقلالية اللاجئين وتخفيف العبء على الدول المضيفة. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن تتضمن أي مبادرة تهدف إلى تحسين حياة اللاجئين الحصول على المزيد من الفرص والموارد التعليمية، إنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ مستقبل اللاجئين، وواحدة من أفضل الطرق لضمان عالم أفضل للجميع.

*فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. "بروجيكت سنديكيت، 2018" بالاتفاق مع "الجريدة"

back to top