تحديد مذنب وراء التصلب المتعدد

نشر في 11-09-2018
آخر تحديث 11-09-2018 | 00:00
 ميديكال نيوز لاين ما زال العلماء يجهلون أسباب مرض التصلب المتعدد، إلا أن بحثاً جديداً يسلّط الضوء على آليات مختلة في جهاز المناعة تؤدي دوراً في ظهور هذه الحالة.

التصلب المتعدد أحد أمراض المناعة الذاتية، ينجم عن مهاجمة جهاز المناعة الميالين خطأ، والميالين مادة تغلف المحاور العصبية، التي تشكّل امتدادات تسمح للخلايا العصبية بالترابط ونقل المعلومات، وتُدعى هذه العملية بإزالة الميالين، وتؤثر في وظائف الجهاز العصبي المركزي السليمة.

تترافق هذه الحالة مع مشاكل في التوازن والتنسيق، فضلاً عن البصر، وما هذا إلا غيض من فيض تأثيراته، وما زال العلماء يجهلون أسباب التصلب المتعدد بالتحديد، غير أنهم يكتشفون تدريجياً آليات تؤدي دوراً ويسلطون الضوء على المزيد من المذنبين الخلويين المعنيين.

برهن أخيراً عالم الأعصاب رولاند مارتن، وعالمة المناعة ميرييا سسبيدرا من جامعة زيورخ ومستشفى زيورخ الجامعي، وكلاهما في سويسرا، وزملاؤهما، على أن نوعاً من الخلايا المناعية يُدعى الخلايا البائية يؤدي دوراً في ردود الفعل المناعية الذاتية التي تميّز التصلب المتعدد.

في الدراسة التي نُشرت أخيراً في مجلة "الخلية"، يوضح الباحثون أن الخلايا البائية تؤثر في نشاط نوع آخر من الخلايا المناعية، وهي الخلايا التائية، مما يسبب بالتالي الالتهاب.

ويذكر مارتن: "نجحنا للمرة الأولى في إظهار أن بعض الخلايا البائية، وهي خلايا في الجهاز المناعي، تنتج أجساماً مضادة، تنشّط خلايا تائية محددة تسبب الالتهاب في الدماغ، فضلاً عن آفات في الخلايا العصبية".

وتميل الدراسات التي تتناول التصلب المتعدد إلى التركيز على دور تلك الخلايا التائية في تطور هذه الحالة، بما أن مهمة هذه الخلايا تشمل تحفيز رد الفعل المناعي المناسب ما إن ترصد وجود ممْرضات.

عندما يختل عمل الخلايا التائية فإن هذا يؤدي إلى الآفات المضرة والالتهاب اللذين يرتبطان بأمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد، لكن مارتن وزملاءه اكتشفوا أن الخلايا التائية قد تنشط بفعل خطأ خلايا مناعية متخصصة أخرى وهي الخلايا البائية.

لاحظ الباحثون ذلك بعدما رأوا تأثيرات بعض الأدوية المستخدمة لعلاج التصلب المتعدد. ويوضح مارتن أن "فئة من أدوية التصلب المتعدد تُدعى Rituximab وOcrelizumab قادتنا إلى الاعتقاد بأن الخلايا البائية تؤدي أيضاً دوراً مهماً في عملية نشوء هذا المرض".

ويضيف معدو تقرير الدراسة أن هذه الأدوية توقف التهاب الدماغ بإزالة الخلايا البائية، مما يشير إلى أن هذه الخلايا المناعية مسؤولة في النهاية عن نشاط الخلايا التائية.

وكي يفهم العلماء بشكل أفضل دور الخلايا البائية في الالتهاب، حللوا عينات دم أُخذت من عدد من مرضى التصلب المتعدد بواسطة طريقة اختبارية في الأنبوب، ولاحظوا أن هذه الخلايا البائية تتفاعل مع خلايا تِائية متخصصة، معززةً نشاطها ودافعةً إياها إلى الانقسام أكثر، مما يغذى بالتالي دورتها الهجومية.

اتضح للباحثين أن الخلايا البائية كانت السبب وراء نشاط الخلايا التائية لأنهم عندما أزالوا الخلايا الأولى، لاحظوا أن الأخيرة توقفت عن الانتشار.

وبينما يؤكد مارتن: "أننا نستطيع أن نوضح اليوم آلية أدوية التصلب المتعدد هذه التي كانت سابقاً غامضة"، يشير الباحثون أيضاً إلى أن الخلايا التائية الناشطة التي درسوها في عينات الدم ضمت مجموعات من الخلايا التائية تنشط في التهاب الدماغ المرتبط بالتصلب المتعدد.

وقد أوضح مارتن وزملاؤه أن الخلايا التائية تستطيع قراءة البروتينات التي تطلقها الخلايا البائية وتمييز الخلايا العصبية في الدماغ على حد سواء، ويذكرون أن الخلايا التائية تنشأ أولاً في الدم المحيطي لتنتقل بعد ذلك إلى الدماغ، حيث ينتهي بها المطاف إلى مهاجمة الميالين.

ويختم مارتن: "لا تعلل اكتشافاتنا كيفية عمل أدوية التصلب المتعدد الجديدة فحسب، بل تمهد الدرب أيضاً أمام مقاربات جديدة في عمليات البحث والعلاج الأساسية المعنية بالتصلب المتعدد".

back to top