سرطان المبيض... هجوم مزدوج ضدّه

نشر في 09-09-2018
آخر تحديث 09-09-2018 | 00:00
No Image Caption
لا شكّ في أن إصابة هدفَين في الخلية السرطانية تزيد إلى حد كبير قدرة العلاج بالأجسام المضادة على قتل سرطان المبيض. نظرة إلى مقاربة جديدة في هذا الشأن توصّل إليها العلماء أخيراً.
العلاج بالأجسام المضادة نوع من العلاجات المناعية يستخدم الأجسام المضادة المحسّنة بغية تحديد أهداف في المرض، ثم قتلها أو استدعاء الخلايا المناعية لقتلها. لكن نجاح هذا العلاج في التصدي لسرطان المبيض وغيره من أورام صلبة يظلّ محدوداً.

تشمل أسباب هذا الواقع عدائية بيئة الورم الصغرية، التي تصعّب على الأجسام المضادة المصممة لقتل الخلايا السرطانية بلوغها.

طوّر العلماء في كلية الطب في جامعة فيرجينيا في شارلوتسفيل مقاربة يبدو أنها ستنجح في تخطي هذه العقبة. وصفوها بـ«القائمة على عامل واحد مع خاصية استهداف مزدوجة» في تقرير دارسة نُشر في مجلة «خلية السرطان».

اعتمدت المقاربة على جسم مضاد «مزدوج» يصيب هدفين في خلية سرطان المبيض. أحدهما بروتين يُدعى مستقبِل الفولات ألفا - 1، الذي يُعبَّر عنه بوضوح في سرطان المبيض. يستخدم الجسم المضاد هذا الهدف للتركيز على الخلية السرطانية و«ربط» نفسه بها. أما الهدف الثاني، فبروتين آخر يُدعى مستقبل الموت 5. بالاتحاد به، ينشّط الجسم المضاد موت الخلية.

«نلاحظ جهوداً كثيرة في مجال العلاج المناعي للسرطان، إلا أن نجاحها يبقى محدوداً في الأورام الصلبة»، يقول جوجندر توشير-سينغ، باحث بارز شارك في وضع تقرير الدراسة وبروفسور مساعد متخصص في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي.

العلاج المناعي

يحتلّ سرطان المبيض في الولايات المتحدة المرتبة الخامسة بين أسباب الوفاة جراء السرطان الأكثار شيوعاً بين النساء. من بين أنواع السرطان التي تصيب جهاز المرأة التناسلي، يُعتبر الاكثر فتكاً.

تشير تقديرات الجمعية الأميركية للسرطان إلى أن «نحو 22240 امرأة» سيكتشفن أنهن مصابات بسرطان المبيض في عام 2018 وأن نحو 14070 سيخسرن حياتهن بسببه.

علاجات الأجسام المضادة علاجات مناعية تعتمد على أجسام مضادة معدة هندسياً تتمتع بقدرة عالية على العثور على مواد محددة في الخلايا السرطانية والالتصاق بها. ولهذا السبب، تُدعى «علاجات مستهدفة».

يستخدم بعض هذه العلاجات الأجسام المضادة كمؤشرات تتيح لخلايا مناعية أخرى العثور على أهدافها بسهولة أكبر وتدمير الخلايا السرطانية. أما البعض الآخر، مثل النوع الذي قرر توشير-سينغ وفريقه العمل عليه، فيستعمل أجساماً مضادة يمكنها منع الخلايا من الانقسام أو حتى قتلها. وثمة أيضاً نوع ثالث يُستخدم لنقل الأدوية إلى خلايا الأورام.

يشكّل سرطان المبيض ورماً صلباً، ما يعني أن النمو الخبيث لا يحتوي عادةً على سوائل أو كيسات. وتشمل الأمثلة الأخرى لهذا النوع من السرطان سرطان الثدي وسرطان البروستات.

تمثّل الأورام الصلبة تحدياً كبيراً لعلاجات الأجسام المضادة لأنها تملك بيئة صغرية تصعّب ظروفها (مثل انخفاض الأوكسجين) على الخلايا المناعية النجاة وأداء مهامها.

أجسام مضادة «برأسين»

يوضح توشير-سينغ تحدياً آخر يرتبط ببيئة الورم الصلب الصغرية ويحدث خصوصاً مع سرطان المبيض: «يشكّل بعض المستقبلات الكبيرة على نحو غريب سياجاً حامياً حول خلايا الورم. لذلك، حتى لو بلغتها الخلايا المناعية، تواجه عقبات كثيرة». نتيجة لذلك، ركّز الباحث وزملاؤه على كيفية التغلب على عدائية هذه البيئة الصغرية. وهكذا خطرت لهم فكرة استخدام أجسام مضادة «برأسين».

يتّحد أحد الرأسين ببروتين مستقبِل الفولات ألفا1 في الخلية السرطانية، فيما يركّز الرأس الآخر على قتلها بتحفيز مستقبل الموت. وسبق أن «برهنت الأبحاث بشكل حاسم» أن مستقبِل الفولات ألفا1 يشكّل مؤشراً لحالات سرطان المبيض التي تؤدي غالباً إلى نتائج سيئة.

يعتقد العلماء، بالاستناد إلى التجارب المخبرية التي أجروها على خلايا وفئران، أن الأجسام المضادة المعدة هندسياً أكثر قدرة بنحو مئة مرة على قتل خلايا سرطان المبيض، مقارنةً بتلك التي اختُبرت في تجارب سريرية.

علاجات أجسام مضادة أخرى

يذكر توشير-سينغ أن الميزة الأخرى لهذه المقاربة أنها لا تنتج على ما يبدو التأثيرات الجانبية السامة التي تُرى مع كثير من علاجات الأجسام المضادة الأخرى. يحدث غالباً أن يترك كثير من هذه الأجسام الدم بسرعة كبيرة ويتراكم في الكبد، مسبباً تسمم الأخير. ولكن لما كانت هذه المقاربة تضمن عثور الأجسام المضادة على «أرض خصبة» في الورم، فتبقى «بعيدة عن الكبد»، وفق توشير-سينغ.

يريد الباحثون في نهاية المطاف اختبار هذه الطريقة في تجارب بشرية، إلا أن الدرب ما زال طويلاً قبل أن تصبح جاهزة لهذه المرحلة. يحتاج الباحثون أولاً إلى تمويل مزيد من التجارب ما قبل السريرية، فضلاً تقديم طلب لدواء قيد الاختبار.

علاوة على ذلك، يذكر توشير-سينغ أن هذه المقاربة، مع بعض التعديلات، قد تُستعمل أيضاً لعلاج أورام صلبة أخرى، مثل أورام سرطان الثدي أو البروستات. كذلك من الممكن استخدامها «لإعادة إحياء» بعض علاجات الأجسام المضادة التي أدت إلى نتائج مخيبة.

يختم توشير-سينغ: «أعتقد بقوة أن هذه الميزة ستتيح لنا إنقاذ كثير من الأجسام المضادة، التي أخفقت سريرياً، ومنحها فرصة أخرى».

الأجسام المضادة قد تُستعمل لعلاج أورام صلبة أخرى مثل أورام سرطان الثدي أو البروستات
back to top