أي تديُّن هذا؟

نشر في 09-09-2018
آخر تحديث 09-09-2018 | 00:08
 مظفّر عبدالله أول العمود:

من الغريب أن تكون هناك أزمة خبز في السودان، وأزمة كهرباء وماء في البصرة، فالسودان بلد زراعي، والبصرة مكمن للنفط!

***

جرعات التدين في حياتنا اليومية كبيرة جداً ومصادرها متعددة. من ذلك الظهور الإعلامي لعدد لا بأس به من الشخصيات العاملة في الدعوة والإرشاد، أو النشاط البرلماني المتمثل في الاقتراحات والأسئلة النيابية التي يطلقها نواب من التيار الديني في المجلس التشريعي، أو حملات جمع الأموال التي تقوم بها جمعيات دينية ترافقها خطابات تحفيزية حول الطهارة والثواب، إلى جانب كثير من الكلمات التي يقرأها قياديو الدولة في المناسبات الرسمية، وما تحتويه من مسوحات دينية، إضافة إلى أنشطة المساجد التقليدية.

وكل ما سبق مفهوم ومقبول، لكن العصي على الفهم أن كم هذه الجرعة يثير علامات استفهام مقابل ما يحدث على الأرض!

فمنذ بداية الثمانينيات ومع بروز الحركة الدينية في الكويت ودخولها المعترك الاجتماعي والسياسي وتغلغلها في دقائق حياة الناس السلوكية، حيث كانت المنطقة بأكملها تستظل تحت أوامرها ونواهيها وبرعاية من الحكومات السخية إلى درجة السماح باستيراد أنماط تدين أخرى من أفغانستان وباكستان ومصر، وترويج لبطولات أمراء الحرب والإرهاب في تلك المناطق، واستضافتهم في الكويت في ندوات جماهيرية، ونضيف أيضاً ونُذكِر بانتشار جمعيات هذا التيار في كل مناطق الكويت وتوليها ورعايتها لمفهوم «الفضيلة» في المجتمع.

إلا أن نتائج ذلك في السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال، ويبدو أن جرعات التدين هذه كانت مُزيفة، أو لنَكُن دبلوماسيين أكثر ونقول إنها لم تكن على خط الفضيلة الذي كنا نتوقعه! كيف؟

نتائج ما يحدث في المجتمع اليوم تُفصِح عن أمور معاكسة تماماً، فتعاطي المخدرات والكحول في ازدياد، وعدد مراجعي مراكز العلاج من الإدمان والمصحات النفسية كذلك، وخصوصاً الشباب الذين كانوا هدفاً لحُراس الفضيلة، وعمليات الإساءة إلى العمالة المنزلية تُحرج الدولة، وسرقات المال العام، وتزوير الشهادات العلمية أصبحت عنوان المرحلة، ونسبة ازدياد حالات الطلاق بين الزيجات الحديثة مخزية، والعنف في المدارس أصبح خارج السيطرة، وإهانة موظفي الدولة في مكاتبهم مستمرة، وغير ذلك من السلوكيات اللاأخلاقية التي كُنا نعتقد بأن الجرعة الدينية في حياة الفرد منا كفيلة بتقليلها، لكن الذي حدث عكس ذلك!

السؤال هنا: ما هذا التدين الذي نعيشه؟ وما فائدته الفعلية على سلوكيات الناس؟ ومن يصنعه ويسوّقه؟ ولماذا يستسهل كثير من الناس الترويج لهذا النمط عبر هدير من رسائل النصح الديني عبر الهواتف الذكية مع معرفتنا الحقيقية بسلوكهم؟ أي تناقض هذا؟

هل خُدِعنا طوال ثلاثة عقود من الزمن بشكل من التديُّن كان يُظهِر الأخلاق كواجهة فقط من أجل حصد الزكوات والتبرعات تحت مظلة عمل الخير؟ لا أقلل هنا من مسؤولية الدولة، لكن أتساءل عن مصداقية من يُسوِّق لصور التدين بيننا!

back to top