بعد أزمتين هزتا اقتصادها... هل تنجو الأرجنتين من الثالثة؟

«البيزو» يعكس الاتجاه صعوداً مع رفع البنك المركزي الفائدة لـ 60%

نشر في 03-09-2018
آخر تحديث 03-09-2018 | 00:02
No Image Caption
التقطت عملة البيزو الأرجنتينية المنهكة أنفاسها، بعد أن قال البنك المركزي أنه سيطرح كمية كبيرة من احتياطياته الدولارية للبيع ومع إصدار صندوق النقد الدولي بياناً يعبر عن دعم قوي لحكومة الرئيس موريسيو ماكري.
البعض يرى أن تاريخ الأرجنتين يعيد نفسه، فبعد نحو 17 عاماً من إعلانها الإفلاس والتوقف عن خدمة ديون بأكثر من 80 مليار دولار، ومروراً بأزمة عام 2014، تواجه الأرجنتين من جديد شبح أزمة اقتصادية حادة تعصف بعملاتها، التي فقدت أكثر من 50 في المئة من قيمتها منذ بداية العام.

أعادت التظاهرات الحاشدة في العاصمة بوينس آيرس ومدن أخرى إلى الأذهان احتجاجات المواطنين على ارتفاع الأسعار وموجة التقشف الحادة ورفض اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، كما حدث في 2001 حين شهدت الأرجنتين أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة وبرز فيها أكبر تعثر عن سداد ديونها في تاريخ البلاد.

وتعاني الأرجنتين، ثالث قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية، وأحد اقتصادات مجموعة العشرين، انكماشاً وصعوبة في إنعاش اقتصادها مع قفزة التضخم إلى 31 في المئة في الـ 12 شهراً حتى يوليو الماضي، وسط التوترات التجارية العالمية التي ألقت بظلال سلبية على صادرات الأرجنتين.

فالتهاوي السريع لعملتها البيزو "peso" أمام الدولار أرغم البنك المركزي على رفع نسبة الفائدة الرئيسية بـ 15 في المئة دفعة واحدة إلى 60 في المئة لتصبح من أعلى المستويات عالمياً.

كما أجرى المركزي تدخلات واسعة في سوق الصرف، بما في ذلك بيع احتياطيات بـ 500 مليون دولار الأسبوع الماضي، ليرتفع ما ضخه المركزي منذ بداية العام لأكثر من 13 مليار دولار في سوق الصرف الأجنبي، لدعم العملة المحلية ولتتراجع بذلك احتياطياته لحوالي 54 مليار دولار.

ولم يخفف تسريع الحصول على دفعات قرض صندوق النقد بقيمة 50 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات دعماً لبرنامج التقشف الحكومي، وفقاً لما أعلنه الرئيس الأرجنتيني، من الضغط على العملة ولم يساهم في طمأنة الأسواق.

كما تسبب ارتفاع قيمة الدولار الأميركي في زيادة تكلفة الديون الأرجنتينية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى صعوبة نمو اقتصاد الأرجنتين، وهو ما دفع المستثمرين إلى التخلص من البيزو.

وتبلغ ديون الأرجنتين المقومة بالبيزو والعملة الأجنبية المستحقة السداد هذا العام حوالي 25 مليار دولار، في حين يبلغ إجمالي الحاجات التمويلية للعام الحالي ما يزيد على 32 مليار دولار.

في المقابل تتوقع الحكومة انكماش الاقتصاد بنسبة 1 في المئة في 2018، وتحقيق نمو بما لا يقل عن 1.5 في المئة في 2019 خصوصاً مع تلقيها 15 مليار دولار تُمثّل الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي.

ورفع البنك المركزي في الأرجنتين سعر الفائدة إلى 60 في المئة من 45 في المئة بعد هبوط عملة "البيزو" إلى مستوى متدن جديد أمام الدولار.

والتقطت عملة البيزو الأرجنتينية المنهكة أنفاسها بعد أن قال البنك المركزي، إنه سيطرح كمية كبيرة من احتياطياته الدولارية للبيع ومع إصدار صندوق النقد الدولي بياناً يعبر عن دعم قوي لحكومة الرئيس موريسيو ماكري.

وأنهى البيزو جلسة التداول مرتفعاً 6.08 في المئة عند 37 مقابل الدولار الأميركي، مقلصاً خسائره على مدار شهر أغسطس إلى 25.89 في المئة.

وقال البنك المركزي، إنه سيبيع احتياطيات من النقد الأجنبي بقيمة 675 مليون دولار في مزاد. ورغم ارتفاعه فإن البيزو يبقى العملة الأسوأ أداء في العالم منذ بداية العام الحالي. وقال أحد المتعاملين "البيزو يتعافى بفضل إجراءات البنك المركزي".

وكان الرئيس الأرجنتيني Mauricio Macri قد طلب من صندوق النقد الدولي تسريع الإفراج عن شريحة أموال جديدة من قرض مشروط بقيمة 50 مليار دولار، مع هبوط البيزو إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل الدولار وفي ظل توقعات سنوية للتضخم تتخطى 30 في المئة.

وواصل المركزي الأرجنتيني البيع من احتياطياته، في محاولة لوقف الهبوط الحاد للعملة المحلية التي فاقت خسائرها منذ العام الحالي 50 في المئة، مما أدى إلى تدخلات واسعة من المركزي الأرجنتيني ببيع احتياطيات بقيمة 500 مليون دولار هذا الأسبوع.

وسارت تظاهرات في بوينس آيريس كما في لا بلاتا وروساريو ومار ديل بلاتا احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وقام المتظاهرون بالقرع على آنية مطبخ كما في عام 2001 حين شهدت البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة اقترنت بأكبر تعثر في السداد في تاريخها.

وتشهد ثالث قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية حالياً انكماشاً وتجد صعوبة في إنهاض اقتصادها بالرغم من لجوئها إلى صندوق النقد الدولي الذي منحها في يونيو قرضاً بقيمة 50 مليار دولار.

وأعلن رئيس الأرجنتين أن صندوق النقد الدولي وافق على تسريع دفعات القرض دعماً لبرنامج التقشف الحكومي، غير أن ذلك لم يساهم في طمأنة الأسواق.

back to top