نقطة التحول القادمة في معركة المناخ

نشر في 03-09-2018
آخر تحديث 03-09-2018 | 00:00
إظهار الطموح المتعلق بالعمل المناخي من قادة كل القطاعات من المرجح أن يلهم الحكومات زيادة المساهمات التي تحددها قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في بولندا في ديسمبر، حيث ستعمل الحكومات على وضع اللمسات الأخيرة لإرشادات تطبيق اتفاقية باريس.
 بروجيكت سنديكيت ستعقد خلال أيام في مدينة سان فرانسيسكو القمة العالمية للعمل المناخي وهي واحدة من أضخم التجمعات الدولية المتعلقة بالتغير المناخي، وهذه الفعالية التي سيكون شعارها «دعونا نأخذ الطموح للمستوى التالي» تهدف إلى أن تكون بمثابة انطلاقة لبذل المزيد من الجهود لتمكين العالم من تحقيق الأهداف التي حددتها اتفاقية باريس للمناخ لسنة 2015.

إن هذه الفعالية هي بمثابة فرصة ذهبية لإحراز تقدم فيما يتعلق بالجهود لمكافحة الاحتباس الحراري، ولكن لا يمكن اغتنام هذه الفرصة إلا بمشاركة جميع الأطراف التي لديها مصلحة في هذا الخصوص.

لقد وافق المجتمع الدولي بموجب اتفاقية باريس للمناخ على الحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة العالمية لتقتصر على 2 درجة مئوية فقط– وفي الوضع المثالي 1.5 درجة مئوية فقط- فوق مستويات ما قبل الصناعة، ومن أجل تحقيق هذه الغاية، تم تكليف الحكومات بتطوير خططها الخاصة بها للعمل المناخي «المساهمات التي يتم تحديدها على مستوى الحكومات».

لكن الحكومات لا تستطيع عمل ذلك لوحدها، فالجميع– بما في ذلك على جميع المستويات الحكومية وقادة قطاع الأعمال والمستثمرين والمجتمع المدني– يجب عليهم المساهمة، وهذا يتطلب شكلاً جديداً من التعددية الشاملة، بحيث نستطيع كذلك تطبيقه من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تكمل التزامات اتفاقية باريس.

إن هذه المهمة لن تكون سهلة، ولكن هناك الكثير من الأسباب التي تدعونا إلى التفاؤل، فهناك زخم عالمي غير مسبوق من أجل بناء مستقبل يتميز بالكربون المنخفض والأمن المناخي واقتصاد ديناميكي صديق للبيئة ومجتمع مزدهر وبيئة صحية.

تشكل الطاقة المتجددة على مستوى العالم 70% من صافي الإضافات للقدرة على توليد الطاقة في سنة 2017 طبقا لتقرير الوضع العالمي عن الطاقة المتجددة لسنة 2018، كما أنه طبقا لتحالف أندرتو فإن هناك أكثر من 200 دولة ومنطقة وسلطة محلية ملتزمة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة الخاصة بها بما لا يقل عن 80% أقل من مستويات 1990 بحلول سنة 2050.

إن المراكز الحضرية كذلك قد عملت على تحسين قدراتها فيما يتعلق بالابتكار والقيادة بالنسبة إلى المناخ، فمدينة نيويورك أعلنت تعديل 14500 بناية من أكثر البنايات تلويثا للبيئة في المدينة، كما أصبحت مدينة شينزين أول مدينة في العالم لديها أسطول حافلات يعمل بشكل كامل بالطاقة الكهربائية، وأنشأت مدينة أوسلو ميزانية لحساب التأثير المناخي، وذلك من أجل الاسترشاد بها عند اتخاذ القرارات المالية.

على المستوى التجاري فإن هناك أكثر من 700 شركة بقيمة سوقية تتجاوز مبلغ 16 تريليون دولار أميركي قد عملت التزامات شاملة تتعلق بالمناخ، وذلك طبقا لائتلاف «وي مين بيزنيس» كما وقع 289 مستثمرا لديهم أصول تصل قيمتها إلى 30 تريليون دولار أميركي تقريبا على (المناخ 100+) وهي مبادرة مدتها خمس سنوات من أجل التواصل مع أضخم الشركات التي تبث الغازات الدفيئة في الجو وذلك من أجل تحسين إدارتها لموضوع التغير المناخي والحد من الانبعاثات وتعزيز الإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ، وكنتيجة لذلك فإن إصدار السندات الخضراء العالمية قد يصل إلى 300 مليار دولار أميركي هذا العام.

نحن ما زلنا بعيدين عن مرحلة الأمان، فالعلماء يتفقون أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية يجب أن تصل إلى نقطة تحول سنة 2020 لو أردنا أن نحصل على الحياد الكربوني (أي انبعاثات قليلة لدرجة القدرة على امتصاصها بشكل آمن من قبل الغابات والتربة وغيرها من الانظمة الطبيعية ) بحلول منتصف القرن. وحتى الآن فإن هناك 50 بلداً تقريبا قد حققت أو ربما قد حققت ذروة الانبعاثات فيها، وهناك بلدان أخرى عديدة قد تحذو حذوها قريباً، وهذا يعتبر تقدماً لكنه ليس كافيا.

في واقع الأمر فإن غازات الدفيئة في الجو لا تزال تتراكم بمعدل قد يأخذنا قريبا إلى ما هو أعلى من عتبة 1.5 درجة مئوية، مما يعني أنه لن يكون بإمكاننا تجنب بعض أسوأ التأثيرات للتغير المناخي.

لقد أصبحت أحوال الطقس القاسية أكثر شيوعا كما رأينا في درجات الحرارة التي سجلت ارتفاعا لم يسبق له مثيل هذا العام، وطبقا للتوجهات الحالية فإن معدل درجات الحرارة العالمية قد يرتفع ليصبح أعلى من 3 درجات مئوية، مما قد يعرض أنظمة طبيعية حيوية مثل الشعاب المرجانية والغابات المطيرة والمناطق القطبية للخطر.

فجميع الأطراف الذين لديهم مصلحة في هذا الخصوص بحاجة إلى تعزيز التزاماتهم المناخية، ومن أجل البدء بتلك العملية أصدرت القمة العالمية للعمل المناخي وشركاؤها مجموعة واسعة من التحديات الجديدة بما في ذلك أهداف تتعلق بالقضاء على الانبعاثات في المدن، وهي تستهدف قيام 500 شركة بتبني أهداف علمية ومبادرات من أجل زيادة عدد المركبات التي لا تبث أي انبعاثات في الجو.

إن مثل هذه الجهود لن تحمي بيئتنا فحسب، بل إنها ستعزز كذلك من اقتصاداتنا، وطبقا لتقرير أصدرته مؤسسة ذا نيو كلايمت إيكونومي مؤخرا فإن التحول القائم على خفض الكربون في قطاع النقل فقط سيخلق 23 مليون فرصة عمل عالميا بشكل سنوي.

وربما الأهم من ذلك كله أن إظهار الطموح المتعلق بالعمل المناخي من قبل القادة من كل القطاعات من المرجح أن يلهم الحكومات زيادة المساهمات التي تحددها قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في بولندا في ديسمبر، حيث ستعمل الحكومات على وضع اللمسات الأخيرة لإرشادات تطبيق اتفاقية باريس.

وإن التصرف وحيدا يمكن أن يكون صعبا علما أن العمل الجماعي قد يمكن جميع المشاركين ويلهمهم عمل المزيد، ولو أردنا أن نترك كوكبا صحيا للأجيال المستقبلية فإننا بحاجة لعمل المزيد.

* باتريشيا إسبينوزا وآن هيدالغو

* باتريشيا إسبينوزا هي السكرتيرة التنفيذية لمعاهدة الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بالتغير المناخي، وآن هيداغو هي عمدة باريس ورئيسة مبادرة مدن «سي 40».

«بروجيكت سنديكيت، 2018»

بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top