لا... لم ينتخبك الشعب!

نشر في 30-08-2018
آخر تحديث 30-08-2018 | 00:15
 عبدالمحسن جمعة ما يحدث في الولايات المتحدة الأميركية من تحقيقات في مجريات العملية الانتخابية الرئاسية (2016) يثبت أن الديمقراطية ليست صندوق انتخابات وورقة يلقيها الناخب في ذلك الصندوق فتحسم الأمر، بل هي منظومة طويلة من النظم والإجراءات والمعايير التي تسبق ذلك وتجاريه وتعقبه في دولة المؤسسات الدستورية والديمقراطية.

فلا ديمقراطية بلا قوانين تضمن نزاهة الانتخابات من الرقابة على أوجه الصرف على الحملة الانتخابية وشفافية المتبرعين للحملة والأدوات الإعلامية والإعلانية التي استخدمت للترويج للمرشح والتأثير على الناخب لينتخبه، أو ليتخلى عن تأييد مرشح آخر لمصلحته، واليوم يتعقب المحققون والقضاء الأميركي المستقل كل من تدور حوله الشبهات في مخالفة قوانين تمويل الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب وإدارتها، والتي ربما تؤدي إلى عزله من منصبه.

في العالم العربي يقف البعض من مسؤولينا ليقول: أنا منتخب من الشعب، وهي مقولة مزيفة وكاذبة، فكل الطغاة العرب من صدام حسين إلى بشار الأسد لديهم صناديق انتخابات وعملية انتخابية مزورة من الألف إلى الياء، فلا انتخابات بلا حريات وصحافة حرة، وحق التجمع للأفراد، وتشكيل الأحزاب السياسية الوطنية التي لا تقوم على عقيدة دينية أو مذهبية أو عرقية أو تمييز طبقي أو مناطقي، وكذلك توزيع عادل للدوائر الانتخابية.

والأهم هو تحييد سلطة المال والنفوذ عن العملية الانتخابية عبر قانون يراقب الصرف على الحملات الانتخابية، ويضع سقفاً للصرف عليها، وبرنامج دعم حكومي للمرشحين غير القادرين على الصرف على حملاتهم الانتخابية إذا تمكنوا من جمع ألفي توقيع من الناخبين على عريضة لدعم ترشحهم.

أما أن ينافس مرشح بملايين الدولارات يصرفها على حملته الانتخابية ودعم وتسهيل من السلطة لهُ في مواجهة مرشح آخر لا يمكن أن يوفر مثل هذه المبالغ، وغير مدعوم من الدولة، فهي ليست انتخابات نزيهة وديمقراطية، بل تمثيلية لتمكّن مرشحاً معيناً من أصحاب النفوذ ليصل إلى السلطة، ليمثّل قدراته وإمكاناته المالية ومن يمثلهم من جماعته، وليكون خادماً لأجندة السُلطة.

back to top