مزعج الأسواق ومهدد الاقتصادات... أين ستكون المحطة القادمة للدولار؟

نشر في 21-08-2018
آخر تحديث 21-08-2018 | 00:03
No Image Caption
أدى الارتفاع المفاجئ في قيمة الورقة الخضراء خلال الربع الثاني من عام 2018 إلى خروج العديد من الصفقات المربحة للمتداولين عن مسارها، علاوة على جنوح بعض الاقتصادات والصناعات.
شهدت الأسواق المالية العالمية هذا العام الكثير من الاضطرابات التي كان مصدرها الرئيس هو الدولار، ورغم أن المستثمرين يهتمون كثيرا بمؤشرات الأسهم وعائدات السندات، فإن سعر صرف العملة الأميركية يظل هو الأهم في الأسواق المالية، وفق تقرير لـ "وول ستريت جورنال".

وكان ذلك جليا عندما أدى الارتفاع المفاجئ في قيمة الورقة الخضراء خلال الربع الثاني من عام 2018 إلى خروج العديد من الصفقات المربحة للمتداولين عن مسارها، علاوة على جنوح بعض الاقتصادات والصناعات.

الدولار يتفوق على الجميع

- في بعض الأماكن، يتزايد الألم، فمثلا بدأت الليرة التركية ما يعتقد البعض أنه انهيار، بعدما فقدت ما يزيد على 20 في المئة من قيمتها خلال يوم واحد، ما ترتب عليه اهتزازات في الأسواق العالمية، وتزامن ذلك مع تسجيل مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه أمام سلة من العملات، أعلى مستوى له خلال عام.

- جاء انتعاش الدولار بعد الانخفاض الكبير له خلال عام 2017، والذي أتى مدفوعا بتسارع النمو خارج الولايات المتحدة، حيث ارتفع مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة بأكثر من 30 في المئة مع انجذاب المستثمرين للمراهنات الخطيرة.

- بدأ هذا العام بأسلوب مماثل، لكن بعد ذلك ارتفع النمو في الولايات المتحدة وتوقف الزخم الاقتصادي في أماكن أخرى، مما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار بشكل غير متوقع، حيث زاد بنسبة 5.5 أمام اليورو، و4.2 في المئة مقابل الين في الربع الثاني، وفي الأسواق الناشئة، قفز بنسبة 17 في المئة مقابل الريال البرازيلي، و16 في المئة أمام الراند الجنوب إفريقي.

الأثقل بين أقرانه

- بعد أشهر من الاضطرابات، هناك أسباب للاعتقاد بأن بقية العام سيكون أكثر هدوءا بالنسبة إلى الدولار، وهذا يعني مخاطر أقل للأسواق الناشئة وغيرها من الأصول المتقلبة. الغريب في الأمر هو أن الكثير من عدم اليقين بشأن النمو العالمي نتج عن سياسة الولايات المتحدة غير التقليدية، سواء كانت تتعلق بالضرائب أو التجارة أو التحالفات السياسية.

- لكن حتى مع تحول الولايات المتحدة إلى متسبب في اضطراب عالمي، فقد أثبتت أصولها أنها أكثر إغراء بالنسبة إلى المستثمرين، وحافظ الدولار على دوره كمغناطيس للقيمة، ويرجع ذلك جزئيا إلى هيمنته في سوق الصرف الذي تبلغ قيمته 5.1 تريليونات دولار اليوم، إذ يستحوذ على 88 في المئة من إجمالي الصفقات التي تتم به، وفقا لمسح أجراه بنك التسويات الدولية عام 2016.

- في حين أن ثقله بين احتياطيات النقد الأجنبي انخفض قليلا، إلا أنه لا يزال يمثل 62.5 في المئة من الاحتياطيات البالغة قيمتها 10.4 تريليونات دولار، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فيما يشكل اليورو 20.4 في المئة فقط.

- يعتبر سوق رأس المال في الولايات المتحدة هو الأكبر والأكثر سيولة في العالم، مما يجعل الدولار جذابا لكل من الشركات التي تسعى إلى جمع التمويل والمستثمرين الراغبين في توظيف أموالهم.

هدوء عالمي نسبي

- لا يعكس مسار الدولار التغيرات في النمو العالمي فحسب، بل يمكنه أيضا توجيهها، وأبرز الأمثلة على ذلك أن ارتفاع الدولار يؤدي إلى تشديد الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة؛ حيث يدفع البنوك المركزية إلى رفع الفائدة لدعم عملاتها، وإخماد شهية المصارف التجارية لتقديم قروض دولارية، لأن فرصها في تحصيل المستحقات تتراجع مع هبوط قيمة العملة المحلية.

- قد يكون أداء الدولار في النصف الثاني من 2018 أقل إرباكا، فأمام العملات الرئيسية مثل اليورو، توقفت العملة الأميركية عن الصعود. ويبدو التباعد بين النمو والسياسة النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا أمرا مأخوذا في الحسبان.

- في الأسواق الناشئة التي كشفت قوة الدولار عن روابط ضعيفة فيها، قد تستمر المشاكل، وبالنسبة لبلدان مثل تركيا، التي انخفضت فيها الليرة بأكثر من 36 في المئة هذا العام، أصبحت المشكلة الآن محلية وليست خارجية، حيث فقد الكثير من المستثمرين الثقة، وهي أزمة لن يعالجها ضعف الدولار واسع النطاق.

- أما الصورة الأكثر شمولا فستتأثر بالاتفاق الذي يستهدف حسم النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وما إذا كان اليوان سيواصل الانخفاض، مما يزيد الضغوط الهبوطية على العملات الأخرى.

(أرقام)

back to top