خطواتٌ لإيجاد القوة الكامنة لديك

نشر في 20-08-2018
آخر تحديث 20-08-2018 | 00:00
No Image Caption
هل يجب أن نتمتع بالثقة بالنفس لمواجهة المصاعب وتحقيق رغباتنا؟ ليس بالضرورة! يجب أن نركز بشكل أساسي على استرجاع القدرة على التحرك وتعطيل الأفكار التي تجعلنا نستخفّ بإمكاناتنا ومواردنا.
يجب أن تبدأ بالتعرف إلى رغباتك. يشعر أشخاص بالإحباط بسبب وضعهم المهني وعجزهم عن إحراز أي تقدم حقيقي. ربما يرغبون في إطلاق مشاريعهم الخاصة لكنهم يترددون في اتخاذ هذه الخطوة المفصلية لسببٍ يجهلونه. أدت الثقافة المبنية على إنشاء الشركات المبتدئة كي يعمل كل شخص على حسابه الخاص إلى تصعيب وضع الناس لأنها تجعلهم يظنون أن قيمة العمل الحقيقية تكمن في أخذ مبادرة مماثلة. لكن في الواقع ثمة أشخاص غير مناسبين لهذه المهمة.

بدل أن يركزوا على عملهم وعلى كسب العملاء والتطور في الموقع الذي يشغلونه، يتساءل الناس طوال الوقت عن أسباب انعدام أمانهم الداخلي في لحظة اتخاذ القرار. لا تطرح قلة الثقة في النفس مشكلة بالضرورة، حتى أنها تحثّ الفرد على تقييم وضعه بطريقة مدروسة، ومن خلال التعمق في الموضوع يدرك أن الوقت غير مناسب لأخذ مبادرة جديدة أو أن المشروع المرتقب يحمل مجازفات كبرى أو لا يلبي حاجاته الحقيقية.

يُعرّض البعض حياته العائلية للخطر حين يحتاج إلى أمان مادي. من خلال تحديد الحاجات الملموسة، يدرك أنه يستطيع تحقيق هدفه بطرائق مفيدة أخرى عبر التدرّب على وسائل التطوير الشخصي من دون تهديد جوانب أخرى من حياته.

ربما يحتاج الناس إلى تخفيف أعبائهم المهنية فيسلّمون بعض الملفات إلى موظفين آخرين، أو يطلبون مساعدة المتدربين من وقت إلى آخر. لا داعي للتخلي عن كل شيء والبدء من الصفر من أجل إنشاء حياة أكثر تماشياً مع رغباتنا الداخلية. يكفي غالباً أن نقوم ببعض التعديلات البسيطة للتخلص من العجز الذي نشعر به.

تخلّص من الأفكار العقيمة

هل تشعر بأنك فاشل وعاجز وغير كفوء وتقنع نفسك دوماً بأنك لن تصل إلى مبتغاك مهما فعلت؟ يستهدف علاج القبول والالتزام هذا الشكل من الأفكار السلبية. حين تبدأ بمراقبة سلوكياتك وتبالغ في انتقادها، ستقتنع بأنك مصمَّم بطريقة محددة، فتنغلق ضمن دوامات ثابتة وقد تعجز عن الخروج من الأفكار الانهزامية. إذا بدأتَ مشاريع عدة في الماضي مثلاً ولم تتمكّن من إنهاء أي منها، يسهل أن تستنتج أنك شخص غير مثابر ومن الطبيعي أن تدفعك هذه الصورة السلبية التي تحملها عن نفسك إلى عدم تحقيق رغباتك بطريقة ملموسة. لكن لا داعي كي تصدّق كل ما تفكر به! يمكنك أن تستعمل حسّك النقدي لغربلة أفكارك والاحتفاظ بتلك التي تفيدك دون سواها.

يركّز بعض العلاجات المتاحة على تغيير الأفكار الذاتية لمساعدة الناس على تعديل سلوكياتهم، لكن يؤكد علاج القبول والالتزام على احتمال تبنّي مقاربة معاكسة، ما يعني تغيير السلوكيات أولاً لتعديل الأفكار لاحقاً. لا تتعلق المسألة الأساسية بالتأكد من صوابية الأفكار التي تحملها، بل يجب أن تتأكد من أن أفكارك، بغض النظر عن طبيعتها، تفيدك بدل أن تؤذيك. لن يفيدك مثلاً الاعتراف بأنك شخص غير مثابر لإحداث تغيير حقيقي. لإيجاد قوتك الكامنة، يجب أن تقنع نفسك بأنك غير مضطر إلى تكرار السلوكيات الشائبة نفسها.

انتقل من الخيال إلى الأفعال

بحسب نظريات علم النفس التحفيزي، يتأثر الناس عموماً بحاجة أساسية ترتبط بتقدير الذات ويسعون دوماً إلى تلبيتها عن طريق الخيال و/أو الأفعال. تنشأ المشاكل حين يسيطر الخيال على الأفعال بدل أن يفيدها، أي حين نتخيل أننا حققنا رغبتنا (تصبح أحلامنا أكبر من واقعنا) أو نعتبر تلك الرغبة مستحيلة (نستخفّ بقيمتنا). في الحالتين لا يحصل شيء على أرض الواقع، بل إن الواقع يصبح خادعاً بدرجة متزايدة. سنصبح حينها أكثر ميلاً إلى الهرب من الواقع وسنحبس نفسنا في أوهام مُرضِية إلى أن يجتاحنا قلق واضطراب. حين تقول إنك لن تنجح في مساعيك لأنك تفتقر إلى التحفيز والاندفاع، ربما تحاول في داخلك أن تواسي نفسك بسبب عدم اعتراف الآخرين بقدراتك وحاجتك إلى إثبات براعتك أمامهم.

قد تؤدي تغذية هذه الأوهام كلها إلى تلاشي رغباتنا لأن أمراً لا يرضينا على أرض الواقع. بين الغطرسة الفائقة والاعتراف بالعجز والفشل، ترتبط قوتنا الحقيقية بقدرتنا على الاعتراف بأننا نعجز عن توقّع نجاحنا أو فشلنا مسبقاً واستعدادنا لخوض التجارب في مطلق الأحوال.

حين نخطو أول خطوة نحو تحقيق رغباتنا، سنتمكن من تحديد المسائل التي تتوقف علينا وتلك الخارجة عن سيطرتنا. باختصار، يجب أن نقتنع بأن الواقع والأشخاص الموجودين فيه سيقدمون لنا فرصاً جديدة ويعطوننا القدرة على إحداث تغيير فعلي.

الرغبة مرادفة للحياة

تشير عبارة «الإيمان بالذات» إلى التمسك بأفكار تربوية أو دينية أو اجتماعية لتوقّع الأحداث المستقبلية. يستفيد مثلاً كل من يقنع نفسه بأنه قادر على النجاح. لكن هل يمكن تعليم الأولاد أفكاراً كفيلة بترسيخ ثقتهم في نفسهم منذ مرحلة مبكرة؟ لا يمكن أن تختصر اللغة جوانب وجودنا كافة لأن كل شخص منا يضمّ في داخله مظاهر دفينة قد تعبّر عنها مشاعر الملل والقلق والحزن... إذا لم نشعر بثقة فائقة في نفسنا، هل سنحكم على ذاتنا بالاستياء الدائم إذاً؟

الجواب نسبي لأن غياب الثقة في النفس يكون مصدراً لرغباتنا التي تحركنا في الحياة. لذا يمكن اعتبار الرغبة مرادفة للحياة بحد ذاتها. المسألة الوحيدة التي يمكن أن نشعر بالذنب تجاهها هي التغاضي عن رغبتنا أو عدم الإصغاء إليها.

لكن لا يمكن أن نتأكد من أنّ الرغبات التي نسعى إلى تحقيقها ستصبّ في مصلحة الرغبة الجوهرية الكامنة فينا. قد تعطينا هذه المقاربة راحة وهمية أو تشتق من سوء معاملة سابقة. لا يمكن إيجاد الحل إلا عبر العمل على تطوير الذات. نحن لا نهتم فعلياً بالهدف الذي نسعى إليه بقدر ما نهتم بالعامل الذي يدفعنا إلى التحرك.

الغطرسة صفة مصطنعة

يعتبر بعض المحللين النفسيين أن الغطرسة رد فعل على إهانة ماضية أو على انعدام الأمان داخلياً. تكون الغطرسة طبيعية بدرجة معينة لدى الصغار لأن الطفل لا يفهم حدوده الحقيقية، ولا يدرك أن لدى الآخرين مصالحهم الخاصة. سرعان ما يتلاشى هذا السلوك بفضل التربية والتجارب الاجتماعية. لكن إذا استمرّ أو زادت حدّته، ربما يعكس حاجة حقيقية أو استباقية إلى التعويض عن نقص محدد نتيجة لمواقف مهينة أو مخيّبة للآمال.

تهدف الغطرسة في الأساس إلى تقوية الشخص ظاهرياً على الأقل، إذ يقنع نفسه بأنه قوي ويحرص على إثبات قوته إزاء الآخرين. لكن يبقى هذا السلوك هشاً لأنه خاطئ ومصطنع. داخلياً، لا يؤمن الشخص المتغطرس بقدرته على تحقيق أهدافه على المدى الطويل. تكون الغطرسة وسيلة قصيرة الأمد كي يثبت أنه يتمتع بالسلطة المطلقة التي يطمح إليها.

على المستوى الفردي، يسهل أن تتبدد مظاهر الغطرسة لأنها مزعجة وغير جاذبة. لكن على المستوى الجماعي، تفرض الغطرسة سلطة مؤذية تقوم على الترهيب أو العنف إذا أصبحت منظّمة ومبنية على مجموعة مصالح سياسية واقتصادية.

يجب أن تقتنع بأن الواقع سيقدم لك فرصاً جديدة

اقنع نفسك بأنك غير مضطر إلى تكرار السلوكيات الشائبة نفسها
back to top