خاص

المخرجة أنجي جمّال: إليسا «جبّارة» وكليب «إلى كلّ اللي بيحبوني» رسالة توعوية

نشر في 13-08-2018
آخر تحديث 13-08-2018 | 00:01
أنجي جمّال
أنجي جمّال
للمرة الخامسة تتعاون النجمة اللبنانية إليسا مع المخرجة أنجي عاقلة جمّال لتصوير أغانيها على طريقة الفيديو كليب، لا سيما أنهما نجحتا معاً، خصوصاً في القالب الإنساني الاجتماعي مثل «يا مرايتي» و«عكس اللي شايفينها». إنما هذه المرة جاء وقع الكليب الجديد «إلى كل اللي بيحبوني» صادماً للجمهور إثر معرفته بأن المخرجة صوّرت قصة الفنانة الحقيقية مع مرض سرطان الثدي وانتصارها عليه.
حول تحضير الكليب، وفترة التصوير، وردود الفعل، تحدثت جمّال إلى «الجريدة».

منذ صدور كليب «إلى كل اللي بيحبّوني» يحظى بردود فعل مؤثرة جداً، كيف تلقيت شخصياً خبر مرض إليسا؟

لم تخبرني بمرضها إلا بعدما شفيت منه. مرّات عدّة قالت لي إنها ترغب في إخباري بأمر ما إنما التوقيت لم يكن مناسباً. إلى أن أرسلت لي الأغنية طالبة إليّ أن أستمع إليها، ثم أمحوها عن الهاتف حفاظاً على خصوصيتها كونها الأغنية الأولى الجاهزة من ألبومها الجديد. بعدما استمعت إليها راودتني فكرة تصويرها على طريقة داليدا، أي تصوير الهجرة من البلد ولم يخطر في بالي بأن إليسا ستتصل بي مجدداً طالبة إليّ تصوير قصة حياتها. في البداية، ظننت أنها تريد سرد طريق نجوميتها ولكنها وبهدوء تام أعلنت لي مرضها. انفعلت ظناً أنها لم تكن صادقة لكنها هدأتني بكل عنفوان ورباطة جأش معتبرة أن الوقت ليس للبكاء إنما للعمل، وطمأنتني بأنها أصبحت سليمة.

لقد حمّلتك مسؤولية كبيرة؟

طبعاً، بكيت ليومين وشعرت بانزعاج كبير. لم أكن قادرة على التركيز أو التفكير بالعمل. شعرت بمسؤولية كبيرة لأنها نجمة أخفت مرضها عن الجميع وكانت متشدّدة في هذا الإطار، وعليّ أن أجد أفضل طريقة لإيصال الرسالة بإتقان ودقّة من دون أن تُمسّ كرامتها أو تتأذّى.

أيهما أصعب: تصوير واقع فرض أحداثه عليك أو ابتكار كليب من أفكارك الخاصة؟

تضمّن الكليب قسمين: قسم سردت فيه إليسا ما حصل معها وكيف استطاعت في خلال مرحلة العلاج إخفاء الحقيقة بجهد وصولاً إلى شفائها. وقسم استعنت فيه برمزيات فنيّة معيّنة لتجسيد كل لحظة مرّت فيها، بدءاً من تذكّر والدها الذي فقدته بسبب السرطان وهو الذي يرمز إلى الحماية، مروراً بلحظة إغلاقها أذنيها لئلا تسمع إعلان الطبيب إصابتها بسرطان الثدي، وصولاً إلى الرسائل المبطّنة مثل الضوء المبهم حينما كانت تسير في ممر المستشفى. كذلك وضعت المشاهد الحقيقية للحظة وقوعها على مسرح دبي لأنه تزامن مع فترة تلقيها العلاج. وبعدها صوّرتها على المسرح تغنّي وترقص بفرح كرسالة أمل. أضفت إلى ذلك تسجيلات صوتية تبادلناها في فترات زمنية متعددة بعدما أعلمتني بمرضها.

كواليس

كيف استطعت تخطّي مشاعر الحزن والتأثر في أثناء التحضير للكليب؟

كلما سمعت الأغنية وتابعت ما أخطط له وجدت أنني أسير على السكة الصحيحة وحافظت على قوّتي. إنما كنت قلقة إزاء فريق العمل، ففكّرت ملياً بكل فرد لأختار أفضل من تعاونت معهم طيلة السنوات. استغرق التصوير يومين متواصلين، لكن مشاهد المستشفى كانت الأصعب بالنسبة إليّ، خصوصاً أن إليسا بكت عن حقّ في ممر المستشفى ولم تكن تصطنع مشاعرها أو دموعها. لم يكن سهلاً أبداً تصوير تلك اللحظات الحقيقية ووضعها مجدداً في ذلك الموقف، فانهارت مرّات عدّة حتى صوّرنا مشاهد المسرح حيث كانت همتّها أقوى.

كيف تصفين شخصيتها؟

إنسانة «جبّارة» تتمتع بجرأة كبيرة وقدرة جسديّة هائلة، ما يضفي طاقة إيجابية في مكان العمل. صحيح أنها ذات عنفوان عظيم، لكنني للمرة الأولى أراها ضعيفة، تبكي. ربما هذه التجربة جعلتها رقيقة أكثر.

أي أجواء سادت فترة التصوير؟

ساد جوّ من الحزن ولحظات بكاء كثيرة، وكان التأثر ملحوظاً على وجه أصدقائها الذين شاركوا بطلب منها في تصوير الكليب. صراحة، عندما أنهينا التصوير بكيت كثيراً وانهارت أعصابي.

هل الأجواء الصادقة التي ظهرت في الكليب انعكست تأثراً لدى الجمهور وتعاطفاً أكبر منه؟

من المؤكد أن الصدق في المشاهد شكّل السبب الرئيس لتعاطف الناس معنا. فنحن عملنا من صميم قلبنا وبإحساس كبير لإيصال الحقيقة كما هي.

إلى أي مدى تحاملت على نفسك لتخطي مشاعرك الشخصية وتقديم عمل مهنيّ؟

لم يكن فريق العمل يدرك حقيقة ما يجري، لذا عمدت إلى سحب إليسا من موقع التصوير لتهدئتها كلما بكت لأنني شعرت بواجب حمايتها كشقيقة لئلا يؤذيها أحد أو يجرح مشاعرها إذا ما أُتهمت بالكذب وافتراء الأحداث لكسب تعاطف الناس.

انتقادات

ثمة من انتقد التسجيلات والتصوير في المستشفى معتبرين أن إليسا تروّج لنفسها.

ثمة مشاهد كثيرة من كواليس التصوير في المستشفى لم نعرضها في الكليب عن قصد. أساساً هي فنانة لا تحتاج إلى لفت الانتباه، من ثم ما قامت به مجازفة كبيرة لأنها أعلنت إصابتها بسرطان الثدي ولكن بفضل صدقها وصراحتها تفاعلت أكبر نسبة من الناس معها. لا أعتبر أن هذا الكليب موّجه لمن لم يتواصل مع هذه الرسالة بل لمن سيتفاعل مع دعوته إلى التوعية من مخاطر سرطان الثدي.

ألا تظنين أنها كانت قادرة على كتمان الموضوع ما دامت تعافت؟

صحيح، ولكن من يمرّ بمرحلة حياتية دقيقة يرغب أحياناً في أن تتحوّل تجربته إلى قضيّة، أي يفكّر بأنه قادر على فعل أمر ما من خلال موقعه وإعطاء مغزى مما خبره، مثل الكتابة عن التجربة أو تصوير فيلم. إليسا امرأة واقعية وذكية ولديها وعي بقدرتها على التأثير في الناس، ولما كانت مرّت بمرحلة الخوف من الموت والغياب فأرادت من خلال ذلك التوعية فاعتمدت أسلوباً راقياً. على كلٍ، هي تردّدت كثيراً في تصوير الكليب وإعلان مرضها وشفائها، وأرادت حتى اللحظة الأخيرة كتمان هذه الحقيقة عن فريق العمل. حتى أنها تردّدت في فترة التوليف وتسجيل الصوت وهي لم تكن تعلم بأنني سجّلت أحاديثنا السابقة. أعلم أن ثمة من نصحها بعدم الإعلان بأنها صوّرت تجربتها الشخصية لكنها فنانة تعلم جيّداً ما تريد وتسعى إلى تحقيق الهدف الذي تضعه أمامها.

ما دام الفنان قدوة لجمهوره، هل سيؤدي هذا الكليب في رأيك غرضه التوعوي؟

هذا هو هدف الكليب الرئيس، وما أرادته إليسا فعلاً هو توعية أكبر عدد ممكن من النساء حول ضرورة الفحص الدوري لتفادي سرطان الثدي، وقد نجحت. إليسا أكملت حياتها بشكل عادي وتخطّت مرضها وكانت في أثناء فترة العلاج تصوّر برنامج «ذا فويس» وتحيي الحفلات ولم يشعر أحد بما تمرّ فيه.

نهج وكيمياء

مرّة جديدة يحمل كليب إليسا بتوقيعك بعداً إنسانياً، هل هو نهج تعتمدانه؟

لم نقرر سلفاً هذا الأمر. جاء تصوير تعنيف المرأة في كليب «يا مرايتي» مصادفة. وعلى رغم اعتراض إليسا بداية على الفكرة لأن فئة من جمهورها لن تتقبل هذا الأمر، فإنها وثقت فيّ وتعززّت ثقتها أكثر بعد النجاح الذي حققه الكليب. ثم قدّمنا كليب «عكس اللي شايفينها» فقال لنا أحدهم إننا يجب أن نعتمد هذا الخط الإنساني دائماً، لكنني أخشى ملل الجمهور من التكرار. ما دامت الفرصة متوافرة لتقديم عمل إنساني فلن أقصّر طبعاً، لأنني أؤمن بضرورة أن يحمل العمل الفني مغزى إنما يجب ألا يكون معتمداً دائماً لأنها نجمة، من ثم يجب أن تنوّع في إطلالاتها وتصوّر الفرح أيضاً والترفيه. إليسا تحمّست لتقديم عمل إنساني هذه المرة وفكّرت بأنني الأنسب لتنفيذه كوننا نجحنا سابقاً ويمكن تحقيق النجاح مجدداً.

إلام تعزين هذه العلاقة المهنية الثابتة بينكما؟

هي نجمة تتميز بمهنيتها، والتعاون معها سلس ومريح جداً، فضلاً عن أنها تحترم الإبداع والأفكار المبتكرة. لذا وإن كانت غير مقتنعة بأفكاري تثق فيّ، ما يحمّلني مسؤولية مضاعفة لأثبت لها أن وجهة نظري صحيحة. ثمة انسجام مهني كبير بيننا لكنه تحوّل تدريجاً إلى صداقة عميقة، خصوصاً أن العمل الأخير بمثابة مشاركة ذكرى خاصة جداً.

ترويج

عادة يكون الكليب للترويج للفنان، والأغنية، والألبوم، بينما في هذا الكليب رأينا دموع إليسا الحقيقية، ولحظات ضعفها في مقابل لحظات الفرح على المسرح ولذّة الانتصار على

المرض، برأيك ألم يطغَ موضوع المرض على الأغنية؟

أحببت الأغنية أكثر بعدما علمت ما عانته إليسا وانتصارها على المرض. صحيح أنني أتعامل مع الكليب كفيلم، إنما لا يغيب عن بالي شكل الفنانة وإطلالتها، خصوصاً في هذا الكليب الذي قصدت فيه إظهار إليسا على حقيقتها، أي جميلة ومشعّة ونجمة على خشبة المسرح كما هي دائماً، وهذه رسالة إيجابية داعمة منّي لها كشقيقة.

التواصل الاجتماعي وسيلة الترويج راهناً للأعمال الفنيّة، فكيف تتعاملين مع هذا الواقع خصوصاً أن الكليب فقد رونقه المتعارف عليه سابقاً؟

أية أغنية جميلة تستأهل تصويرها للتركيز على جماليتها. أحب مشاهدة الأعمال الغنائية المصوّرة الجميلة والراقية. يوفّق بعضهم بفريق عمل جيّد فيصوّر الأغنية بطريقة جميلة، ما يشكّل داعماً لها، ويختار بعض آخر الفريق غير المناسب فيُخفق، وثمة من يقدّمون أعمالاً تناسب قدراتهم. صراحة، أقدّر العمل الجميل وأهنئ صاحبه وذلك يشكّل حافزاً لنا لتقديم الأفضل. شخصياً، أنطلق من ذاتي في العمل وأعمل لذاتي، بمعنى أنني أنانية أسعى إلى لمس تطوّري المهني وتقدّم عملي لأكون راضية لأن هذا شغفي وحلمي.

مشاريع مقبلة

حول أعمالها المرتقبة تقول إنجي الجمال: «لا مشاريع واضحة بعد. أحتاج إلى فترة استراحة بعد إطلاق كليب إليسا، لأننا تعبنا كثيراً طيلة أربعة أشهر. وسأشارك في لجنة تحكيم مهرجان البترون الدولي في سبتمبر المقبل».

المخرجة اللبنانية مستمرة في تصوير الإعلانات. تقول في هذا الشأن: «صوّرت أخيراً إعلان عطر الفنانة «أحلام» في المغرب، وإعلان عصير أطفال في دبي، وإعلاناً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة».

أما في ما يتعلق بالسينما والدراما، فتكشف: «أشعر بأنني جاهزة لتقديم فيلمي السينمائي الأول، الحلم، لذا بدأت الكتابة، وأبحث عن كتّاب لاختيار الموضوع الذي أرغب في تصويره العام المقبل. أتأنى في اتخاذ القرار وفي اختيار الموضوع والقصة والحوار لتقديم عمل متكامل يرتكز إلى كل ما تعلمته من عالم الأغاني المصوّرة».

الكليب يحمل رموزاً ورسائل مبطنة

العلاقة المهنية مع إليسا تحوّلت إلى صداقة قويّة
back to top