الليرة التركية تواصل انهيارها وتفقد 14%

هوت الليرة التركية بما يصل إلى 14 في المئة أمس، مع تفاقم المخاوف بشأن نفوذ الرئيس رجب طيب إردوغان على السياسة النقدية وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة لتتحول إلى حالة ذعر في السوق نالت أيضاً من أسهم بنوك أوروبية.

وعمق البيع بواعث القلق حيال الانكشاف على تركيا، لاسيما بخصوص ما إذا كانت الشركات المثقلة بالديون ستستطيع سداد القروض المصرفية التي جمعتها باليورو والدولار بعد سنوات من الاقتراض الخارجي لتمويل طفرة إنشاءات تحت حكم إردوغان.

ويثير نهج إردوغان المتحدي إزاء الأزمة قلق المستثمرين أكثر. فقد قال الرئيس، الذي يتحدث عن محاولة "جماعة ضغط سعر الفائدة" ووكالات التصنيف الائتماني الغربية اسقاط الاقتصاد التركي، خلال كلمة الليلة الماضية إنه "لا يوجد ما يبعث على قلق" الأتراك.

وأبلغ حشداً في مدينة ريزه على البحر الأسود "إذا كانت لهم دولاراتهم فنحن لنا شعبنا، لنا ربنا."

ومن المستبعد أن يطمئن ذلك المستثمرين القلقين أيضاً من النزاع المتصاعد مع الولايات المتحدة. فالبلدان العضوان في حلف الأطلسي مختلفان بشأن احتجاز تركيا للقس الأميركي أندرو برانسون في تهم تتعلق بالإرهاب.

وكانت الليرة عند 5.93 مقابل الدولار منخفضة نحو 7 في المئة. وهبطت العملة فترة وجيزة 14.6 في المئة - في أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ أوائل 2001 - لكنها قلصت خسائرها لاحقاً.

وتراجعت أيضاً أسهم البنوك الأوروبية متأثرة بالمخاوف بشأن انكشافها على تركيا.

وهبطت العملة أكثر من 35 في المئة هذا العام بعد أن فقدت نحو ربع قيمتها في 2017. وفي الأسبوع الحالي فحسب، فقدت الليرة نحو 15 في المئة. وهذا التراجع المطرد يرفع تكلفة شتى السلع المستوردة من الوقود إلى الغذاء.

وقال كريستيان ماجيو مدير استراتيجية الأسواق الناشئة لدى تي.دي للأوراق المالية، "وضع تركيا لا يمكن أن يستمر فترة أطول - أعتقد أنه سيتعين عليهم أن يتدخلوا" مضيفاً أن التدخل يجب أن يكون "جذرياً".

وقال: "تركيا تؤدي لعبة خطيرة جداً. يواصلون التلكؤ خلف المنحنى ووتيرة انخفاض العملة والعقوبة التي تنزلها السوق بتركيا عندما تبيع تتزايد بوتيرة أكثر من خطيرة، تكاد تكون أضعافاً مضاعفة".

من جانبه، قال الرئيس إردوغان في تصريحات بُثت أمس، إن بلاده لن تخسر الحرب الاقتصادية التي تخوضها وذلك بعد أن هوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض أمام الدولار الأميركي بفعل المخاوف الاقتصادية وبواعث القلق من نزاع مع الولايات المتحدة.

ونقل تلفزيون تي.آر.تي خبر الحكومي عن إردوغان قوله "لن نخسر الحرب الاقتصادية".

وقالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، أمس الأول، إن تركيا بحاجة إلى وقف الانخفاض الحاد لليرة سريعا، محذرة من أن وضع البلاد قد ساء منذ خفضت الوكالة تصنيفها لها قبل ما لا يزيد على شهر.

وهوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية منخفضة جديدة في اسطنبول مع تحرك الولايات المتحدة لفرض عقوبات على تركيا بسبب سجن قس أميركي، لتتصاعد بواعث القلق القائمة منذ أمد طويل بشأن التضخم، وسوء إدارة الاقتصاد.

وقال بول جمبل المحلل البارز في فيتش لرويترز "نولي انتباها شديدا للأحداث الجارية. منذ أخذنا القرار (خفض تصنيف تركيا إلى ‭‭BB‬‬ في 13 يوليو) تدهورت ثقة السوق أكثر".

وأضاف قائلا "نقطة الضغط الرئيسية هي العملة الضعيفة"، وذكر انه يتابع ما تقوم به السلطات التركية لمحاولة وقف انحدار في قيمة الليرة بلغ 30 في المئة هذا العام، منه 10 في المئة تقريبا في الشهر الأخير.

وقال إن "تخفيف الضغط في المدى القريب من المرجح أن يتطلب مزيجا من الإجراءات من البنك المركزي، والتحسن في العلاقات مع الولايات المتحدة".

وذكر "نتابع تطور الوضع. المراجعة التالية المقررة (للتصنيف) ليست قبل ديسمبر، ويمكن أن يتغير الكثير قبل ذلك الحين".

وخفض التصنيف مجددا هو احتمال قائم بلا ريب. وأبقت "فيتش" على "نظرة مستقبلية سلبية" لتركيا بعد خفض تصنيفها درجة واحدة الشهر الماضي.

وأصبحت "فيتش" بتلك الخطوة على قدم المساواة مع تصنيف "موديز" المكافئ، لكنها تظل أعلى من تصنيف ستاندرد آند بورز البالغ ‭‭BB-‬‬.

وقال جمبل "أحد الجوانب الحساسة للتصنيف السلبي التي نشرناها ضمن تعليقنا على أحدث خطوة لنا على صعيد التصنيف، وهو الجانب الأقرب صلة، هو توقف مفاجئ لتدفقات رؤوس الأموال أو تعثر حاد للاقتصاد، خصوصا إذا أدى إلى تفاقم الضغوط في قطاع الشركات والبنوك".

قالت صحيفة فايننشال تايمز أمس، إن البنك المركزي الأوروبي يشعر بقلق متزايد بشأن انكشاف بنوك منطقة اليورو على تركيا، مما دفع أسهم بنوك إلى الهبوط في الوقت الذي بلغت فيه الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا جديدا مقابل الدولار الأميركي.

وقالت الصحيفة إن المركزي الأوروبي، الذي امتنع عن التعقيب على تقريرها، قلق بشكل رئيسي بشأن بي.بي.في.إيه، وأوني كريديت، وبي.إن.بي.باريبا. ولدى البنوك الثلاثة العمليات الأكبر في تركيا، رغم أن مساهمة الوحدات المحلية التابعة لها في إجمالي ميزانياتها متواضعة نسبيا.

واستأنفت الليرة انخفاضها المستمر منذ فترة طويلة مع تفاقم الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، ونمو المخاوف بشأن سيطرة الرئيس إردوغان على السياسة النقدية بموجب رئاسة تنفيذية جديدة يتمتع فيها بصلاحيات واسعة.

وقالت "فايننشال تايمز" إن مراجعة أجراها البنك المركزي الأوروبي لا ترى أن المسألة خطيرة بعد، لكن البنك يساوره القلق من أن المقترضين ربما يكونون غير متحوطين في مواجهة انخفاض الليرة، وهو ما يشكل مصدر قلق، لأن القروض بالعملة الأجنبية تشكل نحو 40 في المئة من أصول القطاع المصرفي التركي.

ارتفع العائد على السندات التركية لأجل 10 سنوات مجدداً أعلى من مستوى 20 في المئة، مع تراجع الليرة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وسط تراجع ثقة المستثمرين في قدرة السلطات على وقف هزيمة السوق، قبيل خطاب متوقع للرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

ووفقًا لبيانات "بلومبرغ"، بمجرد افتتاج التداولات في بورصة إسطنبول، ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات 84 نقطة أساس إلى 20.58 في المئة، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

من جانب آخر، قال البنك المركزي التركي، أمس، إن عجز ميزان المعاملات الجارية بالبلاد انخفض في يونيو إلى 2.973 مليار دولار.

ويقل هذا الرقم عن توقعات "رويترز"، التي أشارت إلى عجز قدره 3.032 مليارات دولار.

وفي مايو، بلغ عجز ميزان المعاملات الجارية 6.193 مليارات دولار، فيما وصل إلى 47.1 مليارا في 2017.