مادورو رئيس وهدف للاغتيال

نشر في 09-08-2018
آخر تحديث 09-08-2018 | 00:06
بعد إعادة انتخاب مادورو، واجهت إدارته انتقادات كبيرة من عدد من الدول لتقويضها الديمقراطية وانتهاكها حقوق الإنسان، لكن الرئيس عمل بثبات على ترسيخ سلطته بإنشائه مجلساً تأسيسياً جديداً يتمتع بصلاحيات تتخطى الجمعية الوطنية.
 ذي إندبندنت بعيد النجاة على ما يبدو من محاولة اغتيال مزعومة وجّه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إصبع الاتهام مباشرةً إلى الحكومة الكولومبية وحكامها المستبدين من "اليمين المتطرف"، كان مادورو يدلي بخطاب الاحتفال بذكرى تأسيس الحرس الوطني الحادية والثمانين عندما انفجرت، حسبما قيل، طائرات من دون طيار تحمل متفجرات، ناشرةً الفوضى.

ولد مادورو في أسرة من الطبقة العاملة، فهو ابن زعيم اتحاد عمالي بارز، وأعرب عن قناعاته السياسية الراسخة حين أصبح رئيس اتحاد الطلاب في مدرسة خوسي أفالوس بكاراكاس.

لم يكمل دراسته وبدأ العمل كسائق حافلة تابعة لشركة ميترو كاراكاس، وانضم إلى الرابطة الاشتراكية وأسس إحدى أولى النقابات العمالية غير الرسمية في الشركة، بما أن العمل النقابي الرسمي في الشركة كان محظوراً.

التقى مادورو أول مرة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في عام 1993 وتحول إلى شخصية مهمة في حركته البوليفارية، مساهماً في عام 1997 في إطلاق حركة الجمهورية الخامسة، التي دعمت رئاسة تشافيز، وفي عام 1998، حقق تشافيز نصراً ساحقاً، فيما انتُخب مادورو نائباً.

تواصل بروز مادورو السياسي، فساهم في وضع الدستور الجديد عام 1999 قبل أن يتبوأ منصب نائب في الجمعية الوطنية، وفي عام 2006 عيّن تشافيز مادورو وزير خارجية، وعندما انتقدت في عام 2007 وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندوليزا رايس الحكومة الفنزويلية لإقفالها محطة تلفزة خاصة، نعتها مادورو بالمنافقة، وشبّه سجن غوانتنامو بمعسكرات الاعتقال النازية.

الحكومة

أصبح مادورو القائد المؤقت عندما مات تشافيز في شهر مارس عام 2013، وفي الشهر التالي، فاز بولاية مدتها ست سنوات بهامش بسيط، ومنذ ذلك الحين، برهن مادورو، على غرار سلفه، أنه شخصية مثيرة للجدل، وقد تراجع دعم رئاسة مادورو بسبب تردي الأحوال الاقتصادية الكبير، ففي عهد حكومته، دخلت فنزويلا حالة ركود، وتفاقمت البطالة، وشاع النقص في المؤن الأساسية، لذلك توقع قليلون فوز مادورو بولاية ثانية، لكنه نجح في ذلك، بعدما فاز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في شهر مايو، لكن خصومه الرئيسيين رفضوا الانتخابات، مدعين أن مخالفات مهولة شابتها.

بعد إعادة انتخاب مادورو، واجهت إدارته انتقادات كبيرة من عدد من الدول لتقويضها الديمقراطية وانتهاكها حقوق الإنسان، لكن الرئيس عمل بثبات على ترسيخ سلطته بإنشائه مجلساً تأسيسياً جديداً يتمتع بصلاحيات تتخطى الجمعية الوطنية، التي تقودها المعارضة، أو حتى تحلها، إلا أن الاتحاد الأوروبي وأمم أميركا اللاتينية الكبرى رفضت الاعتراف بذلك المجلس الجديد.

صحيح أن مادورو ما زال يتمتع بدعم بعض المؤسسات، مثل الجيش، إلا أن نقاده كثر، فقد أعلنت مجموعة مغمورة تطلق على نفسها اسم "الجنود المدنيين" مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال هذه، وذكرت هذه المجموعة في تغريدة: "أظهرنا أنهم ضعفاء. لم ننجح اليوم، إلا أن المسألة مسألة وقت".

أعلن مادورو أن البلد وقع ضحية "حرب اقتصادية" يشنها قادة المعارضة بمساعدة واشنطن، كذلك أصبحت العلاقات الدبلوماسية بين فنزويلا وكولومبيا أكثر توتراً مع انتقال فنزويليين كثر إلى هذه الدولة المجاورة بسبب التضخم والنقص في الغذاء والدواء.

قبل أيام، منحت كولومبيا أكثر من 440 ألف مهاجر الإذن بالبقاء في البلد لسنتين، في حين وجّه الرئيس الكولومبي خوان ميغيل سانتوس انتقاداً صريحاً لمادورو، بالإضافة إلى ذلك رفضت كولومبيا الاعتراف بفوز مادورو، متهمة النظام بمنح بطاقات هوية فنزويلية لكولومبيين.

لكن مسؤولاً كولومبياً في مكتب الرئيس أكّد أن ادعاء مادورو أن سانتوس متورط في الهجوم بالطائرات بدون طيار عارٍ من الصحة. وبغض النظر عن المسؤول عن محاولة الاغتيال المزعومة، يذكر الخبراء أن مادورو سيستخدمها لتبرير مضيه قدماً في عملية تركيز السلطة، فيوضح ديفيد سميلد، باحث بارز في مكتب واشنطن لأميركا اللاتينية: "بغض النظر عمن يقف وراءها، سيستغلها ليزيد قمعه الحرية ويطهر الحكومة والقوات المسلحة".

* هاريت أغرهولم

*«الإندبندنت»

back to top