آمال : الأسوأ والأفضل

نشر في 07-08-2018
آخر تحديث 07-08-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي منذ سنين، أقول إن أسوأ الوظائف وظيفة سفير لدولة عربية في دولة عربية، مع الاستثناءات.

عليك أن تكون لزجاً مطاطياً مملاً، تحفظ جملة واحدة لا تحيد عنها "العلاقات بين البلدين متينة وقوية"، ومهما ساءت العلاقات وبدت نُذر الشر، فعليك أن تنهمر كذباً بلا توقف.

ويا ويلك ويا سواد ليلك إن اكتفيت بالقول إن العلاقات قوية ونسيت، أو تناسيت، متينة. هي هكذا "باكيج" كامل.

ستصف الدمار المحيط بأنه لوحة سيريالية فيها من الإبداع ما فيها، وأن الحشود الحدودية من الشعبين حشود معجبين، والصراخ المتبادل بين مسؤولي البلدين أغان أوبرالية فاخرة، والتهديدات المتبادلة بقطع العلاقات كاميرا خفية. وهكذا أيها الممل… وفي حال اشتعلت الأخشاب في العلاقات ستكون أول الضحايا وأسهلها، وسيحترق خدك الأيسر في التو والحال، خصوصاً إن كنت سفيراً لدولة عربية في دولة عربية.

أما أسوأ الحقائب الوزارية فهي حقيبة الإعلام، إذ لا نظير لك في الدول المحترمة، ولا يمكن أن يتخيلوا أنه يوجد "للرأي" وزير.

فإن ذهبتَ ضمن وفد وزاري إلى أوروبا مثلاً، فسيجد زميلك وزير الخارجية نظيره وزير الخارجية، في استقباله، وسيعقد زميلك وزير الطاقة اجتماعات ثنائية مع نظيره، ويخرج زميلك وزير المالية، أو الخزانة، في مؤتمر صحافي مع نظيره ليجيبا عن أسئلة الصحافيين، ووو، وسيسأل عنك يا ولدي منسق حكومة الدولة الأوروبية، فتجيبه بزهو: أنا وزير الإعلام، فلا يفهم ماذا يعني هذا، فتوضح له: "أنا المسؤول عن التلفزيونات والراديوهات وغيرها"، فيعتقد أنك فني ستلايت، فيطلب منك بلطف ضبط "الرسيڤر" على قنوات بي إن سبورت لمتابعة أحداث كأس العالم، فيصحح له نائبه: هو ليس فني ستلايت، هو "بيّاع خردوات" يشتري تلفزيوناتك المستعملة ويصلّحها ويعيد بيعها، فتبكي، فيرشونك بالماء ويصطحبونك إلى مدينة الألعاب، ثم يتركونك مع أطفالهم قبل أن يجتمعوا بزملائك الوزراء، فيهتم بك الأطفال، ويتحلقون حولك، ويسألونك: منذ متى وأنت وزير الـ "بلاي ستيشن"؟ فتبكي، فيقاسمونك الكاكاو.

هذان أسوأ منصبين في العالم العربي، ولاحقاً سأشير إلى أفضل منصبين في ذلك العالم الجميل.

back to top