الاتجاهات الإنسانية لدى الشباب الكويتيين

نشر في 05-08-2018
آخر تحديث 05-08-2018 | 00:08
 مظفّر عبدالله أول العمود:

إثارة قضايا الفساد وتناولها باستعراضات إعلامية دون إجراءات إصلاحية يولِّد مع مرور الزمن حالة من اليأس العام وفقدان الثقة بالمسؤولين وهذا مُحقق الآن.

***

أرصد التحول المهم الذي بدأ يتغلغل بين قطاع من الشباب من الجنسين في محاولتهم الاهتمام بالشأن الإنساني، سواء في محاولات البعض تلمس الجانب المؤلم لشرائح من البشر في الكويت، كالوافدين من ضحايا تجارة البشر، أو فئة غير محددي الجنسية، وحتى بعض الأسر الكويتية المتعففة.

إن هذا التحول يُعَد شيئاً صعباً على شُبان متطوعين يعيشون في مجتمع ريعي مُرَفَّه، فهم كمن يحفر في الصخر للوصول إلى تدريب النفس على حب العمل الإنساني حباً خالياً من أي اشتراطات مُسبقة.

"الإنسانيون" هؤلاء يقتطعون من وقتهم طوعاً ليعملوا على إغاثة المحتاجين، أو مساعدة الأطفال غير المقتدرين على التعليم، أو التوعية بثقافة حقوق الإنسان من خلال الورش والتدريب، أو زيارة المرضى في المستشفيات.

الجميل هنا هو أن هذه الروح لم تعد مقتصرة على الذكور فقط كما كان العمل الخيري قبل ٢٠ عاماً كمثال، بل أصبحنا نرى فتياناً وفتيات يقومون بهذا الدور معاً، أي أن التحول صار إنسانياً لا خيرياً فقط.

ومن المعلوم أن الانخراط في مثل هذه الأنشطة يربي أرواحاً صافية ونقية تصقل المشاعر ويحفزها ليصل بأصحابها إلى درجة من الإحساس بمعاناة الآخر، ومعلوم أيضا أن تشجيع مثل هذا الاتجاه ورعايته حكومياً وأهلياً يساهم في تغيير سلوك الناس مع مرور الوقت، ويجعلنا نُنشئ جيلاً أكثر تحضراً وإنسانية.

من الأمور الإيجابية بالطبع إشهار جمعية المقومات الأساسية لحقوق الإنسان من تجمع سلفي ديني رغم بعض الملاحظات التي يبديها البعض على طبيعة الحيز الذي يعملون فيه وحجمه، لكن الأكيد أن امتهان هذا الفصيل قضايا حقوق الإنسان يُعد تطوراً إيجابياً، وقد يساهم- وربما ساهم- في تغيير منظورهم للمسائل الإنسانية الشائكة.

في عام ١٩٨٦، التقيت د.غانم النجار في صحيفة "الوطن" وكان قد دعاني إلى الانخراط في هذا العمل (حقوق الإنسان) وكنت حديث التخرج من جامعة الكويت وقتها، وكانت الفكرة أن أكون مشاركاً في تأسيس مجموعة تعمل للدفاع عن "حقوق الإنسان" في إطار أنشطة منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها، حيث كان د. النجار عضواً فيها أثناء دراسته العليا هناك، كان لتلك المصادفة الفارقة (اللقاء) أثرٌ كبير في حياتي العملية والشخصية، فقد ساهم عملي في هذا الحقل في تغيير وجهات نظري تجاه كثير من أمور الحياة والناس بكل أعراقهم وعقائدهم، ولا أزال أدين بالفضل لهذه اللحظة التي جمعتني بصديق العمر د.النجار، وهو أحد أعلام المدافعين عن حقوق الإنسان وخبرائها.

رؤيتي لما يجري في الساحة المحلية تتأسس على أننا في مرحلة تغيير في عقول الشباب وأذهانهم ورؤيتهم للأمور من منظور إنساني بعيداً عن التمايزات الاجتماعية والعنصرية البغيظة، وهذه من المسائل المهمة في بناء ما يسمى الشعور والتفاعل الإنساني مع الأحداث.

وأقول لمن تطوع وأجاد في خدمة الناس إنكم على طريق الحياة الأكثر صحة.

back to top