مسعى الولايات المتحدة الجديد لتعزيز دفاعات تايوان العسكرية

نشر في 03-08-2018
آخر تحديث 03-08-2018 | 00:02
 واشنطن بوست لا يُعتبر ما تحدثت عنه التقارير أخيراً عن طلب وزارة الخارجية الأميركية عودة مشاة البحرية الأميركية إلى تايوان للمرة الأولى منذ عام 1979 بغية الدفاع عن السفارة الأميركية القائمة هناك بحكم الواقع خطوة معزولة، بل يبرز استعداداً جديداً داخل الحكومة الأميركية والكونغرس لتحدي الصين وإيلاء الدفاع عن تايوان اهتماماً أكبر.

فطوال عقود اتبعت واشنطن سياسة تفادت إثارة استياء الصين في مسألة تايوان، حيث تبنى مسؤولو إدارة أوباما التقرير القوي الذي أعده قائد بحري أميركي متقاعد عام 2008، معتبرين أن الولايات المتحدة ما عادت بحاجة إلى بيع تايوان أسلحة ثقيلة، مثل الطائرات الحربية، أو دعم برنامجها للغواصات الذي يثير غضب بكين، وبدلاً من ذلك أشار معد التقرير وليام موراي إلى أن تايوان تستطيع التخلي عن بناء سلاح جو وبحرية قوية لتركّز بدلاً من ذلك على تحويل نفسها إلى ما يشبه حيوان «النيص» بنشرها أنظمة أسلحة أصغر ووحدات مشاة متحركة قادرة على الدفاع عن شواطئ تايوان في وجه أي اعتداء شامل قد تشنه الصين.

لكن تنامي الضغط الصيني على تايوان، وتفاقم الاستياء من الصين في صفوف الحكومة الأميركية والكونغرس، واحتلال أصدقاء تايوان مراكز بارزة في إدارة ترامب، مهدت الدرب أمام التخلي عن استراتيجية «النيص» وتبني استراتيجية أكثر ميلاً إلى مواجهة بكين، وقد يزداد هذا الميل بروزاً إذا منح ترامب، الذي نعجز دوماً عن توقع خطواته، مستشاريه في مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع حرية التصرف.

في مطلع هذه السنة راحت طائرات مقاتلة وراميات قنابل من سلاح الجو الصيني تحلق فوق تايوان، مرغمة سلاح الجو التايواني على تحريك طائراته، وفي الشهر الماضي أجرت قوات البحرية الصينية تدريباً في مضيق تايوان، أما على الصعيد الدبلوماسي فتُعتبر جمهورية الدومينيكان ثالث بلد في أقل من سنتين يقطع علاقاته الرسمية مع تايوان لمصلحة الصين، ونتيجة تسريع بكين اليوم حملتها لعزل تايبيه دبلوماسياً، وتقلص عدد الدول التي تعترف بتايوان إلى 19.

لكن مناورات الصين هذه نفرت كثيرين من الجيل الجديد من مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، الذين كانوا يُعتبرون من أشد مؤيدي العلاقات السلسة مع بكين، علاوة على ذلك تحض إدارة ترامب أيضاً حكومة تايوان بقيادة الرئيسة تساي إنغ ون على تعزيز إنفاقها الدفاعي إلى حد كبير، فيؤكد المسؤولون الأميركيون أن على تايوان مضاعفة نفقاتها الدفاعية، علماً أنها تخصص اليوم أقل من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع.

يعتقد بعض الخبراء، مثل إيان إيستون، مؤلف كتاب «خطر الغزو الصيني» وباحث في معهد مشروع 2049، أن هذا التبدل في السياسة الأميركية يمثل خطوة طال انتظارها، وأن من الضروري أن تدعم الولايات المتحدة منح تايوان أسلحة ثقيلة مثل الطائرات الحربية لسلاح الجو، فضلاً عن طائرات مسلحة من دون طيار، وألغام ذكية، وأسلحة أخرى شكلت أيضاً جزءاً من استراتيجية «النيص».

يذكر إيستون: «ثمة قدرات لا يستطيع أي بلد آخر منحها لتايوان، وإذا لم نفعل ذلك، فلن يقوم به أي أحد آخر».

يبقى ترامب العنصر المتقلب في هذه المعادلة، فهل يتخلى عن تايوان ليعقد صفقة مع الصين بشأن التجارة أو كوريا الشمالية أم أنه سيصغي إلى نصائح الكونغرس ويقدّم لتايوان المساعدة التي تحتاج إليها؟

لا شك أن الصين ستثور غضباً إذا عزز ترامب الدعم الأميركي للأراضي الصينية الديمقراطية الوحيدة في العالم، فعندما نُشرت التقارير عن أن وزارة الدفاع الأميركية طلبت من قوات مشاة البحرية حماية المعهد الأميركي في تايوان، الذي يُعتبر السفارة الأميركية بحكم الواقع في الجزيرة، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إدارة ترامب إلى «ممارسة الحذر»، وإذا عادت الولايات المتحدة إلى بيع تايوان طائرات مقاتلة فسيكون رد فعل بكين أسوأ بكثير.

* جون بومفريت

back to top