وجهة نظر : عاجلاً أو آجلاً أسعار النفط إلى انخفاض

نشر في 27-07-2018
آخر تحديث 27-07-2018 | 00:25
 د. عباس المجرن على مدى سنة وصولا إلى هذا التاريخ، سجل سعر برميل النفط الخام تحسنا قياسيا، بلغ معدله نحو 50 في المئة، ولم يكن صعود السعر على مدى هذه الفترة متتابعا، بل شهد تقلبات مرحلية متكررة، بفعل متغيرات اقتصادية متباينة وأحداث وتطورات جيوسياسية متشعبة.

المراقبون لأسواق النفط الخام كانوا يتوافقون في كل مرحلة من مراحل التقلبات السابقة على العامل أو العوامل الرئيسية التي تقف وراء ذلك الارتفاع أو الانخفاض. ولكن تداعي أسعار النفط على مدى الأسبوعين الأخيرين، لم يحظ بتوافق المراقبين بشأن العوامل الرئيسية التي تسببت فيه، إذ ذهب كل منهم في اتجاه.

البعض أرجع الأمر إلى إعادة تشغيل موانئ النفط الليبية، بينما ركز آخرون على ما أسموه زيادة الإمدادات السعودية، والتي قالوا إنها قد وصلت إلى حد إغراق الأسواق الآسيوية، فيما ذهب غيرهم إلى الأثر الإيجابي للتوافق الأميركي الأوروبي المفاجئ، الذي طبع علاقات الطرفين في ضوء النتائج التي تمخضت عنها قمة حلف الأطلسي في بروكسل، بينما رجح فريق رابع تأثير الدولار القوي.

المشكلة في هذا الضعف أنه يحدث في ظل مخاطر محفزة لصعود الأسعار لا هبوطها، إذ تصاعدت حدة التهديدات الأميركية بفرض العقوبات الاقتصادية على إيران، وهدد الإيرانيون بقفل مضيق هرمز، أهم الممرات البحرية الاستراتيجية لإمدادات النفط العالمية، فيما بدأت الصين تفعيل حزمة الإجراءات الجمركية الانتقامية ضد الولايات المتحدة.

التهديد المحوري لأسعار النفط قد يكمن في احتمالات تداعي مؤشرات التعافي الاقتصادي في الدول المتقدمة، وهذا أمر لابد أن يحدث إن عاجلا أو آجلا، في ظل صعود أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم. أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن النمو العالمي يشير إلى أن معدلات النمو في عدد من الاقتصادات المتقدمة قد أظهرت في الآونة الأخيرة استقرارا أو ضعفا، وهو ما دفع منطقة اليورو إلى عدم مجاراة الولايات المتحدة في سياسة رفع الفائدة. ولاشك في أن لهذه الحرب التجارية القائمة بين كبريات المراكز التجارية العالمية تداعيات سلبية مؤكدة على النمو الاقتصادي.

بيد أن من السابق لأوانه التأكيد على انعطاف الاقتصاد الدولي من حالة التعافي والنمو إلى حالة الانكماش والركود قبل متابعة ربعين أو ثلاثة أرباع سنوية من التراجع في المؤشرات الاقتصادية الأساسية في آسيا وأوروبا والأميركيتين.

وحتى وإن لم يحدث هذا الانعطاف في السنتين المقبلتين فإن استمرار أسعار النفط في منحاها التصاعدي لابد أن يؤدي إلى عودة النفوط الهامشية إلى السوق، وإلى تسارع وتيرة انخفاض تكاليف إنتاج الطاقات المتجددة، وإحلالها محل الطاقات الناضبة. كما أن تفاقم ظواهر التغير المناخي وتداعياتها لابد أن يزيد من حجم الضغوط على النفط، عبر زيادة الدعم الحكومي للشركات العاملة في حقل الطاقات البديلة.

التقرير السنوي الأخير لوكالة الطاقة الدولية أشار إلى أن متوسط كلفة إنتاج الكيلووات - ساعة من الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية قد انخفضت في سنة 2017 إلى ربع ما كان عليه في سنة 2010، وأنها سجلت تراجعا قياسيا إلى حدود 3 سنتات أميركية للكيلووات – ساعة في بلدان مثل المكسيك وتشيلي، كما انخفضت التكلفة المناظرة لها من طاقة الرياح إلى 6 سنتات. ويشير التقرير إلى أن تكلفة الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقات المتجددة ستضاهي تكلفة إنتاجها من النفط ومشتقاته بحلول سنة 2020.

تخطي عقبة التقنية والكلفة في تخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، اللتين لا يمكن توليدهما إلا بشكل متقطع، أي حين تشرق الشمس أو تهب الرياح القوية، يبدو أقرب إلى التحقق أكثر من أي وقت مضى، فقد نجحت بعض الشركات في تطوير تقنيات اقتصادية لتخزين الطاقة من هذين المصدرين، كما نجحت شركات أخرى في تخطي عقبات نقل مخرجاتهما من الطاقة، وتشكل هذه النجاحات عناصر إضافية ضاغطة على أسعار الخام في الأمد الطويل.

back to top