سبب الخرف الشائع قابل للعلاج!

نشر في 21-07-2018
آخر تحديث 21-07-2018 | 00:00
No Image Caption
كشفت دراسة جديدة بقيادة جامعة إدنبرة في بريطانيا مفعول المرض الذي يؤثر بوضع الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ على الخرف والجلطات الدماغية، أي مرض الأوعية الدماغية الصغيرة.
في دراسة نُشرت حديثاً في مجلة «علوم الطب الانتقالي»، ذكر الباحثون، بقيادة الأستاذة آنا ويليامز التي ترأس «مركز الطب التجديدي» التابع لمجلس الأبحاث الطبية في الجامعة، كيف درسوا الخصائص الجزيئية للمرض على الجرذان.
توصّل الباحثون إلى اكتشافات مهمّة، فحددوا مثلاً الآلية التي تُمهّد لتغيّر الأوعية الدموية حين يؤذي داء الأوعية الدماغية الصغيرة الميالين التي تغطّي الألياف العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات بين الخلايا الدماغية.

كشف العلماء أيضاً كيف عكس بعض الأدوية التغيرات الحاصلة على مستوى الأوعية الدموية ومنع تضرر الألياف العصبية في أدمغة الجرذان.

تكشف المسوحات الدماغية للمصابين بالخرف غالباً اختلالات في المادة البيضاء التي تتشكل في معظمها من ألياف عصبية وغطاء الميالين عليها. لكن قبل ظهور الدراسة، كانت الآليات الكامنة وراء داء الأوعية الدماغية الصغيرة باعتبارها المسؤولة عن تضرر الميالين في المادة البيضاء مجهولة.

إذا اتّضح أن الآلية نفسها تنشط لدى البشر حين يصابون بداء الأوعية الدماغية الصغيرة، قد تُمهّد هذه النتائج لظهور علاجات جديدة للخرف والجلطات الدماغية.

تقول د. سارة إيماريسيو، رئيسة قسم الأبحاث في «منظمة أبحاث ألزهايمر» البريطانية (إحدى المنظمات الداعمة للدراسة)، إن هذه النتائج تشير إلى «الاتجاه الواعد الذي تتخذه الأبحاث لإيجاد علاجات تحدّ من آثار التغيرات الوعائية المضرة وتسهم في الحفاظ على سلامة الخلايا العصبية لوقت أطول».

الخرف: سبب بارز للإعاقة

الخرف مصطلح عام للدلالة على الاضطرابات التي تجعل وظيفة الدماغ تتدهور مع مرور الوقت. في ظل تطور الحالة، يؤدي المرض إلى تراجع القدرة على التذكّر والتفكير والتفاعل في المجتمع واتخاذ القرارات وعيش حياة مستقلة.

عالمياً، يبلغ عدد المصابين بالخرف 50 مليون شخص وتُسجّل 10 ملايين حالة جديدة سنوياً. وتُعتبر هذه الحالة سبباً بارزاً للإعاقة لدى المسنين، وسبباً أساسياً لجعلهم يتّكلون على الآخرين. كذلك، تؤثر الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي يفرضها المرض في المسيرة المهنية والعائلة والمجتمع عموماً.

ينجم معظم حالات الخرف عن داء ألزهايمر التدريجي الذي يجعل مجموعة من البروتينات السامة تتراكم في الدماغ. لكن يمكن أن تُسبب حالات أخرى الخرف إذا كانت مسؤولة عن ضرر دماغي مباشر أو غير مباشر، من بينها الجلطات الدماغية.

خلل في الخلايا البطانية

داء الأوعية الدماغية الصغيرة شائع بين المسنين ولا يُعتبر مسؤولاً مباشراً عن الجلطات الدماغية والخرف فحسب، بل قد يزيد آثار ألزهايمر سوءاً ويُسبّب الاكتئاب ومشاكل في المشية.

خلال فترة طويلة، قيل إن مختلف خصائص مرض الأوعية الدماغية الصغيرة كانت تشير إلى أنواع مختلفة من التغيرات في الأنسجة. لكن في الفترة الأخيرة، أدرك العلماء أن تلك الخصائص تتقاسم على الأرجح تغيّرات مشابهة تؤثر في الأوعية الدموية الصغيرة. مع تقدم تقنيات التصوير، زادت سهولة استكشاف الآليات الكامنة.

اكتشفت ويليامز وزملاؤها أن هذا الداء يُسبب خللاً في الخلايا البطانية التي تتشكل في البطانة الداخلية للأوعية الدموية. لاحظ الباحثون أيضاً أن اختلال الخلايا البطانية يمنع الخلايا الطليعية من النضج والتحول إلى خلايا قادرة على تصنيع الميالين لتغطية الألياف العصبية.

مقاربة علاجية محتملة

كشف تحليل دقيق أن الجرذان التي أصيبت بمرض الأوعية الدماغية الصغيرة كانت تحمل طفرة من أنزيم الأتباز، ما أدى إلى اختلال الخلايا البطانية لديها. رُصِدت الطفرة في النسيج الدماغي الخاص بالبشر المصابين بمرض الأوعية الدماغية الصغيرة.

في المجموعة الأخيرة من التجارب، أثبت العلماء أن أخذ الأدوية لإعادة الاستقرار إلى الخلايا البطانية قد يعكس الاختلالات الحاصلة في المادة البيضاء في أولى مراحل مرض الأوعية الدموية لدى الجرذان، ما يشير إلى احتمال التوصل إلى مقاربة علاجية فاعلة.

أكدت ويليامز وفريقها ضرورة القيام بأبحاث إضافية الآن لاكتشاف ما إذا كانت الأدوية تعطي مفعولها بعد ترسّخ الداء ومعرفة مدى قدرتها على عكس أعراض الخرف.

تقول سارة إيماريسيو: «لا تستطيع راهناً أي أدوية أن تبطئ داء ألزهايمر أو توقف مساره، ولا تتوافر علاجات لمساعدة المصابين بالخرف الوعائي».

back to top