عاصفة سياسية أميركية تستقبل ترامب بعد «قمة هلسنكي»

• انتقادات جمهورية وديمقراطية للرئيس... والاستخبارات تجدد التأكيد على «التدخل الروسي»
• بوتين يشيد بـ«كفاءة» سيد البيت الأبيض
• الرئيس الأميركي يؤكد أن إيران تتداعى وينتقد «الناتو»

نشر في 18-07-2018
آخر تحديث 18-07-2018 | 00:03
بوتين خلال مقابلة مع الإعلامي كريس والاس في قناة فوكس نيوز الأميركية المحافظة (إي بي أيه)
بوتين خلال مقابلة مع الإعلامي كريس والاس في قناة فوكس نيوز الأميركية المحافظة (إي بي أيه)
عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جولته الأوروبية وسط غضب عارم في واشنطن، إذ ندد مسؤولون رفيعو المستوى في الاستخبارات وفي الحزبين الجمهوري والديمقراطي بعدم مواجهته نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قضية التدخل في الانتخابات الأميركية، معتبرين أن موقفه «شائن» و«مخز».
عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأول، إلى واشنطن، بعد قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، التي أثارت عاصفة من ردود الفعل السياسية داخل أميركا.

والتقى ترامب أمس، بأعضاء الكونغرس بعد تعرضه لانتقادات حادة حتى من معسكره الجمهوري وخصومه الديمقراطيين على حد سواء، بسبب اتخاذه مواقف اعتبرت ممالئة جداً لروسيا، بينما يسعى البيت الأبيض منذ أشهر جاهداً لتبديد تلميح بأن ترامب غير مستعد للوقوف في وجه بوتين.

ودان سياسيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ترامب موجهين إليه انتقادات لاذعة جاءت عبر شبكة "فوكس نيوز" المؤيدة عادة للملياردير الأميركي.

في السياق، أعلن السناتور الجمهوري جون ماكين، إن "المؤتمر الصحافي في هلسنكي كان أحد أسوأ الأداءات المخزية لرئيس أميركي في التاريخ"، مشيراً إلى أن "الضرر الذي أحدثه ترامب بسذاجته وغروره ومساواته الزائفة بين موسكو والأجهزة الأميركية وتعاطفه مع حكام متسلطين أمر يصعب تقديره".

وأضاف: "لم يسبق لرئيس أن حط من قيمته بهذا القدر من الذل أمام طاغية، لم يتقاعس الرئيس ترامب فحسب عن قول الحقيقة عن خصم، ولكن رئيسنا الذي يتحدث باسم أميركا للعالم تقاعس عن الدفاع عن كل ما يجعلنا ما نحن عليه، جمهورية شعب حر كرس نفسه لقضية الحرية في الداخل والخارج. من الواضح أن قمة هلسنكي كانت خطأ مأساوياً".

وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين، "على الرئيس أن يدرك أن روسيا ليست حليفتنا". وأضاف: "لا يمكن المساواة أخلاقياً بين الولايات المتحدة وروسيا التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الأساسية".

وأيضاً، قال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إن رد ترامب في قضية التدخل "ستعتبره روسيا علامة ضعف". وأضاف: "أضاع الرئيس ترامب فرصة لمحاسبة روسيا على التدخل في انتخابات عام 2016 وتوجيه تحذير قوي يتعلق بالانتخابات القادمة. ستنظر روسيا إلى رد ترامب على أنه دلالة على الضعف وهذا الرد يخلق مشكلات أكثر مما يحل".

وتوجه ترامب إلى القمة عازماً على بناء روابط شخصية مع سيد الكرملين، مبرراً تدهور العلاقات إلى المستوى الحالي بـ"غباء" أسلافه.

وقال سناتور أريزونا، الجمهوري والمعارض الشرس لترامب جيف فليك: "لم اعتقد أبداً أنني سأرى اليوم الذي يقف فيه رئيسنا على المنصة مع الرئيس الروسي ويوجه اللوم للولايات المتحدة وليس للعدوان الروسي. هذا أمر مشين".

واستخدم الديمقراطيون لغة أكثر حدة وصلت إلى حد اتهام ترامب بـ"الخيانة".

فنانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، كتبت على "تويتر": "في كل يوم اسأل نفسي: ما الذي يمسكه الروس على دونالد ترامب شخصياً هل هي أمور مالية أم سياسية؟ والإجابة على هذا السؤال هو الشيء الوحيد الذي يفسر سلوكه ورفضه للوقوف أمام بوتين".

ودعا زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى أن يبذل الحزبان جهداً "لزيادة" العقوبات على موسكو. وقال: "من غير المسؤول والخطير والضعيف أن يكون رئيس الولايات المتحدة مع الرئيس بوتين ضد سلطات إنفاذ القانون الأميركية، ومسؤولي وزارة الدفاع الأميركيين، وأجهزة الاستخبارات الأميركية".

وأعلن النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا جيمي غوميز، أن "الوقوف مع بوتين ضد الاستخبارات الاميركية يثير الاشمئزاز. عدم الدفاع عن الولايات المتحدة يصل إلى شفير الخيانة".

وقال آدم شيف، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في الكونغرس، إن ترامب أعطى بوتين "ضوءاً أخضر للتدخل في 2018".

وجاء انتقاد السناتور الديمقراطي كريس مورفي أكثر حدة بقوله "هذه الرحلة برمتها كانت بمنزلة شتيمة كبرى وجهها الرئيس الأميركي ألى بلاده".

واعتُبر تصريح كوتس بمثابة دفاع مفاجئ غير معهود من الاستخبارات الأميركية بوجه البيت الأبيض.

كوتس

ورد مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس بشكل مباشر على ترامب، الذي عينه في المنصب، مؤكداً أن تقييم أجهزة الاستخبارات واستنتاجها بأن موسكو تدخلت في السباق الرئاسي قبل عامين كان "واضحاً ومبنياً على وقائع". وتابع كوتس أن روسيا "لا تزال تبذل جهوداً متواصلة ومكثفة لتقويض وضرب ديمقراطيتنا".

وقال: "كنا واضحين في تقييمنا للتدخل الروسي في انتخابات 2016 وجهود روسيا لتقويض ديمقراطيتنا، وسنواصل تقديم معلومات استخبارية دقيقة وموضوعية لدعم أمننا القومي".

وكان رد ترامب على سؤال حول عمليات القرصنة والتدخل الروسي في انتخابات 2016 التي فاز فيها على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، صادماً لحلفائه الأميركيين وخصومه على السواء.

وأعلن ترامب، أن بوتين "قال للتو إن روسيا لم تقم بذلك. وأنا أقول: لا أرى سبباً لكي تكون روسيا هي الفاعلة".

خيانة وعزل

وذهب مدير الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA" السابق جون برينان إلى أبعد من ذلك، وقال إنه يجب عزل ترامب من منصبه، واصفاً أداءه في المؤتمر الصحافي في هلسنكي بأنه "خيانة"ـ متسائلاً : "أيها الجمهوريون الوطنيون: أين أنتم؟".

أما المدير السابق لـ "CIA" جيمس كلابر فوصف "اذعان" ترامب لبوتين بأنه "استسلام لا يعقل".

وفي الضفة المقابلة، أشاد الرئيس الروسي بنظيره الأميركي كمحاور جيد واسع الاطلاع.

وفي مقابلة مع "القناة الأولى" الروسية الرسمية أجريت بعد المؤتمر الصحافي المشترك، قال بوتين، إن "ترامب شخص كفء بشكل جيد، يعرف المادة، يستمع ويأخذ بالحجج"، مضيفاً أنه "في بعض المسائل يتشبث برأيه"، معطياً كمثال على ذلك قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. وأوضح ان ترامب "محاور مثير للاهتمام، الجميع يعتقدون أنه رجل أعمال حصراً. أنا لا أعتقد أن الأمر كذلك، لأنه فعلياً رجل سياسة الآن".

واعتبر أن "ترامب يعرف كيف يستمع، وينصت لما يريده الناخب والرأي العام منه، وهو يقوم بعمل جيد في هذا الشأن".

وفي مقابلة أخرى أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، ذكر الرئيس الروسي أن العلاقات بين البلدين، يجب ألا تكون رهينة التحقيق الذي يجريه المستشار الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي.

وقال بوتين، إن موسكو وواشنطن تتمسكان بآرائهما المتباينة حول ضم القرم من أوكرانيا عام 2014.

وأضاف بوتين، «موقف الرئيس ترامب من شبه جزيرة القرم معروف تماماً وهو ملتزم به. يتحدث عن ضم منطقة القرم للاتحاد الروسي بشكل غير قانوني. لدينا وجهة نظر مختلفة، ونعتقد أننا أجرينا استفتاء مع الالتزام الصارم بالتشريعات الدولية. بالنسبة لنا... بالنسبة للاتحاد الروسي. هذه المسألة مُنتهية».

أما ترامب، فقال في مقابلة أيصاً مع "فوكس نيوز"، إن التحقيق الذي يجريه مولر ادى الى زيادة التوتر وقد يزيد الأمور تعقيداً بين الولايات المتحدة وروسيا.

وبالنسبة لإيران، قال ترامب إن "بوتين يود على الارجح إبقاء الاتفاق النووي معها لأن هذا أمر جيد بالنسبة لروسيا لكنه ليس جيداً بالنسبة للولايات المتحدة والعالم في نهاية المطاف".

واضاف "إيران تتداعى فهي تشهد أعمال شغب في كل مدنها وتعاني تفشي التضخم"، مشدداً على أن "هذا النظام لا يريد أن يعرف الناس أننا نقف وراءهم وندعمهم مئة في المئة".

وأردف: "لديهم تظاهرات في أنحاء البلاد وقد حدثت معارك منذ أن أنهيتُ الاتفاق. لذلك سنرى".

كما واصل ترامب انتقاداته لحلفائه الرئيسيين مؤكداً أن واشنطن "تدفع 91 في المئة من تكلفة المحافظة على أمن أوروبا"، مكرراً ما قاله خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل.

الكرة في ملعب بارون

قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كرة قدم لنظيره الأميركي دونالد ترامب في أول قمة ثنائية بينهما أمس الأول.

وقال بوتين خلال القمة التي عقدت في هلسنكي بعد يوم من اختتام روسيا استضافة نهائيات كأس العالم هذا العام: «الكرة الآن في ملعبك».

وألقى ترامب الكرة إلى زوجته ميلانيا، وقال إنهما سيقدمانها لابنهما بارون (12 عاما).

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي ساعد ترامب في هلسنكي، كتب على «تويتر» قبيل القمة إن «وجود علاقة أفضل مع الحكومة الروسية سيفيد الجميع، لكن الكرة في ملعب روسيا».

The Washington Post : بوتين حقق نصراً رمزياً

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، تعليقا على قمة هلسنكي، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال سابقا إنه يريد التطرق خلال قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قضية التدخل الروسي في الانتخابات، «لكن النتيجة كانت سلسلة من التصريحات كان يمكن أن تمليها موسكو».

وتابعت: «حتى وإن لم يحصل بوتين من ترامب على شيء ملموس، فإنه حقق نصرا رمزيا من خلال ظهوره كشريك ند للرئيس الأميركي في علاقة ذات مسؤولية خاصة عن الحفاظ على الأمن الدولي حسب وصفه».

The New York Times : حصلنا فقط على كرة قدم متلألئة!

كتبت صحيفة "نيويورك تايمز": "ليست هناك دلائل على أن الولايات المتحدة حققت مكسبا ما من وراء خنوع ترامب للسيد بوتين"، واضافت بسخرية: "رغم أن ترامب نفسه حصل على كرة قدم جديدة متلألئة".

وتابعت: "يظل سبب عدم تطرق الرئيس إلى الدناءة الروسية، خلافا لأسلافه الجمهوريين والديمقراطيين، في طي الكتمان. فليس لدى الرئيس مشكلة في توزيع الانتقادات عندما يكون في حضرة حلفاء أميركا الأوروبيين، ومهاجمتهم كفشلة، ومهاجمة الاتحاد الأوروبي كعدو، أو عندما يدين وسائل الإعلام كأعداء الشعب، لكن ضعه إلى جانب السيد بوتين ومستبدين آخرين فسيكون ليّنا مثل المعجون".

Las Angeles Times : ترامب ليس قائداً

رأت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن "من الصادم أن الرئيس لا يعطي الاستنتاجات، التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ووكالة الأمن القومي والشرطة الاتحادية ومكتب منسق الاستخبارات، وزنا أكبر من الوزن الذي يعطيه للكلام الفارغ لدكتاتور روسي متلاعب".

وأثنت الصحيفة على أن "أعضاء آخرين في حكومة ترامب يرون ذلك بشكل واضح، لحسن الحظ، لكن ليس هناك بديل عن الدور القيادي للرئيس في هذه القضية"، متابعة: "لقد برهن ترامب بشكل وضيع على أنه ليس قادرا على القيام بهذا الدور".

RZECZPOSPOLITA : بوتين تحول إلى محامي ترامب

أفادت صحيفة "رزيتش بوسبوليتا" البولندية: "ربما لا نعلم أبدا ما الذي تم التوصل إليه حقا خلال القمة، حيث تمت المباحثات بين الزعيمين في وجود المترجمين فقط، لكن من المؤكد أن نبرة الحديث بين القوتين العظميين قد تغيرت تماما".

وأكدت الصحيفة أن "الرئيس الروسي أراد أن تحقق القمة اختراقا للعزلة التي تعانيها روسيا منذ هجومها على أوكرانيا قبل أربع سنوات، لكن نجاحه كان أعظم من ذلك، لأنه ظهر كمدافع عن استقامة ترامب عندما دافع عنه ضد اتهامات وسائل إعلام أميركية له بأنه تعاون مع روسيا في انتخابات 2016".

LA STAMPA : عناق أصدقاء أم خيانة؟

قالت صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية: "الأمر كاد يكون كأنه عناق بين أصدقاء، بتفسيرات متناقضة، فبالنسبة لبوتين كانت قمة هلسنكي إيذانا بإنهاء الحرب الباردة، وهو ما يفتح الباب أمام التعاون المفيد على جميع جبهات العالم، أما بالنسبة للمنتقدين فإن القمة برهنت على التعامل السري بين البيت الأبيض والكرملين، بل ربما برهنت على خيانة الأمة".

back to top