ترامب وبوتين متناقضان... لكن!

تجمعهما نزعة سلطوية وثراء فاحش ويفرّقهما وسائل التواصل والظهور العلني

نشر في 16-07-2018
آخر تحديث 16-07-2018 | 00:02
No Image Caption
تساءل دونالد ترامب حين كان يستعد قبل 5 سنوات للسفر الى روسيا لحضور حفل انتخاب ملكة جمال الكون ما إذا كان سيلتقي فلاديمير بوتين، وأعلن حينها على «تويتر»: «اذا حصل ذلك هل سيصبح صديقي المقرب الجديد؟».

اليوم، يطرح العالم السؤال نفسه مع استعداد المقدم السابق لبرنامج «ذي ابرنتيس» (المتدرب)، الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة للقاء الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الروسي (كي جي بي) في هلسنكي في أول قمة تجمع بينهما.

لطالما أعرب ترامب عن إعجابه بالقائد القوي في وقت تتهم الاستخبارات الاميركية الزعيم الروسي بالتدخل في الانتخابات الأميركية في 2016 لترجيح فوز الملياردير على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ومن الصعب أن يكون مزاج الرجلين وأسلوبهما اكثر تناقضا.

ففي حين يتحدث ترامب بعفوية، وغالبا ما يناقض بتصريحاته المنفعلة مستشاريه - وأحيانا نفسه - لا عفوية على الإطلاق في الظهور العلني لبوتين، الذي نادرا ما تظهر انفعالاته. ويطّلع بوتين بشكل دائم على التقارير الاستخبارية والملخصات الصحافية، في المقابل تفيد تقارير بأن مستشاري ترامب يعانون الأمريّن لحضه على قراءة الملخصات حتى تلك الأكثر إيجازا.

وبينما يجاهر الرئيس الاميركي بمواقفه وآرائه على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يحمل نظيره الروسي حتى هاتفا ذكيا، ويعتمد على وسائل الإعلام لنقل آرائه.

رغم ذلك، ليس بالضرورة أن يحول التناقض من دون أن يجد الرجلان ما يجمعهما.

ذكاء استثنائي

وتقول المحللة السياسية في «معهد بروكينغز» بواشنطن الينا بولياكوفا «أثبت بوتين انه يتمتع بذكاء استثنائي في ما يتعلق بفهم الشخصيات والأشخاص».

وتابعت: «في النهاية هذا ما تدرب عليه كضابط في الاستخبارات، وأعتقد انه يجيد بشكل خاص كشف نقاط الضعف في أي شخص يجلس معه». وتضيف بولياكوفا: «سيمتدح ترامب وسيحاول ايجاد روابط معه على طريقة الند للند. سيتجاوب ترامب مع هذا الأمر».

النزعة السلطوية

وتجمع الرجلين النزعة السلطوية. فبعد القمة الأخيرة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة، أعلن ترامب أنه يود أن يصغي الاميركيون عندما يتحدث مثلما يفعل الكوريون الشماليون حين يتحدث كيم، وقال «انه يتحدث وشعبه يستمع اليه بانتباه. أريد من شعبي أن يفعل الشيء نفسه».

ويفضل الزعيمان المفاجآت واتخاذ القرارات الأحادية على الغرق في تفاصيل التعامل مع المؤسسات والشؤون الإدارية.

ووعد كل من الزعيمين القوميين بأن يجعل بلاده «عظيمة مجددا»: بوتين خلال فترة انعدام الاستقرار التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي، وترامب بعد ما وصفه بفترة تراجع الصناعة الاميركية. والرجلان فاحشا الثراء، إلا أن لديهما طرقا مختلفة لإظهار ذلك. وأظهرت وثائقيات عرضها التلفزيون الروسي الرسمي اعتماد بوتين نمط حياة متقشفا، إلا أن المقربين منه جمعوا ثروات طائلة، فيما يقول معارضوه إن الرئيس نفسه يملك عشرات مليارات الدولارات.

تباهٍ بالثروات

في المقابل، يعتبر ترامب مرادفا للتباهي بالثروات، وهو يستخدم مصعدا ذهبيا للتوجه الى شقته في نيويورك، علما بأن تقارير إعلامية اميركية تفيد بأن ثروته تقل بمليارات عما يدعيه.

ولد بوتين عام 1952 في لينينغراد التي أصبح اسمها سان بطرسبرغ في أسرة من الطبقة العاملة، والتحق بجهاز الاستخبارات الروسي (كي جي بي) عندما كان في العشرينيات من العمر.

أما ترامب فكان الابن الرابع من أصل خمسة لقطب عقارات ثري في نيويورك. واستثمر ما وصفه بأنه «قرض صغير جدا» بمليون دولار حصل عليه من والده للانطلاق في مجال العقارات. وفي شبابهما كان الرجلان ينحوان للدخول في شجارات.

ويقول بوتين إنه تعلّم في شوارع لينينغراد أن يكون «اول من يضرب»، في حين تشير وثائقيات الإعلام الاميركي الى شجارات عنيفة بين ترامب وطلاب صفه في المدرسة الثانوية.

وإبان ثمانينيات القرن الماضي مع بناء ترامب امبراطوريته، عايش بوتين من مدينة دريسدن في المانيا الشرقية، حيث كان مقره كعميل للاستخبارات، انهيار الاتحاد السوفياتي.

وفي حين توجد عائلة ترامب في صلب امبراطوريته التي تحمل اسم شهرته، يحمي بوتين المطلّق خصوصيته بقوة، ولا تظهر ابنتاه علنا.

وعمل ترامب على أن يتعرف الآخرون على نواحي حياته منذ صعوده في مجال الأعمال الى بروزه كنجم لتلفزيون الواقع مطلع الألفية الثانية.

وباستثناء تفاصيل قليلة كشفها للصحافيين على مر السنين، المعلومات حول بوتين شحيحة جدا، وهو ارتقى في المناصب قبل أن يتسلم الرئاسة من سلفه بوريس يلتسين.

«رجل بلا وجه»

وعنونت الباحثة الروسية المرموقة ماشا غيسن كتابها عن الرئيس الروسي بـ «رجل بلا وجه» في وصف لا يمكن أن ينطبق مطلقا على نظيره الاميركي.

ودخل بوتين المعترك السياسي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، كمساعد لعمدة سان بطرسبرغ، أناتولي سوبشاك، الذي كان أيضاً معلماً مرموقاً لرئيس الوزراء الروسي الحالي، ديمتري ميدفيديف، حليف بوتين منذ فترة طويلة.

وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي، تم استدعاء بوتين للعمل بالإدارة الرئاسية في عهد يلتسين، وهو التعيين الذي وضعه في النهاية خلفا لرئاسة البلاد. وقد اكتسب بوتين سمعة كضامن للاستقرار في روسيا، وذلك مقارنة مع الفترة المضطربة في تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

back to top