الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وترامب

نشر في 13-07-2018
آخر تحديث 13-07-2018 | 00:00
 فوراين بوليسي لا يخفى على أحد أن ترامب يملك كرهاً فطرياً للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، فقد دعم تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة، كذلك نصح ماكرون على ما يبدو بضرورة أن ينسحب بلده أيضاً من هذا الاتحاد، وقبل أيام ادعى خطأ أن الاتحاد الأوروبي أُنشئ "لاستغلال الولايات المتحدة". بالإضافة إلى ذلك، لا ينفك ترامب من التذمر بأن الأعضاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يخصصون مبالغ كافية للدفاع، وقدّم دعماً باهتاً لبند الدفاع المتبادل الذي يشكّل جوهر معاهدة الناتو.

لذلك لا عجب في أن ينظر الأوروبيون والأميركيون على حد سواء إلى قمة الناتو بشيء من القلق. بما أن هذه القمة تأتي في أعقاب نوبات غضب ترامب العنيفة خلال قمة مجموعة الدول السبع وبعدها في شهر يونيو، وبما أنها ستُعقد قبيل لقائها المنفرد المقرر مع الرئيس الروسي بوتين، فقد تتحول هذه القمة إلى النظير السياسي لحادث تصادم بين 29 سيارة.

لم يُنشأ الاتحاد الأوروبي والمنظمات التي أدت إلى ولادته لسرقة الولايات المتحدة، كما يدعي ترامب. على العكس، أُسست لمساعدة أوروبا الغربية في اكتساب القوة الاقتصادية الضرورية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وجعل الحرب بين دول أوروبا المنفصلة بعيدة الاحتمال أو حتى غير واردة البتة.

تفتقر معارضة ترامب التلقائية للاتحاد الأوروبي وتشكيكه في الناتو إلى بعد النظر ويعكسان تناقضاً واضحاً، يعتقد الرئيس الأميركي على ما يبدو أن الخروج من الناتو يوفّر على الولايات المتحدة الكثير من المال، لكن هذا لن يحدث إذا قررت وزارة الدفاع الأميركية تخصيص هذا المال لمهام أخرى وإذا أتاحت المساهمة في تقويض الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة فرض "صفقات" أحادية الطرف على أعضائه. تُعتبر الخطوة الثانية مستبعدة، لكن الأهم من ذلك أن زعزعة الاتحاد الأوروبي تسرّع إعادة إضفاء طابع قومي على السياسة الخارجية الأوروبية وإعادة إشعال المنافسة الأمنية في القارة، مما يرغم بدوره الولايات المتحدة على تخصيص انتباه لأوروبا يفوق ما قد تحتاج إليه إذا ظلت أوروبا موحدة إلى حد ما وهادئة عموماً.

نصل هنا إلى اللقاء المقبل بين ترامب وبوتين، بخلاف مَن يعتبرون الرئيس الروسي أمير الظلام الذي يتحكم في ترامب كما لو أنه دميته، أعتقد، أولاً، أن الغرب يتحمل المقدار ذاته من اللوم لتردي العلاقات، وأن من الجيد، ثانياً، العمل على إصلاح هذه العلاقات، وأن من المنطقي، ثالثاً، أن يتحاور ترامب بشكل مباشر مع بوتين كي يعرف ما إذا كانت الخطوة الثانية ممكنة.

باختصار، يُعتبر هذا اللقاء مع بوتين ناجحاً وفق معايير ترامب لمجرد عقده، حتى لو عمد الزعيم الروسي الذي يشتهر بانضباطه إلى التحايل على ترامب تماماً كما فعل كيم.

ولكن ما قد يساهم في تفادي هذه الكارثة الوشيكة، وخصوصاً بعدما أصبح ترامب، وفق معظم التقارير، أقل اهتماماً بنصائح الخبراء وأكثر ميلاً إلى الوثوق بحدسه الناقص؟ لا أعرف الجواب، لكننا نعي جيداً أن هذا الرئيس يتأثر بالانتقاد ويكره أن يتحول إلى أضحوكة، ولو كنت ممن يحاولون توجيهه في الاتجاه الصحيح لأخبرته أنني أخشى أن قادة مثل كيم، وشي جين بينغ، وبوتين بدؤوا يسخرون من سذاجته الدبلوماسية، وأن الطريقة الوحيدة لوقف سخريتهم هذه تشمل إمضاءه بضعة أيام في التصرف كرجل دولة لا كأبله.

* ستيفن م. والت

* «فورين بوليسي»

back to top