السكري من النمط الثاني... القهوة لضبط الغلوكوز

نشر في 07-07-2018
آخر تحديث 07-07-2018 | 00:00
No Image Caption
قد يتمكّن مرضى الداء السكري من النمط الثاني ذات يوم من ضبط معدل السكر في دمهم بشرب الشاي أو القهوة، وذلك بفضل علم الأحياء التركيبي.
صمَّم علماء من المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيورخ بسويسرا واختبروا دارة جينية اصطناعية تتفاعل مع نسب الكافيين في المشروب. تُحقق ذلك بإطلاق مركب لضبط الغلوكوز يُستخدم في علاج الداء السكري من النمط الثاني.

وضع الباحثون الدارة في خلايا ثم زرعوا الأخيرة في فئران تعاني الداء السكري. تبين أن استهلاك القهوة يخفض معدلات الغلوكوز في الدم تماشياً مع جرعات الكافيين المختلفة. عندما دخل الكافيين مجرى دم الفئران، نشّط الدارة الجينية الاصطناعية ودفعها إلى إطلاق مركب خفض معدلات الغلوكوز.

فصّل الباحثون اكتشافاتهم في تقرير دراسة نشروه أخيراً في مجلة Nature Communications.

يشكّل الداء السكري مشكلة صحية عامة متفاقمة تصيب مئات الملايين حول العالم. يعود تفشيه خصوصاً إلى ازدياد النمط الثاني منه، وهو حالة تظهر عندما تفقد الخلايا قدرتها على استخدام الإنسولين بغية تحويل الغلوكوز (أو سكر الدم) إلى طاقة.

لكن هذا العبء يتراجع إذا نجح عدد أكبر من المرضى في بلوغ الأهداف العلاجية التي يوصي بها أطباؤهم. لذلك يشير الخبراء إلى أننا نحتاج إلى «نماذج رعاية» أفضل بغية مواجهة هذه المشكلة.

في الوقت الراهن، يُضطر المرضى إلى مراقبة معدلات الغلوكوز في دمهم بعد كل وجبة والتفاعل بسرعة مع أي ارتفاع فيها، مستخدمين الأدوية التي يصفها لهم أطباؤهم.

علم الأحياء التركيبي والدارات الجينية

يصف الباحثون علم الأحياء التركيبي بأنه «اندماج بين الهندسة وعلم الأحياء» أتاح للعلماء في السنوات الأخيرة تصميم دارات جينية تُستخدم لأغراض حيوية طبية.

تعيد الدارات الجينية الاصطناعية برمجة الخلايا بغية استخدام آلياتها القائمة بطريقة محددة. تشمل الأمثلة على ذلك تطوير «مفاتيح جزيئية» تتحكّم بدقة بالخلايا المناعية في محاولة لجعل علاج السرطان أكثر أماناً ودقة.

لكن العلماء يواجهون عدداً من التحديات أثناء تطوير دارات جينية اصطناعية. من هذه التحديات اختيار المحفّز المناسب كي لا تنشط الدارة خطأ والتأكد من أن رد الفعل يقتصر على المطلوب ولا يؤدي إلى تأثيرات جانبية.

إنتاج البيبتيد المحفَّز بالكافيين

في التقرير، يصف العلماء عملية ابتكارهم «مستقبلات اصطناعية بالكامل تستشعر الكافيين» عند بلوغه معدلات تعادل ما يحتوي عليه عادةً كوب قهوة.

المستقبلات بروتينات تقبع على سطح الخلايا ولا تتفاعل إلا عندما تصادف جزيئاً محدداً، تماماً كما لو أنك أدخلت مفتاحاً فريداً في قفل. فتؤدي عملية الاتحاد هذه إلى تحفيز رد فعل محدد داخل الخلية.

في هذه الحالة، يشكّل الكافيين المحفز. أما رد الفعل، فيشمل إنتاج «بيبتيد 1 الاصطناعي الشبيه بالغلوكاغون البشري»، وهو مركب يُستخدم في علاج الداء السكري من النمط الثاني بغية خفض معدلات الغلوكوز في الدم.

سمّى معدو الدراسة الدارة الجينية «ضابطاً متقدماً يُحفَّز بالكافيين (C-STAR)»، واختبروها بإدخالها إلى «خلايا مُصممة».

اختبروا (في المختبر) تفاعل خلايا C-STAR مع مصادر كافيين مختلفة تضمّ جرعات متفاوتة، من بينها ماركات مشروبات تجارية. كذلك زرعوا هذه الخلايا في فئران عُدلت لتعاني الداء السكري من النمط الثاني.

«تحسّن ضبط الغلوكوز»

في اختبارات الخلايا وتجارب الفئران التي زُرعت فيها خلايا C-STAR، حفّز وجود الكافيين تبدلاً في التعبير الجيني قابلاً للعكس يعتمد على الجرعة.

اكتفى الفريق في البداية باختبار تأثير المحفز بربطه بـ{جينة مراسلة» تحمل شفرة بروتين يمكنهم إجراء فحوص له.

عمل الباحثون بعد ذلك على استبدال بالجينة المراسلة جينة تحمل شفرة «بروتين معد هندسياً وحاصل على موافقة سريرية» لاستخدامه في علاج الداء السكري من النمط الثاني. يُدعى هذا البروتين بيبتيد 1 الاصطناعي الشبيه بالغلوكاغون البشري.

لاحظ الباحثون أن الدارات، عند تحفيزها، تدفع الخلايا إلى إنتاج بيبتيد 1 الشبيه بالغلوكاغون. وهكذا تمتعت الفئران المعالجة «بتحسّن كبير» في ضبط الغلوكوز، مقارنةً بمجموعات الضبط غير المعالجة.

تكامل العلاج ونمط الحياة

من ميزات استخدام الكافيين كمحفز أنه «غير سام وغير مكلف وأنه يتوافر في مشروبات محددة فحسب». إذاً، تُظهر الدراسة الجديدة أن من الممكن «ضبط» العلاجات، التي تقوم على دارات جينية اصطناعية، كي تتفاعل مع مشروبات يومية «مثل الشاي والقهوة من دون إضافة مواد كيماوية أخرى»، وفق معدي الدراسة.

علاوة على ذلك، «يتكامل العلاج مع نمط الحياة»، يؤكد الباحثون أن هذه المقاربة تشكّل طريقة ممتازة لدفع المرضى إلى الالتزام بطوعية أكبر بالبرامج العلاجية. يختمون: «لما كانت العلاجات التي تستند إلى أنظمة مماثلة تستغل عادات ثقافية روتينية، فيُفترض أن تندمج بسهولة في نمط حياة المريض. لذلك قد تتحوّل إلى دعامة أساسية يُبنى عليها الجيل الجديد من الطب المعدل ليتلاءم مع حالة كل مريض».

من ميزات استخدام الكافيين كمحفز أنه غير سام وغير مكلف ويتوافر في مشروبات محددة
back to top