قد يكون الوقت حليف نافتا الأفضل

نشر في 03-07-2018
آخر تحديث 03-07-2018 | 00:05
 وورلد بوليتيكس ريفيو لن يتسلم رئيس المكسيك الجديد منصبه حتى الأول من ديسمبر، مما يعني أننا لن نشهد خلال الفترة المتبقية من السنة تقدماً يُذكر في المفاوضات بين المكسيك، وكندا، والولايات المتحدة بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) "المحسّنة"، وبحلول شهر ديسمبر، سيكون الناخبون الأميركيون قد انتخبوا كونغرساً جديداً قد يضم مجلساً واحداً على الأقل يسيطر عليه الحزب الديمقراطي حين يجتمع الكونغرس مجدداً في شهر يناير المقبل، وفي مرحلة لاحقة من عام 2019، سيخوض الكنديون بدورهم انتخابات برلمانية.

نرى جلياً ثلاث نتائج محتملة لسعي إدارة ترامب إلى "إصلاح" نافتا: التوصل إلى اتفاق مراجع محسّن، إصدار ترامب الأمر بالانسحاب، أو عدم التوصل إلى توافق مع استمرار العمل بالاتفاقية الراهنة، علماً أن النتيجة الثالثة تُعتبر الأكثر احتمالاً.

من بين المسائل الكثيرة، التي يعمل المفاوضون الأميركيون، والمكسيكيون، والكنديون على التوصل إلى حل وسط فيها، تبرز ثلاثة أمور تشكل العقبات الكبرى: أولاً، تريد إدارة ترامب إضافة "بند انتهاء صلاحية" إلى الاتفاقية، ما يعتبره مجتمع الأعمال الأميركي كما المكسيكي والكندي غير مقبول. يُنهي هذا الطرح نافتا تلقائياً بعد خمس سنوات، ما لم تتخذ الأطراف الثلاثة خطوات إيجابية لإطالتها. قابل المفاوضون الكنديون والمكسيكيون طرح ترامب باقتراح عملية مراجعة دورية لاتفاق التجارة الحرة هذا. لكن فكرة "انتهاء الصلاحية" مرفوضة بسبب حالة عدم الاستقرار المتفاقمة التي تولّدها للمستثمرين والتجار.

ثانياً، يريد المفاوضون الأميركيون أيضاً إلغاء مادتين من نافتا تُعنيان بحل الخلافات: الفصل التاسع عشر عن فرض عقوبات تجارية رداً على الممارسات التجارية غير النزيهة والفصل الحادي عشر عن السماح للمستثمرين الأجانب بتحدي التدابير الحكومية التي يعتبرونها تمييزية. تعارض كندا بشدة هذه الخطوة، بما أنها كانت في ثمانينيات القرن الماضي هدفاً مستمراً لفرض الأميركيين رسوم مكافحة إغراق وتعويض، لذلك شكّل الفصل التاسع عشر، الذي يقضي بمراجعة هذه الحالات، إحدى أبرز الأولويات الكندية عندما تفاوضت كندا مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق تجارة حرة ثنائي أميركي-كندي عام 1988.

ثالثاً، تخشى جارتا الولايات المتحدة كلتاهما، وخصوصاً المكسيك، طلب إدارة ترامب فرض قواعد أكثر تشدداً على مصدر السيارات، فيرغب ترامب ومستشاروه في تعزيز حصة القيمة النهائية التي تقدمها المكونات الأميركية الشمالية.

علاوة على ذلك شهدنا في الآونة الأخيرة تطورات قد تحدّ أكثر من إمكان التوصل إلى تسوية في المسائل المعقدة: أولاً، رفضت إدارة ترامب إعفاء كندا والمكسيك من الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الفولاذ والألمنيوم، ثم طلب الرئيس الأميركي التحقيق في تداعيات السيارات المستوردة على الأمن القومي. لطالما انتقد ترامب الرسوم الجمركية الأوروبية على السيارات، معتبراً إياها مجحفة جداً. لكن هذه الخطوة فُسّرت عموماً على أنها طريقة لمنح الولايات المتحدة نفوذاً أكبر في محادثات نافتا بشأن قواعد منشأ السيارات، التي تُعدّ إحدى أولويات ترامب، فقد يتجاهل رئيس الورزاء الكندي جاستن ترودو هجمات ترامب الشخصية القاسية ضده في أعقاب قمة مجموعة الدول السبع التي شابها الكثير من التوتر، لكن هذا لن يسهّل عليه تقديم تنازلات تجارية والترويج لها بين الشعب الكندي المرتاب.

إذا طالت المحادثات، يبقى أيضاً احتمال أن ينفذ ترامب تهديده الأول بالانسحاب من نافتا، لكن انسحاب الولايات المتحدة من نافتا سيؤدي أيضاً إلى نتائج سيئة من وجهة نظر ترامب عن العالم التجاري، فمن دون نافتا ستخضع الرسوم الجمركية للمستويات الأعلى التي يلتزم بها كل بلد في منظمة التجارة العالمية. نتيجة لذلك قد تصبح الرسوم الجمركية المكسيكية المفروضة على الصادرات الأميركية أعلى بنحو عشر مرات كمعدل من الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة ضد الصادرات المكسيكية.

لا شك أن تصديق الولايات المتحدة على الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر الهادئ، التي عُرفت سابقاً بالشراكة عبر الهادئ، كان سيؤدي إلى تحديث نافتا من دون الحاجة إلى المزيد من المفاوضات، لكن ترامب ألغى هذا المسار عندما سحب الولايات المتحدة من هذه الصفقة بعد ثلاثة أيام فقط من توليه سدة الرئاسة.

وفي مرحلة ما في المستقبل وفي عهد رئيس مختلف سيشكل الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر الهادئ الحل لتحديث نافتا، ولكن في الوقت الراهن يبقى الأفضل بين الخيارات المتاحة أمام كندا والمكسيك والاقتصاد الأميركي مواصلة خوض المفاوضات والتعويل على أن تفتح الانتخابات المقبلة الباب أمام المزيد من التفاوض لا أن توصده.

* كيمبرلي إليوت

* «ورلد بوليتيكس ريفيو»

back to top