الاستيقاظ المبكر يُخفّض خطر الاكتئاب

نشر في 25-06-2018
آخر تحديث 25-06-2018 | 00:00
No Image Caption
هل يؤثر إيقاع النوم واليقظة في خطر الإصابة بالاكتئاب؟ تؤكد دراسة جديدة وجود هذا الأثر ويبدو أن الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً يحصدون أكبر المنافع.
تكشف الدراسات أن الأنواع الزمنية، أي إيقاعات النوم واليقظة، قد تؤثر في صحة الناس وراحتهم. بالتالي، سينعكس ميلنا إلى الاستيقاظ والنوم في وقت مبكر أو في وقت متأخر على خطر إصابتنا بمشاكل نفسية مثل الاكتئاب.

قرر باحثون من جامعة «بولدير كولورادو» ومن قسم «تشانينغ» لطب الشبكات في مستشفى «بريغهام» للنساء في بوسطن، ماساتشوستس، أن يحللوا العلاقة القائمة بين نزعات النوم واليقظة وبين خطر الاكتئاب. راجعوا بيانات تعود إلى مجموعة من المشاركين في الدراسة الثانية لصحة الممرضات: تركز هذه الدراسة السكانية الواسعة والمستمرة على تحديد عوامل الخطر التي تُمهّد لإصابة النساء بأمراض مزمنة وحادة.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة سيلين فيتير: «تكشف نتائجنا رابطاً خفيفاً بين النوع الزمني وخطر الاكتئاب، ربما يتعلق بتداخل المسارات الوراثية المرتبطة بالنوع الزمني والمزاج».

إنها أكبر وأعمق دراسة حول الرابط القائم بين اضطرابات المزاج والنوع الزمني حتى الآن. نُشرت نتائج البحث في «مجلة أبحاث الطب النفسي».

هل يضمن الاستيقاظ المبكر أعلى درجات السلامة؟

حلل الباحثون في الدراسة الجديدة بيانات طبية تعود إلى 32470 امرأة يبلغ متوسط عمرهنّ 55 عاماً. لم تكن أي امرأة منهنّ مصابة بالاكتئاب في بداية الدراسة، في عام 2009، وقد عمدْنَ جميعاً إلى الإبلاغ عن أي تغيرات في وضعهن الصحي عبر ملء استمارات تفصل بينها سنتان (في عامَي 2011 و2013).

سمحت فيتير وأعضاء فريقها للعوامل البيئية، مثل التعرض للضوء وجدول العمل، بالتأثير في دورة النوم واليقظة لدى المشارِكات. كذلك أخذ الباحثون بالاعتبار عوامل خطر أخرى للاكتئاب، من بينها الوزن ومستوى النشاط الجسدي والأمراض المزمنة ومدة النوم.

من بين المشارِكات، بلغت نسبة النساء اللواتي يستيقظن مبكراً 73% واللواتي يُطِلْنَ السهر 01%. أما نسبة اللواتي يقعن بين هاتين الفئتين، فبلغت 35%.

في البداية، كشف تحليل الباحثين أن الفئة التي تنام وتستيقظ في وقت متأخر تكون أقل ميلاً إلى الزواج وأكثر ميلاً إلى العيش وحدها وإلى التدخين وتسجيل أنماط نوم مضطربة.

حتى بعد تقييم بعض العوامل المُتغيّرة المحتملة، لاحظ الفريق تراجع خطر الاكتئاب لدى الفئة التي تستيقظ مبكراً بنسبة تتراوح بين 12 و72% مقارنةً بالفئة المتوسطة.

كذلك، لوحظ أن الفئة التي تطيل السهر تكون أكثر عرضة لهذا الاضطراب المزاجي بنسبة 6% مقارنةً بالفئات المتوسطة، مع أن هذه الزيادة في نسبة الخطر تبقى ضئيلة لدرجة أنها غير مهمة من الناحية الإحصائية.

توضح فيتير: «تكشف هذه النتائج وجود أثر محتمل للنوع الزمني على خطر الاكتئاب بغض النظر عن العوامل البيئية وأسلوب الحياة».

بين أسلوب الحياة والوراثة

تؤثر العوامل الوراثية من جهتها في الأنواع الزمنية بحسب رأي الباحثين. تكشف الدراسات العائلية القائمة أن التوقيت الذي نختاره للنوم والاستيقاظ يرتبط بدرجة معيّنة بجيناتنا.

ربطت دراسات أخرى أيضاً بين متغيرات جينية محددة (مثل جينات RORA وPER2) وبين تنظيم دورة النوم وخطر الاكتئاب.

تذكر فيتير أن ثمة عوامل أخرى ثؤثر في أنماط النوم تنعكس أيضاً على خطر الاكتئاب، وقد يصعب تقييمها بشكل فردي. لكنها تؤكد على ضرورة أن يتنبه الباحثون لهذه النقطة.

توضح فيتير: «من ناحية أخرى، يتأثر النوع الزمني أيضاً بمستوى الضوء الذي يتعرّض له الشخص وتوقيته، ويؤثر التعرض للضوء بدوره في خطر الاكتئاب. لذا تقضي أهم خطوة في المرحلة المقبلة بتحليل أثر أنماط الضوء والعوامل الوراثية في الرابط القائم بين النوع الزمني وخطر الاكتئاب».

صحيح أن نزعات النوم واليقظة قد تؤثر في خطر الاكتئاب، لكن لا يعني ذلك بحسب رأي فيتير أن الأشخاص الذين ينامون ويستيقظون في وقت متأخر سيصابون بالضرورة باضطراب مزاجي: «النوع الزمني مؤثر في مستوى الاكتئاب لكن يبقى ذلك الأثر ضئيلاً».

تضيف فيتير أن الناس يستطيعون اتخاذ خطوات سهلة لتغيير نوعهم الزمني إذا كانوا يخشون أن ينعكس سلباً على راحتهم: «يبدو أن الاستيقاظ المبكر مفيد ويمكن أن يتحكم كل شخص بميله إلى الاستيقاظ مبكراً. لذا يجب أن يتمسّك الناس بنوم سليم ويمارسوا ما يكفي من التمارين الجسدية ويحرصوا على تلقي أعلى مستوى من ضوء النهار الطبيعي».

خطر الاكتئاب تراجع لدى الفئة التي تستيقظ مبكراً بين 12 و72% مقارنةً بالفئة المتوسطة
back to top