تجدد الصراع على نفط ليبيا يهدد البلد بأسره

نشر في 23-06-2018
آخر تحديث 23-06-2018 | 00:05
 المونيتور في صباح الرابع عشر من يونيو، استولى إبراهيم الجضران، قائد في ما يُدعى حرس المنشآت النفطية، بمساعدة بضع مئات من الرجال يقودون 12 شاحنة صغيرة، على مرفأين رئيسيين لتصدير النفط في ليبيا تستخدمهما مؤسسة النفط الوطنية الليبية، وهما راس لانوف والسدرة.

اضطرت مؤسسة النفط الوطنية إلى إعلان حالة القوة القاهرة، معلقةً صادرات النفط ومخلية موظفيها من كلا المرفأين والمناطق المحيطة بهما.

قدرت هذه المؤسسة الخسائر "بمئات مليارات الدولارات"، وبينت أن إصلاح مخزني نفط في المرفأين تعرضا للحرق "سيستغرق سنوات وكلفة أكبر بعد، بغية عودة الإنتاج إلى معدلاته المستدامة الطبيعية".

دان رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط الوطنية مصطفى صنع الله هذا الهجوم في شريط مصور نعت فيه الجضران بـ"المجرم الذي كبّد ليبيا في عام 2013 خسائر تفوق مئة مليارات دولارات". آنذاك، استولى الجضران ورجاله على الموانئ، معلقين تصدير النفط بين عامَي 2013 و2016، قبل أن يُضطر إلى الهرب عندما سيطر الجيش الوطني الليبي المزعوم بقيادة خليفة حفتر على موانئ النفط.

ذكر الجضران في شريط مصور أن الجزء الأكبر من قوته يتألف من أعضاء سابقين في حرس المنشآت النفطية ومجموعات أخرى، بما فيها سرايا الدفاع عن بنغازي الشهيرة، وهي ائتلاف غير مترابط ضم مجموعات إسلامية، شكله حفتر للتصدي للجيش الوطني الليبي في بنغازي، قبل أن يطردها في يوليو 2017 ويحكم سيطرته بالكامل على هذه المدينة في شرق ليبيا.

فاجأ هذا الهجوم، على ما يبدو، حفتر الذي كانت قواته منشغلة بتنظيف منطقة درنة من مقاتلي القاعدة وداعش، بما أن الجيش الوطني الليبي كان قد شن هجوماً لاستعادة هذه المدينة الساحلية في شمال شرق بنغازي.

من المرجح أن يؤدي القتال المتواصل في درنة إلى استنفاد وإضعاف أي قدرات نجح الجيش الوطني الليبي في حشدها لمواجهة الجضران وإرغامه على الخروج من المرفأين النفطيين. لكن ترك درنة بعدما أوشك الجيش أن يسيطر عليها بالكامل يعني أن القوات الإسلامية المتبقية داخل المدينة قد تستعيد زخمها العسكري مجدداً وتشن هجوماً مضاداً قد يكلّف الجيش الوطني خسائر كبيرة في الرجال والعتاد.

على الصعيد العسكري، لا يستطيع الجضران شن عمليات جريئة مماثلة وحده، ولا بد من أنه يحظى ببعض الدعم من داخل ليبيا وخارجها. أما على الصعيد التقني، فتشكّل هذه المجموعة عصابة تفتقر إلى القدرات العسكرية والخبرة في القتال في الصحراء، الذي يُعتبر صعباً حتى بالنسبة إلى الجيوش المحترفة، فكيف الحال مع مجموعات بهذا الحجم وتلك القدرات؟!

علاوة على ذلك، من الصعب الدفاع عن منطقة هذين المرفأين لأسباب عدة، فنظراً إلى قربها من الشاطئ، فإنها تُعتبر معرضة لهجمات من البحر، خصوصاً أن الجضران لا يملك أي معدات عسكرية يمكنه استعمالها في البحر. كذلك تُصنَّف هذه المنشأة بطبيعتها (القابلة للاشتعال بسرعة) مكاناً خطيراً لاستخدام القوة العسكرية فيه، فقد يُصاب مطلق خزان في أي لحظة. فضلاً عن ذلك، من الصعب التحكم في مكان مماثل، لاسيما بعد مغادرة معظم مكافحي النيران المحترفين التابعين لمؤسسة النفط الوطنية.

وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري في 17 يونيو أن سلاح الجو التابع لهذا الجيش بدأ ينفذ عمليات في المناطق المحيطة بالمرفأين، وصولاً حتى سرت التي تقع على بعد 200 كيلومتر تقريباً إلى الغرب، طالباً من المدنيين توخي الحذر.

لن يمر وقت طويل قبل أن يُطرد الجضران وقواته من هذه المنطقة، لكن تكرر ظاهرة الهجمات التي تشنها عصابات ضد شريان الحياة الرئيس في البلد سيظل خطراً يلوح في الأفق مادامت الحكومة المركزية التي تتمتع بسلطة كاملة على كل الأراضي الليبية لم تمسك بزمام الحكم، فلا تستطيع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس اتخاذ أي خطوات غير إصدار بيانات الإدانة، وهذا ما فعلته. لكن هذه البيانات لا تساهم في استعادة المرفأين، ولا تتيح لمؤسسة النفط الوطنية استئناف تصدير النفط.

* مصطفى فتوري

back to top