محمية سعد... مرفق طبيعي وسياحي وتعليمي

تهدف إلى الحفاظ على الحياة الفطرية في مواجهة الرعي الجائر والتصحّر

نشر في 23-06-2018
آخر تحديث 23-06-2018 | 00:00
سعد الهجيني، عضو فريق «حلم أخضر»، شاب كويتي تغلّب على الطبيعة الصحراوية القاحلة والجافة في الكويت، وبجهود فردية استمرت سنوات حوّل مساحة تجاوزت أربعة كيلومترات مربعة في جنوب البلاد إلى جنة خضراء رائعة تضمّ تنوعاً بيولوجياً وفطرياً من الأشجار البرية النادرة وبعض الحيوانات المعرضة للانقراض.
في زيارة لـ«الجريدة» إلى منطقة «محمية سعد»، كما سمّاها المجلس الأعلى للبيئة الذي أصدر بها القرار رقم 8 /2016 بتاريخ 9 نوفمبر 2016، رأينا فعلاً مدى الإصرار والتحدي للظروف المناخية الصعبة التي واجهها سعد الهجيني وتغلبه على الطبيعة الجافة القاسية للصحراء ودرجات حرارتها العالية لينشئ هذه المحمية الطبيعية.

خلال الجولة في المحمية كرَّر علينا الهجيني المقولة «أعطوني زراعة، أضمن لكم الحضارة»، مؤكداً أنها مقولة شهيرة لمؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن نهيان رحمه الله، وبيَّن أنها تدلّ على أن حياة الشعوب لا يمكن أن تستمر إلا بالحفاظ على الطبيعة والاهتمام بالزراعة التي تشكِّل العصب الرئيس للأمن الغذائي لهم.

وبيَّن الهجيني أن المحمية كانت بدايتها في عام 2007 حينما لاحظ التدهور الكبير للغطاء النباتي في الكويت، وتعرّض الحياة الفطرية للعبث نتيجة انعدام الثقافة والرعي الجائر والتصحر وزحف الرمال، فبدرت له فكرة إنشائها من خلال حماية الأرض ومنع دخول المركبات والأغنام والإبل، ثم تسويرها بشكل بسيط وزراعة الأشجار البرية فيها خلال موسم تساقط الأمطار، أو العمل على زيارة بعض المواقع المحمية ونقل صغار الشجيرات منها إلى محميته من بينها الثندا والخذراف، وقد أسهمتا بشكل كبير بوقف زحف الكثبان الرملية.

نباتات وأشجار مناسبة

بعدها توجهنا بالسؤال عن نوع النباتات المناسبة والمحلية في الموقع إلى كبار السن من البدو الرحل الذين كانوا يتنقلون بحلالهم من الإبل والأغنام في جنوب البلاد، والتي كانت ترعى من هذه النباتات، فأكدوا له كثرة أشجار العرفج والعبل والرمث والقضقاض في السابق، ما جعله يركِّز على هذه الأنواع الأربعة، تحديداً العرفج التي تعتبر زهرتها الزهرة القومية للكويت بمرسوم أميري صادر من أمير القلوب رحمه الله الشيخ جابر الأحمد في عام 1981.

وقال إنه زرع شجرة الغضى أيضاً، وكانت تعتبر إحدى أهم الأشجار في السابق وتستخدم للتدفئة أو كأعلاف للحيوانات، إضافة إلى زراعة شجرة الأراك أو المسواك التي أوصى بها رسولنا الكريم في الحديث الشريف وقوله: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة».

كذلك تحتوي على حيوانات برية كثيرة كالضب والجربوع والقنافذ والورل والطيور البرية بأنواعها.

شكرٌ وتمنٍّ

وجه سعد الهجيني شكراً خاصاً للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ممثلة بنائب المدير العام للشؤون المالية والإدارية م. حجرف الحجرف، ومدير إدارة الخدمات المشرف العام على حملة المليون شتلة الأولى والثانية م. فنيس العجمي، لدعمهما الكبير للمحمية وله خصوصاً وتعاونهما في فتح المشاتل الخاصة بالهيئة لزراعة الأشجار البرية وتوزيعها في الحملات السابقة، وقد نجحت الحملة في توفير شتلات برية لجميع محميات الكويت ودعمها بالأشجار البرية لأكثر من ٥٠ نوعاً نادراً من الأشجار والشجيرات.

وتمنى الهجيني أن يكون لباقي المؤسسات الحكومية دور كبير في تسهيل أمور الزراعات البرية، التي هي الحل الوحيد في مواجهة ما يحدث من تصحر وجفاف وتدهور للبيئة الكويتية.

دعم وإمكانات

أكّد سعد الهجيني أنه يطمح إلى أن تكون المحمية مرفقاً طبيعياً وسياحياً وتعليمياً لكل من يرغب في أن يعرف عن صحراء الكويت سابقاً وما تحتوي عليه من تنوع فطري.

وأضاف أن نجاحه جاء بتوفيق من الله ثم بدعم المدير العام للبيئة الشيخ عبد الله الأحمد الصباح الذي كان السبب الرئيس في اعتماد المحمية وتسخير الإمكانات كافة لتوسعتها وتطويرها، إضافة إلى أعضاء فريق «حلم أخضر»، جزاهم الله خيراً، والذين بادروا معاً بإطلاق حملة توزيع المليون شجرة برية والتي كانت بذورها بالأساس من المحمية، إذ شمل التوزيع المساجد والمدارس والمرافق الحكومية والخاصة والمزارع والمنازل وتعدت إلى أن وصلت إلى دول الخليج سواء في السعودية أو الإمارات أو قطر، كذلك أسهمت بالتعاون مع الجهات والهيئات الحكومية هناك والمهتمة بالحياة الفطرية.

وختم الهجيني بأن إنجازه جاء بتوفيق من الله ثم بالصبر والتخطيط السليم، فضلاً عن «التجارب التي أخذت الجهد والوقت والمال حتى نجحنا بمكافحة التصحر وتجهيز هذه المحمية التي نقدمها هدية لوطننا الغالي الكويت».

الفرق بين الغطاء النباتي داخل المحمية وخارجها

الهجيني كرَّر مقولة «أعطوني زراعة، أضمن لكم الحضارة»
back to top