سياسة الاحتياطي الفدرالي تعرقل تحسن أسعار النفط

تراجع العملات لم يقتصر على الأسواق الناشئة بل امتد إلى بلدان متقدمة

نشر في 23-06-2018
آخر تحديث 23-06-2018 | 00:03
البيزو الأرجنتيني يفقد ربع قيمته أمام الدولار
البيزو الأرجنتيني يفقد ربع قيمته أمام الدولار
يشير مسارا السياسة المتباعدان للبنكين الأميركي والأوروبي المركزيين إلى مزيد من القوة للدولار مقابل اليورو. وقد قفز مؤشر دولار بلومبيرغ الى 1.187 في بداية تداول يوم الجمعة الماضية، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو 2017. كما أن العملة الأميركية ارتفعت حوالي 6 في المئة خلال الشهرين الماضيين.
ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته خلال سنة، مما أثار عدة أسئلة حول الدور، الذي تؤديه عملة أميركية قوية في خفض الديون والطلب على النفط في معظم أنحاء العالم.

وكان المجلس الاحتياطي الفدرالي أعلن قبل بضعة أيام رفعاً آخر لمعدلات الفائدة، مما ساعد في دفع الدولار إلى مستويات أعلى جديدة لهذه السنة.

وقالت كاثي جونز وهي استراتيجية دخل محدود في تشارلز شواب Charles Schwab تتخذ من نيويورك مقراً لها، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ، إن "الدولار ما زالت لديه مساحة صغيرة للتحرك، إذ شهدنا بيانات أكثر ضعفاً من جانب أوروبا وأكثر قوة من جانب الولايات المتحدة".

وقرر المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي التخفيف من زخم تدخله النقدي الاستثنائي بعد عقد من معدلات فائدة تقارب الصفر. إذ أعلن المجلس رفع معدلات الفائدة مرتين بربع نقطة ويخطط لزيادتين إضافيتين على الأقل في هذه السنة.

وفي غضون ذلك، يمضي البنك المركزي الأوروبي في الاتجاه الآخر وفي جهد يهدف إلى منع عوائد السندات السيادية من الخروج عن السيطرة، وخصوصاً بعد الغليان السياسي، الذي شهدته إيطاليا أخيراً وأثار قلق أسواق السندات في أوروبا، أعلن البنك المركزي الأوروبي أنه سوف يبقي على معدلات الفائدة المتدنية حتى فصل الصيف المقبل على الأقل.

مسارا السياسة المتباعدان للبنكين المركزيين يشيران إلى مزيد من القوة للدولار في مقابل اليورو. وقفز مؤشر دولار بلومبيرغ إلى 1.187 في بداية تداول يوم الجمعة الماضية وهو أعلى مستوى له منذ شهر يوليو 2017. كما أن العملة الأميركية ارتفعت بحوالي 6 في المئة خلال الشهرين الماضيين.

وأبلغ فيل فلين المحلل لدى مجموعة برايس فيوتشرز في شيكاغو وكالة رويترز، أن "رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أظهر قدراً من الليونة فاق ما كان الناس يتوقعونه منه. وسبّب ذلك هبوطاً إضافياً في سعر اليورو وارتفاعاً في الدولار وهو ما يضع ضغوطاً تنازلية على الأسعار".

وهناك العديد من العوامل، التي تؤثر على أسعار النفط في الوقت الراهن، ولاشك في أن قرار منظمة "أوبك" في اجتماعها الجمعة سوف يكون المحرك الرئيسي الأكثر أهمية في المستقبل المنظور. لكن الدولار الأميركي يمثل متغيراً مهماً بالنسبة لأسعار النفط.

ويساعد الدولار الأقوى على خفض أسعار النفط الخام لأنه يجعل النفط، الذي يسعر بالدولار، أعلى تكلفة في الكثير من دول العالم.

دور الأسواق الناشئة

وإضافة إلى ذلك، تشكل الأسواق الناشئة الآن أهم مصادر الطلب على النفط، ويأتي منها تقريباً كل النمو المتحقق في هذا الطلب. وبشكل أكثر تحديداً يتوقع أن يأتي الاستهلاك الاضافي خلال العقود القليلة المقبلة بصورة أساسية من الصين والهند. وفي سنة 2018 أسهمت الدولتان بنحو 70 في المئة من إجمالي النمو في الطلب على النفط.

ونتيجة لذلك، تتردد أصداء أعمال مجلس الاحتياط الفدرالي عبر أسواق النفط. وتشكل أسعار النفط الأعلى معوقات أمام تحسن الطلب، لكن العملة الأميركية الأقوى تؤدي إلى زيادة الإنفاق المحلي.

وتجهد بعض الحكومات بشدة لحماية اقتصادها من الأسعار المرتفعة. وكما تلاحظ وكالة "رويترز"، فإن سعر ليتر الديزل في الهند ارتفع بنسبة 27 في المئة عن سنة خلت، وهي زيادة متواضعة مقارنة مع الزيادة، التي بلغت 70 في المئة في سعر خام برنت خلال الفترة ذاتها. وتدخلت الحكومة الهندية بشكل مكثف من أجل تخفيف تأثير أسعار الوقود الأعلى على حساب الخزينة العامة بشكل كبير.

وقالت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي، إن الطلب على النفط سوف ينمو بـ 1.4 مليون برميل يومياً هذه السنة وفي العام المقبل، على الرغم من أن ذلك التوقع عرضة للعديد من المخاطر المحتملة. وترى وكالة الطاقة الدولية أن الأخطار تشمل "إمكانية حدوث ارتفاع في الأسعار، وتراجع مؤشرات الثقة الاقتصادية، والحمائية التجارية واحتمال حدوث مزيد من الارتفاع في سعر الدولار".

وشهدنا البعض من التغيرات اللافتة في هذه السنة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود وتقلبات العملات، وفيما توجد دائماً أسباب متعددة وراء مثل تلك التطورات، فإن تأثيرات الدولار القوي لا يمكن استبعادها. في الأرجنتين مثلاً، فقدت العملة المحلية – البيزو – حوالي ربع قيمتها مقابل الدولار، وأرغمت الحكومة على طلب حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي.

وفي البرازيل أدت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود إلى شل النشاط الاقتصادي في البلاد، وكانت الأسعار مضرة بصورة خاصة بالنسبة إلى سائقي الشاحنات الذين قاموا باضرابات بعد أن فقدت العملة المحلية نحو 15 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، مما فاقم من حدة ارتفاع أسعار النفط.

وكتبت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها تقول، إن "أخطار العملة ترتفع أيضاً بالنسبة إلى عدة أسواق ناشئة وللبعض من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD".

"وعلى سبيل المثال، بين بداية شهر أبريل ونهاية شهر مايو، تراجعت قيمة البيزو الأرجنتيني 24 في المئة مقابل الدولار الأميركي، والريال البرازيلي 12.6 في المئة والبيزو المكسيكي 9.7 في المئة والروبل الروسي 9.2 في المئة والليرة التركية 14.4 في المئة وراند جنوب إفريقيا 7.3 في المئة واليورو 5.4 في المئة.

ويهدد هذا الاضطراب في العملات نمو الطلب العالمي على النفط، وقد خلصت وكالة الطاقة الدولية إلى القول، إن "هذا الهبوط أجبر بعض الدول على زيادة معدلات الفائدة للدفاع عن عملتها، وقد يؤثر ذلك سلباً على النمو بعد فترة وجيزة".

* نيك كننغهام

back to top