واشنطن تنسحب من مجلس حقوق الإنسان «المنافق»

انتقدت دولاً بينها روسيا ومصر عرقلت جهود إصلاح المجلس... وإسرائيل تنفرد بالترحيب

نشر في 21-06-2018
آخر تحديث 21-06-2018 | 00:03
الدخان يتصاعد في سماء غزة فجر أمس بعد قصف إسرائيل ٢٥ هدفاً رداً على صواريخ فلسطينية (أ ف ب)
الدخان يتصاعد في سماء غزة فجر أمس بعد قصف إسرائيل ٢٥ هدفاً رداً على صواريخ فلسطينية (أ ف ب)
في قرار اعتبره دبلوماسيون غربيون أنه يعكس عداء الرئيس دونالد ترامب للأمم المتحدة وللتعددية في العمل الدبلوماسي عموماً، انسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي اتهمته بـ"النفاق" و"الانحياز" ضد إسرائيل.
انسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي اتهمته بـ"النفاق"، والانحياز" المزمن ضد إسرائيل وغياب الإصلاح.

وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي قرار الانسحاب بينما كانت واقفة إلى جانب وزير الخارجية مايك بومبيو في مقر الوزارة في واشنطن، مساء أمس الأول.

وانسحاب واشنطن هو أحدث رفض أميركي للتواصل المتعدد الطرف بعد انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق مع القوى الكبرى في شأن برنامج إيران النووي لعام 2015.

هيلي

وانتقدت هيلي روسيا والصين وكوبا وفنزويلا ومصر لعرقلتها الجهود الأميركية الرامية لإصلاح المجلس "المنافق والأناني". وانتقدت كذلك الدول التي تشارك الولايات المتحدة القيم والتي حضّت واشنطن على البقاء لكنها "لم تكن راغبة في تحدي الوضع الراهن بجدية". وقالت: "انظروا إلى عضوية المجلس فسترون ازدراء مروعاً للحقوق الأساسية"، مستشهدة بفنزويلا والصين وكوبا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. أضافت: "التركيز غير المتناسب على إسرائيل والعداء الذي لا ينتهي تجاهها دليل واضح على أن المجلس يحركه التحيز السياسي لا حقوق الإنسان".

وكانت هيلي حذرت قبل عام من أن واشنطن يمكن أن تنسحب من المجلس إذا لم تجر إصلاحات.

وقالت هيلي، أمس الأول، "نحن بحاجة إلى هذه الإصلاحات لنجعل المجلس محامياً جدياً مدافعاً عن حقوق الإنسان". أضافت: "لفترة طويلة كان مجلس حقوق الإنسان حامياً لمرتكبي تجاوزات لحقوق الإنسان ومرتعا للانحياز السياسي".

وتابعت: "للأسف، من الواضح الآن أن دعوتنا إلى الإصلاح لم تلق آذاناً صاغية (...) لذلك، نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة وتخدم مصالحها الخاصة وتحوّل حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية". لكنها ذكرت أن الانسحاب ليس "تراجعاً عن التزاماتنا بشأن حقوق الإنسان".

بومبيو

من ناحيته، صرح بومبيو بأن "الدول تواطأت مع بعضها لتقويض الطريقة الحالية لاختيار الأعضاء". وأضاف أن "انحياز المجلس المتواصل والموثق في شكل جيد ضد اسرائيل تجاوز الحدود".

وتابع أنه "منذ تأسيسه، تبنى المجلس عدداً من القرارات التي تدين إسرائيل تفوق التي أصدرها على دول العالم مجتمعة". وقال: "مجلس حقوق الإنسان يمكن من الانتهاكات بإعفاء المخالفين من المسؤولية من خلال الصمت وبالتنديد من دون وجه حق بمن لم يرتكبوا جرماً".

وحذرت 12 جماعة حقوقية وإغاثية، بومبيو من أن انسحاب واشنطن "سيجعل من الصعب تعزيز أولويات حقوق الإنسان ومساعدة ضحايا الانتهاكات حول العالم". وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الخطوة الأميركية.

وكانت هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة والتي تتخذ من جنيف مقرا لها انشئت في 2006، وتتألف من 47 دولة لتشجيع وحماية حقوق الانسان في العالم. لكن إعلاناتها وقراراتها تضاربت في أغلب الأحيان مع أولويات الولايات المتحدة.

ويجتمع مجلس حقوق الإنسان ثلاث مرات في العام لبحث الانتهاكات الحقوقية في أنحاء العالم.

وتبدي واشنطن امتعاضها خصوصاً من إدانات المجلس للممارسات الإسرائيلية حيال الفلسطينيين في الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ورفضت الولايات المتحدة الانضمام إلى المجلس لدى انشائه عام 2006 في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن عندما كان جون بولتون مستشار الامن القومي للرئيس ترامب والمشكك في جدوى المنظمة الدولية، سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة.

ولم تنضم واشنطن إلى المجلس إلا في 2009 بعد وصول باراك أوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض.

في المقابل، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أسفه لانسحاب واشنطن، في حين قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، إن قرار الولايات المتحدة "محبط" و"خبر مفاجئ".

وكان الحسين انتقد سياسة ترامب في مجال الهجرة. وقال: "نعتقد أن سعي أي دولة لردع الأهالي عبر التسبب بايذاء الأطفال بهذه الطريقة هو أمر غير مقبول".

وبينما دافع رئيس مجلس حقوق الإنسان الأممي، فوييسلاف شوتس، عن عمل المجلس، معتبراً أن عمله ضروري في وقت تواجه فيه تعددية الأطراف تحديات، أكد المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث أن "انسحاب إدارة (الرئيس دونالد) ترامب هو انعكاس مؤسف لسياسة أحادية البعد في ما يتعلق بحقوق الإنسان" تتخلص "بالدفاع عن الانتهاكات الاسرائيلية في وجه أي انتقادات قبل كل شيء".

وفي بروكسل، قالت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إن قرار الولايات المتحدة "ينطوي على مخاطرة الإضرار بدورها الدولي".

وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن قرار الولايات المتحدة "مؤسف" وإن دعم بلاده للمجلس لا يزال ثابتاً.

وأعربت وزارة الخارجية السويسرية عن اسفها لقرار الولايات المتحدة.

وفي رام الله، اعتبرت وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينية، أن الخطوة الأميركية "مكافأة لإسرائيل وجرائمها"، مشيرة الى أن الخطوة الأميركية "تشجيع على العدوان وانتهاك حقوق أبناء الشعب الفلسطيني".

وأكدت أن انتقادات هيلي، وبومبيو، لمجلس حقوق الإنسان "دليل دامغ على خشية واشنطن من محاسبة إسرائيل وسجلها الأسود الحافل بالعنصرية والتطرف والعدوان".

نتنياهو

الترحيب اليتيم بالخطوة الأميركية جاء على لسان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن "المجلس أثبت على مدار سنوات طويلة أنه جهة منحازة وعدائية ومعادية لإسرائيل تخون مهمتها وهي الدفاع عن حقوق الإنسان".

أضاف: "بدلاً من التركيز على أنظمة تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج، يتركز المجلس بشكل مهووس على إسرائيل الدولة الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط"، معتبراً أن "قرار الولايات المتحدة الانسحاب من هذه المنظمة المنحازة يشكل تصريحاً لا لبس به بأن الكيل طفح".

back to top