القهوة... هل تحسّن عمل الفريق؟

نشر في 21-06-2018
آخر تحديث 21-06-2018 | 00:00
No Image Caption
من المعروف أن القهوة تبقينا متيقظين ومركِّزين. لذلك يلجأ إليها كثيرون ليعزِّزوا معدلات طاقتهم وإنتاجيتهم. ولكن تبيَّن أن هذا المنبه الشعبي لا يسهم في دعم الجهود الفردية فحسب، بل التفاعل البناء داخل الفريق أيضاً.
تشير نتائج دراسة جديدة قادها باحثون من جامعة ولاية أوهايو في كولومبوس ونُشرت في مجلة «علم الأدوية النفسي» إلى أن مَن يشربون كوباً من القهوة قبل المشاركة في فريق عمل يتعاطون بفاعلية أكبر مع نظرائهم.
أجرى أميت سينغ وزملاؤه من جامعة ولاية أوهايو تجربتين مترابطتين بغية اكتشاف تأثير القهوة في الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد داخل الفريق الواحد أحدهم مع الآخر، فضلاً عن أدائهم خلال المهام التي تتطلب عمل فريق.

خلال التجربة الأولى، استعان الباحثون بـ72 طالباً جامعياً من محبي القهوة لم يتخرجوا بعد، وطلبوا إليهم بوضوح عدم تناول أي مشروب يحتوي على الكافيين قبل هذه المهمة.

أُخبر المشاركون أن هذه ستشكل في الأساس تجربة لتذوق القهوة. ووُزع هؤلاء المشاركون عشوائياً إلى مجموعات من خمسة أشخاص.

حصل نصفهم على كوب من القهوة (340 غراماً من القهوة تحتوي على نحو 270 مليغراماً من الكافيين) وطُلب إليهم تقييم مذاقها، ثم القيام بنشاطات «شغلت وقتهم» مدة 30 دقيقة تقريباً فيما بدأت القهوة تؤثر فيهم.

أُوكلت بعد ذلك مواضيع مناقشة مثيرة للجدل لكل مجموعات المشاركين، ودعوا إلى المشاركة فيها طوال 15 دقيقة.

لم يحصل نصف المشاركين على القهوة إلا بعد مشاركتهم في هذه المهمة بغية مقارنة تفاعلهم مع نظرائهم الذين عملوا تحت تأثير الكافيين.

في ختام مناقشات المجموعات، طُلب إلى الجميع تقييم أعضاء المجموعة الآخرين، فضلاً عن مشاركتهم الخاصة.

اكتشف الباحثون أن المشاركين الذين شربوا القهوة قبل المشاركة في مناقشة المجموعة كانوا أكثر ميلاً إلى تقييم أدائهم وأداء أعضاء الفريق الآخرين بإيجابية أكبر، مقارنةً بمَن لم يُسمح لهم بتناول القهوة إلا بعد انتهاء المهمة.

تزايد اليقظة

في التجربة الثانية، عدّل الباحثون الظروف. عملوا هذه المرة مع 61 مشاركاً، كلهم طلاب جامعيون لم يتخرجوا بعد، وحصلوا جميعاً على القهوة في مستهل المهمة.

شرب نصفهم القهوة التي تحتوي على الكافيين (340 غراماً من القهوة تحتوي على نحو 270 مليغراماً من الكافيين)، في حين حصل النصف الثاني على قهوة خالية من الكافيين (340 غراماً من القهوة لا تحتوي على أكثر من ثلاثة إلى خمسة مليغرامات من الكافيين).

ومرة أخرى، وُزع الطلاب على مجموعات صغيرة وطُلب إليهم مناقشة مواضيع مثيرة للجدل. وهنا أيضاً كان عليهم بعد المهمة تقييم أدائهم وأداء أعضاء فريقهم.

أكّدت هذه التجربة النتائج السابقة: كان مَن شربوا القهوة التي تحتوي على الكافيين أكثر ميلاً إلى تقييم أنفسهم والآخرين بطريقة أكثر إيجابية.

ولكن ما سبب ذلك؟ قد يكون للأمر علاقة بارتفاع معدلات اليقظة الذي يترافق مع تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، حسبما يفترض معدو الدراسة.

بعد التجربة، طُلب إلى المشاركين تحديد مدى اليقظة التي شعروا بها. وتبين أن مَن استهلكوا الكافيين شعروا بأنهم أكثر طاقة، مقارنةً بالطلاب الذين شربوا قهوة خالية من الكافيين. يذكر سينغ: «لا عجب في أن يكون مَن شربوا القهوة التي تحتوي على الكافيين أكثر يقظة».

لذلك استخلص الباحثون أن اليقظة المرتبطة بالكافيين قد تكون السبب وراء امتلاك المشاركين نظرة أكثر إيجابية إلى أنفسهم وإلى الآخرين في المجموعة.

يضيف سينغ: «نعتقد أن الناس عندما يكونون أكثر تيقظاً يرون أنهم هم وسائر أفراد المجموعة يقدمون مشاركة أكبر. ولا شك في أن هذا يولد لديهم موقفاً أكثر إيجابية».

اكتشافات مهمة

حيّرت هذه الاكتشافات الباحثين الذين يتساءلون اليوم عما إذا كانت النشاطات المحفّزة الأخرى، مثل التمرن، تقود إلى التأثيرات ذاتها. لذلك يودون دراسة هذا الاحتمال في أبحاثهم المستقبلية.

لكن الاكتشافات لم تركّز على نظرة المشاركين إلى الأداء الفردي في مهمة جماعية فحسب، بل تناولت أيضاً قدرتهم على الحفاظ على تركيزهم خلال النشاط.

وكما تبيّن، مال المتطوعون، الذين شربوا القهوة العادية قبل المشاركة، إلى التحدث أكثر. كذلك كانوا أكثر تركيزاً على موضوع المناقشة ولم يخرجوا عن المحور الأساسي بقدر المشاركين الذين لم يتناولوا الكافيين.

يوضح سينغ: «تحدثوا عن مسائل ملائمة أكثر بعد تناولهم القهوة التي تحتوي على الكافيين». وإذا أضفنا هذا إلى واقع أن القهوة جعلت الجميع ينظرون بإيجابية أكبر إلى مشاركة الآخرين، تصبح القهوة على ما يبدو وسيلة ممتازة لتحسين العمل الجماعي.

«صحيح أن «مَن تناولوا القهوة التي تحتوي على الكافيين» تحدثوا أكثر، مشاطرين الآخرين رأيهم ومخالفينه على حد سواء، إلا أنهم حافظوا على الرغبة في العمل معاً مرة أخرى»، وفق سينغ.

يعود ذلك إلى أن المتطوعين في الدراسة، الذين شربوا قهوة تحتوي على الكافيين، أكدوا استعدادهم للعمل مع مجموعتهم مرة أخرى، رغم أي اختلافات في الرأي.

يختم الباحثون: «نعتقد أننا توصلنا إلى مجموعة اكتشافات مثيرة للاهتمام عن كيفية أداء الفريق في مهمة تتطلب تبادل الأفكار بين أعضائه عندما يستهلك المشاركون الكافيين وعندما لا يتناولونه».

back to top