لمَ يخطئ منتقدو القمة بين ترامب وكيم؟

نشر في 17-06-2018
آخر تحديث 17-06-2018 | 00:02
 ذي إندبندنت بعد مرور أربع وعشرين ساعة على ختام قمة سنغافورة، كان لمعظم التعليقات حول هذا اللقاء والاتفاق الذي وقعه ترامب وكيم يونغ أون نبرة سلبية واضحة. على سبيل المثال وصف روبرت كيلي خبير في العلاقات بين الكوريتين في جامعة بوسان الوطنية، هذا اللقاء بأنه "أهزل مما يتوقع معظم المشككين".

لا شك أن النقاد يملكون وجهة نظر محقة، بما أن الاتفاق الثنائي لا يحتوي إلا على القليل من الوعود والطموحات الغامضة، والأهم من ذلك أننا لم نحقق أي تقدم في مسألة نزع السلاح النووي الأساسية، فيبدو التزام كيم بذلك الهدف كما يرد في الاتفاق غامضاً بقدر ما كان عليه قبل القمة، بما أننا لم نشهد أي خطوة لمحاولة إلزامه بشروط محددة.

رغم ذلك، قبل أن ندين هذه القمة برمتها، علينا أن نفكّر في الموضع الذي بلغناه اليوم مقارنة بالمكان الذي كنا فيه قبل سنة، حين كان ترامب ينعت كيم يونغ أون بـ"رجل الصواريخ الصغير" ويهدد بإمطاره "ناراً وغضباً"، فقد تبدد عموماً اليوم الخوف من حرب نووية الذي نشأ في مرحلة ما، ويجب أن نكون ممتنين لذلك.

علاوة على ذلك صحيح أن لقاء ترامب-كيم لم يحقق أي تقدّم ملموس، إلا أننا نملك أسباباً للتفاؤل حيال مستقبل المفاوضات، وخصوصاً أن هذين القائدين يرغب كل منهما، على ما يبدو، في التوصل إلى اتفاق، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة.

يبدو أن كيم يونغ أون من جهته قرر أن الوقت قد حان لمحاولة تطبيع علاقات كوريا الشمالية مع سائر العالم. فبعدما حقق هدف تحويل كوريا الشمالية إلى دولة متسلحة نووياً، يسعى إلى استغلال ذلك بغية الفوز بسلسلة من التنازلات من المجتمع الدولي (الاعتراف الدبلوماسي، الضمانات الأمنية، ورفع العقوبات) تساهم في ترسيخ نظامه وتسمح له بدخول العلاقات الدولية كدولة "طبيعية".

أما ترامب من جهته، فيصب كل اهتمامه على ما يبدو في التوصل إلى صفقة لأنه يريد في المقام الأول عقد صفقة، فبعدما أخبر الأميركيين مراراً بأنه أعظم صانع صفقات عاش على الإطلاق، يسعى يائساً إلى إثبات ذلك لشعبه وللعالم بأسره، وتتجلى رغبته في عقد صفقة بوضوح من خلال الطريقة التي قام بها بكل المساعي منذ اتخاذ كيم خطوة الانفتاح الأولى، فمنذ تلك النقطة كان ترامب مَن يقدّم التنازلات، من موافقته أساساً على التحدث إلى الكوريين الشماليين (مانحاً بالتالي شرعية لنظام رفضته واشنطن طوال أكثر من 60 سنة) إلى تعهده بإنهاء التدريبات العسكرية الأميركية-الكورية الجنوبية قبل أيام. في المقابل لم يقدّم كيم سوى وعود غامضة بنزع أسلحته النووية.

تشمل الأسباب الأخرى، التي تدفعنا إلى الاعتقاد أن التوصل إلى اتفاق ممكن، قدرة ترامب على إقناع الشعب الأميركي على الأرجح بصفقة مع كوريا الشمالية، ولو قدّم أوباما التنازلات التي قام بها ترامب حتى اليوم، لسارع اليمين الجمهوري إلى الدعوة إلى محاكمته، إلا أن خطوات ترامب لم تولّد حتى اليوم سوى احتجاجات خافتة.

وعلى غرار ريتشارد نيكسون وتطبيعه العلاقات الدبلوماسية مع الصين، قد يتمكن ترامب، بفضل مكانته كمتشدد ظاهري وتأثيره في قاعدة الناخبين الجمهورية، من عقد صفقة مع كوريا الشمالية كانت ستُعتبر مستحيلة في ظل ظروف مختلفة.

ما زال بالإمكان بالتأكيد أن تأخذ مسائل كثيرة منحى خاطئاً، والغبي وحده يعرب عن ثقة تامة بأننا نسير نحو إنجاز تاريخي في العلاقات الأميركية-الكورية الشمالية، وخصوصاً مع تولي هذه المسألة قائدين كثيرَي التقلب.

رغم ذلك، قد يتبيّن أيضاً أن مَن يصدرون التقييمات السلبية عموماً عن لقاء ترامب-كيم يغالون في تشاؤمهم.

back to top