نحن والعيد

نشر في 16-06-2018
آخر تحديث 16-06-2018 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم في كل الأدبيات، والأشعار، والمناسبات الدينية فإن كلمة "عيد" ارتبطت بمناسبة سعيدة، وتحديداً بما يظهر من سعادة نراها عادة في عيون الأطفال، حينما ينطلقون من عقالهم للتعبير عن فرحتهم المتوائمة مع حدود ما أسعدهم، ومما يُقدم إليهم من هدايا وفعاليات ونشاطات خارجة عن مألوف ما اعتادوه في بيوتهم أو مدارسهم، ويتحقق لهم كل ذلك في أيام العيد، ولهذا فإن الأطفال هم الأكثر إحساساً بسعادة العيد.

***

• وربما تستشعر سعادة العيد شعوب توافرت لها مقومات الحياة الكريمة في أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيكون من الطبيعي أن تحتفل بمناسباتها السعيدة، وفي مقدمتها الأعياد الدينية، فإذا قال أحدهم لآخر: عيدك سعيد، فإنه يكون بذلك قد جسَّد حقيقة قائمة.

***

• وإذا كان المتنبي قد عبَّر عن كراهيته، التي وصلت إلى درجة العنصرية، عندما هجا كافور الإخشيدي حينما قال:

عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيدُ ... بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ

حتى اهترأ هذا البيت من التكرار طوال قرون من كثرة ما عبَّر مرددوه من خلاله بشكاواهم قسوة الحياة، حتى في مناسبات أيام الأعياد!

فماذا عساي وأنا أتعايش مع كل ما يجري في وطني العربي من كوارث ومآس؟... ماذا عساي أن أقول بمناسبة هذا العيد، وأنا لا أريد أن أكذب على نفسي؟

***

• قال محدثي:

- هل ستستشهد بمقولة المتنبي بمناسبة العيد؟

- ولماذا لا أستشهد بالطفلة العراقية التي قُتل أبوها وصوّرتها أجهزة الإعلام وهي تبحث بين صناديق القمامة عما يسد رمق جوعها، وهي تعيش في أغنى بلد فوق هذا الكوكب!

- هل ستدخل العيد في السياسة؟

- سياسة... لعنة الله على السياسة والسياسيين إذا اعتبروا ذلك تدخلاً.

- ولماذا هذه الطفلة العراقية بالذات؟

- لأنها نموذج لأطفال اليمن، وغزة، وليبيا، وسورية، وربما لدول عربية أخرى ليس فيها حروب، ولكن شعوبها تعيش في عشوائيات بسبب الفقر المدقع.

- يا صديقي لماذا تعكس مفهوم مناسبة سعيدة لتجعلها مأساة؟ تفاءل، ألم تسمع بمقولة الطغرائي:

أعلل النفس بالآمال أرقبها... ما أصعب العيش لولا فسحة الأمل

- وأين هي هذه الفسحة؟

- يا رجل كل الأمور ستكون على ما يرام.

- كثّر الله خيرك: قرون، وقرون ونحن نردد مثل هذا الكلام.

- على كل حال مهما كان رأيك، فأرجو أن يكون عيدك سعيداً ومبارك يا صديقي.

- سأحييك بتحية مثلها، وقد تكون بأحسن منها، ولكنها مجرد أمان اعتدنا على ترديدها، وكلنا يعلم أنها مجرد كلام لا يتحقق.

- فماذا تريد إذاً؟

- أريد إزالة البؤس من جذوره.

- كيف؟

- بالحرية، بالديمقراطية، بالعدالة الإنسانية، بالمساواة بين الناس!!

- أنت تطلب المستحيل.

- إذاً هل تريدني أن أكذب على نفسي وعليك وأقول لك "عيدك مبارك"؟

back to top