نظرة في تصميم المنزل الكويتي المعاصر

نشر في 16-06-2018
آخر تحديث 16-06-2018 | 00:05
 خالد اسنافي الفالح كثيرة هي المنازل الكويتية التي ولجناها، منزلك، منزل والدك، جدك، الأعمام والعمات، الأخوال والخالات، منازل الأصدقاء، فتجد أنها جميعاً وعلى نحو ما، ما عدا تفاصيل صغيرة هنا وهناك، تتشابه كلها في تقسيم وتوزيع الفضاءات الداخلية، فالكويتيون يكررون أنفسهم عبر نسخ مخططات منازلهم، ويبدو أنهم يعلمون ذلك، لذا يحاولون التفنن في تصاميم واجهات منازلهم.

يبدو أن هذا السلوك التصميمي متوارث، إذ إن المنازل الطينية القديمة في الكويت كانت عبارة عن نسخ يكرر بعضها بعضاً، وهذا معلوم بالضرورة مفروض بالواقع، فمواد البناء المحدودة في ذاك الزمن تقيّد قرارات المعماري التصميمية، إلا أن هذا لم يمنع الفرد الكويتي من وضع بصمته عبر التفنن في النقوش الخشبية على الأبواب الخارجية حسب ما يفيد "رونالد لوكوك" في كتابه "العمارة التقليدية في الكويت وشمال الخليج".

رغم ذلك فإن تصفحنا للصور القليلة المختلفة التي وثّقت العمارة التراثية الكويتية يكشف نزوح الكويتيين- المعاصرين للطفرة النفطية وما بعدها- نحو الفردانية، فالانسجام والتناغم الخارجي لواجهات المنازل تحول بسبب تعدي حقوق الفرد على حق المجتمع إلى تنافر اصطُلِحَ عليه بـ"التلوث البصري" منتجاً حواري الماكنتوش!

تأثير العقيدة الفردانية في العمارة لم يقف عند التعدي على حق المجتمع في الاستمتاع بالنظر إلى واجهات تحقق قيمة الوحدة في التصميم، بل امتد نحو الداخل عبر خلق فراغات وظيفية تخدم الفرد على حساب تفكيك أسرته! فصار لكل فرد حيزه الخاص المتكامل الخدمات، وبات معزولاً عن الآخر فضعفت الروابط الاجتماعية مقابل شعارات مثل الخصوصية وتحقيق الذات.

إن من أول الدروس التي يتعلمها طالب العمارة مقولة تعود لـ"ونستون تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا من (1940-1945 ومن 1951-1955) الذي قال: "نشكل مبانينا، فتشكلنا بعدئذ"، وبغض النظر عن المناسبة التي قال فيها قولته تلك، إلا أنه درس أرى ضرورة تحمل المعماريين مسؤولية تعميمه إلى المجتمع كافة، فالتصاميم التي يقدمونها، والتي يتدخل في تغييرها الملاك غالباً، ستعود بالأثر على الملاك بالدرجة الأولى إن سلباً أو إيجاباً، وعلى سمعة المصممين المعماريين بالدرجة الثانية، وإنها لمسؤولية اجتماعية لو تعلمون عظيمة.

back to top