ما الذي أجبر الصدر على هذه الخطوة؟!

نشر في 15-06-2018
آخر تحديث 15-06-2018 | 00:25
 صالح القلاب حتى لو جرى ألف نفي لهذا فإن الواضح والمؤكد وما لا نقاش فيه أن السيد مقتدى الصدر ما كان من الممكن أن يقوم بهذه "الانعطافة" السياسية غير المتوقعة، لا بل المفاجئة، لو لم يتعرض لضغوطات فعلية متعددة الأشكال، وتهديدات فعلية، وينقل البندقية من كتف إلى كتف آخر، خلافاً لكل توجهاته السابقة، وتأكيداته المتلاحقة بأن بينه وبين تنظيم "الحشد" لصاحبه قاسم سليماني ألف جدار وجدار وألف حاجز وحاجز، وأيضاً "ما صنع الحداد"!

والواضح، لا بل المؤكد، أنه ما كان ممكناً أن يقوم السيد الصدر بهذه الخطوة "الانعطافة" المفاجئة لو لم يتعرض لما لا يستطيع تحمله من قبل إيران وأزلامها و"وكيلها" في هذه المنطقة، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي يحمل صفة مستشار للحكومة العراقية... وكأن هذا البلد العربي ليس فيه من الكفاءات والقدرات، وفي المجالات كلها التي غير متوفرة لا لهذا الجنرال "الطرزاني" ولا لغيره من كبار العسكريين والمسؤولين في إيران.

إن المشكلة، مشكلة الإيرانيين وأتباعهم وجنرالهم هذا، الذي بات يسرح ويمرح في مجال حيوي يمتد إن ليس من قصر بعبدا في لبنان فمن ضاحية بيروت الجنوبية إلى البصرة، والذي كان أعلن أن حزب الله على أساس الانتخابات "البرلمانية" قد تحول من تنظيم مقاومة إلى "حكومة مقاومة"! إنهم، أي الإيرانيين، لا "يطاردون" في هذا الميدان العراقي وحدهم، وان هناك الأميركيين الذين يقوم سفيرهم في بغداد دوغلاس سيليمان بأكثر كثيراً مما يقوم به قاسم سليماني.

وحقيقة إنه ما كان متوقعاً أن يبادر السيد مقتدى الصدر إلى هذه الانعطافة المفاجئة لو لم يتعرض لما ستكشفه الأيام المقبلة، سواء على المدى القريب أو البعيد، وهنا فإن ما يعتبر تحدياً للوجدان العربي والشيم العربية هو أن تتحول ثلاث دول عربية أساسية ورئيسية إلى مجرد "عِزَب" تابعة لطهران، التي كان أطلق بعض كبار المسؤولين فيها تصريحات قالوا بها إنهم باتوا يسيطرون على أربع عواصم عربية.

وعليه فإن أغلب الظن أن هذا التحول الخطير فعلاً لن يتم، وأن هناك خلافات فعلية لا تزال تعصف بما يسمى "البيت الشيعي"، والمقصود هنا هو أن الشيعة العرب في هذا البلد العربي يرفضون التبعية السياسية وأيضاً المذهبية لإيران، ويعتبرون أن ما يقوم به الجنرال قاسم سليماني بالعراق هو تدخل سافر في بلادهم الداخلية، هذا بالإضافة إلى أن السيد مقتدى الصدر لا يمكن أن يمضي بعيداً في هذه الخطوة، التي سيترتب عليها، إن هي تمت بالفعل، مستجدات كثيرة أخطرها أن هذا البلد سيكون مصيره التفتت والتقسيم... والواضح أن الإيرانيين يريدون هذا ويسعون إليه!

back to top