عيد مبارك للمعطائين الطيبين

نشر في 11-06-2018
آخر تحديث 11-06-2018 | 00:00
 فوزية شويش السالم عيد مبارك وسعيد لبلدنا الكويت الكريمة المعطاءة، على الرغم من كثرة السارقين والنهابين والفاسدين والمرتشين، الذين يمتصون خيرها طوال الوقت من غير ذمة ولا خوف، ولا ضمير يحاسب أو يلوم أو يخجل من الله أو نفسه أو مجتمعه، أرض الكويت تبقى رحيمة وكريمة مع أهلها، حتى وإن كانت هناك طائفة لا تستحق شرف الانتماء إليها.

عيد سعيد ومبارك لأيدي الأمهات والجدات، التي عملت واشتغلت بجهد وتعب مغمور ومغمس بطيب المحبة طوال الشهر الفضيل فقط لإسعاد الأزواج والأولاد والأحفاد والأقرباء والعائلة، فرمضان ليس فقط شهراً للصوم والعبادة والعمرة وصلوات التراويح والقيام، لكنه أيضاً شهر للإجهاد والهرولة والتعب، خصوصاً بالنسبة للأمهات والجدات، تعبهن مضاعف عن تعب الآخرين، بيوتهن المفتوحة طوال العام للأبناء والأحفاد مثل فنادق "فايف ستارز" تتضاعف فيها الأعمال استعداداً لشهر رمضان، من ولائم الإفطار والغبقات والسحور، صحيح هناك خدم مساعدون، لكن العمل الأكبر والمسؤولية كلها تقع على رؤوسهن.

شهر رمضان لا يكتفى فيه بإعداد الموائد والاحتفاء المبالغ بالأنواع المختلفة من الوجبات والأصناف المتنوعة من الحلويات والمأكولات اللذيذة التي تطفح بها المآدب فقط لإبهاج وإسعاد الأسرة.

لكن هل فعلاً يُكتفى بذلك في شهر رمضان؟

بالطبع لا... هذا الجزء الأهم من التعب الأكبر، إذ باتت هناك متاعب أخرى استجدت، أو بالأحرى تضخمت واستوحشت مع تطور المظاهر الاجتماعية، التي تُفتتح بالبحث عن آخر موديلات وصرعات جلابيات رمضان للنساء وللأطفال، وبعد ما ينتهي دورها يأتي دور "هيلة" القرقيعان، التي حولت مباهج كانت حلوة وبسيطة لإسعاد الأطفال في منتصف شهر رمضان، وهي عادة القرقيعان، التي يدور فيها الأطفال على البيوت للحصول على المكسرات والحلويات، من خلال غنائهم بأهازيج وأناشيد تراثية تتغنى بأطفال البيوت التي يقرقعون عليها... تغير مفهوم القرقيعان، وتحول من بهجة حلوة بسيطة إلى ظاهرة استعراضية استهلاكية، تركض الأمهات من أول الشهر خلف آخر المستجدات من "الفناتق "والأفكار الغريبة الخاصة لتقديم احتفالية قرقيعانية لم تحصل ولم يرها أحد من قبل، وملابس تراثية مطورة ذات أشكال لا تشبه أزياء رمضان العام الماضي للبنات والأولاد، وهذا يجعلهن يفتشن ويدرن في الأسواق و"المولات" عن الجديد المبهر الذي غالباً ما يكون أكثر كلفة عن العام الذي سبقه، وهذا التجول يجعل الشوارع مزدحمة ويزيد اختناقها، مما يزيد من تعب التسوق وضياع الوقت قبل الحصول على الأغراض المطلوبة، وأيضاً يضاعف من أيام التسوق، وأخيراً عندما تنتهي الأمهات من إعداد وتجميل هدايا القرقيعان وإرسالها إلى العائلات الصديقة، وهذا لا يعني نهاية التعب، لأنه يجب التجول وبدء عمليات بحث وتفتيش جديدة عن ملابس العيد للأطفال مع كل توابعها التزينية من أحذية وحقائب وإكسسوارات، مع تحمل كمية من الدلع والتمرد والرفض لنوعية أو موديل الفستان أو البدلة أو شكل الحذاء والحقيبة وغيرها من متطلبات.

وآخ لصبر الأمهات و"طولة" بالهن وتحملهن لكل أنواع إزعاجات الأبناء، هذا بحد ذاته يستحق التحية والتكريم.

بعد هذا الموال "الماسخ" تأتي استعدادات العيد، التي تتطلب مضاعفة تنظيف المنزل وتغير الشراشف ومفارش السفرة ووضع الزينات والإكسسوارات الخاصة بالمائدة وصالة الاستقبال، بتزيينها بالورد وتحضير العطور ودهن العود الطيب والبخور، إلى جانب صواني الحلويات والشوكولاتة من النوع الممتاز والعصائر الطازجة والمشروبات الساخنة وعلى رأسها القهوة الكويتية المميزة برائحة الهيل والزعفران مع التمر.

كل هذه الترتيبات تقوم بها الأمهات والجدات بكل محبة وسعة صدر قادرة على أن تحتوي الدنيا بأكملها.

تتشابه أيدي الأمهات والجدات على وجه الخصوص، فبنظرة واحدة إليها تكشف كل ما كتبه عنها في مقالي، هذه الأيدي الكريمة المتعبة التي نقشت عليها المحبة آثار ومتاعب سنوات العطاء الذي لا يكل ولا يمل ولا تجف منابعه، عطاء يعرف بداية الطريق ولا يعرف نهايته، أيدٍ تخلت عن ليونتها ونعومتها وجمال صبغ أظافرها وراحة وترف ودلال ماضيها عندما كانت هناك أم ترعاها وتقوم بكل أعبائها، والآن دورة الأمومة تطالها وتعيد دور أمها فيها من جديد.

فسلام وعيد سعيد ومبارك مليء بأيام سعيدة لهن، المنجزات المعطاءات العاملات طوال شهر رمضان بحب وتضحية بالجهد والتعب، بإنكار ذواتهن وبلا منة. وعيد سعيد ومبارك للعالم العربي والإسلامي وللكويت وأهلها.

back to top