الفصام... العلماء يكتشفون أنواع الخلايا المذنبة

نشر في 10-06-2018
آخر تحديث 10-06-2018 | 00:02
No Image Caption
من الصعب دراسة تفاصيل الفصام البيولوجية، بما أن مئات الجينات تؤدي دوراً فيه. لكن العلماء حددوا أخيراً بعض أنواع الخلايا وراء هذا المرض.
يذكر الفريق الدولي، بقيادة باحثين من معهد كارولينسكا في السويد وجامعة كارولاينا الشمالية في منطقة تشابيل هيل، أن عملهم قد يسهّل تصميم تجارب تقود إلى علاجات جديدة محسنة للفصام.
يمكننا العثور على تفاصيل هذا التعاون المهم في تقرير علمي نُشر أخيراً في مجلة «علم جينات الطبيعة».
الفصام مرض عقلي طويل الأمد حاد وموهن يصيب أكثر من 21 مليون إنسان حول العالم. يعوق أنماط سلوك وخصائص بشرية يعتبرها كثيرون ممن لا يعانونه بديهية، كالإدراك، والتفكير، واللغة، والمشاعر، وامتلاك «الإحساس بالذات».

تشمل أعراضه الشائعة الهلوسات، التي يسمع فيها المريض أصواتاً أو «يرى أموراً» يؤكد الآخرون أنها غير موجودة، والأوهام، أي التمسك بمعتقدات خاطئة.

لا شك في أن العلاجات الطبية والدعم النفسي فاعلان. لكن المضي قدماً في الحياة مع عبء مرض موهن مماثل يصعب على المريض، رغم هذه المساعدة، اكتساب أي مؤهلات، والحفاظ على وظيفة، والعيش حياة مثمرة.

ينز هيرلنغ-ليفلر، باحث بارز شارك في إعداد تقرير الدراسة الأخيرة حول الفصام، وبروفسور مساعد وقائد مجموعة بحث في قسم علم الأحياء الكيماوية الطبية وعلم الفيزياء الحيوية في معهد كارولينسكا. يوضح في هذا الشأن: «مع نتائج الدراسة، نمنح المجتمع العلمي فرصة لتركيز جهوده حيث يمكنه جني الفوائد القصوى».

أدوات جديدة

تبين أن من الصعب جداً تحديد أسباب الفصام. يعتقد العلماء أن عوامل عدة تؤدي دوراً في هذا المرض، من بينها التفاعل بين الجينات والبيئة، التي تشمل مثلاً مشاكل عند الولادة أو التعرض لفيروسات.

حقق الباحثون تقدماً كبيراً في تحديد العوامل الجينية، إذا أخذنا في الاعتبار مئات الجينات التي ربطتها الدراسات اليوم بالفصام.

ولكن لما كان لكل جينة تأثير بسيط، فصعب على العلماء تحديد الجينات التي يجب أن يركزوا عليها في تجاربهم البحثية وتطويرهم العلاجات.

صبت الدراسة الجديدة اهتمامها على كيفية ارتباط أنواع الخلايا، التي يمكن تصنيفها وفق خرائط الجينات، بهذا المرض. وصارت مجالات البحث هذه ممكنة اليوم بفضل أداة جديدة تُدعى «علم نواسخ الخلية الواحدة».

يبدّل علم نواسخ الخلية الواحدة، وفق الباحثين، «فهمنا لعلم الأحياء» بالسماح للعلماء بتحديد كمياً مستويات التعبير الجيني في الخلايا المنفردة.

خرائط التعبير الجيني

في الدراسة الجديدة، ابتكر الباحثون خرائط التعبير الجيني لكل نوع من الخلايا في الدماغ وقارنوها مع لائحة مفصلة تضم مئات الجينات المرتبطة بالفصام.

ساعدهم هذا في اكتشاف أنواع الخلايا المحددة التي يكون لها المساهمة الكبرى على الأرجح في هذا الاضطراب، فضلاً عن الأنواع الأقل تأثيراً.

يذكر معدو تقرير الدراسة: «اكتشفنا أن نتائج الجينوم المتغيرة الشائعة وردت بانتظام في خرائط الخلايا الهرمية، خلايا العمود الفقري العصبية المتوسطة، وبعض أنواع الخلايا العصبية المتوسطة، إلا أنها قلما ظهرت في خرائط الخلايا الجنينية، والسلفية، والدبقية».

لاحظ الباحثون أيضاً أن أنواع الخلايا المساهمة ترتبط ببنى وأجزاء معينة في الدماغ وقد تمارس تأثيرات «مختلفة».

يضيف معدو تقرير الدراسة: «لم يتداخل الخطر الجيني المرتبط بخلايا العمود الفقري العصبية المتوسطة مع خطر الخلايا الهرمية المرتبطة بالغلوتامات والخلايا العصبية المتوسطة، ما يشير إلى أن لأنواع الخلايا المختلفة أدواراً مختلفة بيولوجياً في الفصام».

ويؤكد هذا الفريق أن هذه الاكتشافات قد تشكّل «خارطة طريق» لبلوغ علاجات جديدة.

أدوية منفصلة

يوضح باتريك سوليفان، باحث بارز شارك في وضع تقرير الدراسة وبرفسور متخصص في قسم علم الأوبئة الطبي وعلم الإحصاءات البيولوجية في معهد كارولينسكا وفي قسم علم الجينات وعلم النفس في جامعة كارولاينا الشمالية: «ينشأ الآن السؤال: هل ترتبط أنواع خلايا الدماغ هذه بخصائص الفصام السريرية؟».

يسهم هذا السؤال، مثلاً، في تحديد ما إذا كان رد الفعل تجاه العلاج يسوء إذا تعطّل نوع معين من الخلايا. كذلك قد يؤدي تعطل نوع آخر من الخلايا إلى تأثيرات جانبية طويلة الأمد، مثل الاضطرابات المعرفية.

يتابع البروفسور سوليفان موضحاً: «سيكون لهذا تداعيات مهمة على تطوير علاجات جديدة. على سبيل المثال، قد تنشأ الحاجة إلى أدوية منفصلة لكل نوع من أنواع الخلايا المعنية».

يعتقد الباحثون أيضاً أنهم، بفضل أدوات جديدة مثل علم نواسخ الخلية الواحدة، يتوقعون التوصل إلى إنجازات في فهم التفاصيل الحيوية لحالات معقدة أخرى، مثل الكآبة الحادة، والتوحد، واضطرابات الأكل.

يختم البروفسور هيرلنغ-ليفلر: «يسم هذا مرحلة مفصلية في كيفية استخدامنا الدراسات الجينية الكبيرة لنفهم طبيعة المرض الحيوية».

عوامل عدة تؤدي دوراً في هذا المرض من بينها المشاكل عند الولادة أو التعرض لفيروسات
back to top