حرب ترامب التجارية العالمية... الأبعاد والمخاطر

نشر في 09-06-2018
آخر تحديث 09-06-2018 | 00:00
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
تدفع خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهادفة الى فرض عقوبات على المستوردات من حلفاء الولايات المتحدة– بما فيهم الاتحاد الأوروبي– تدفع بلاده إلى حافة حرب تجارية عالمية ستنعكس على المستهلكين والمزارعين والمصنعين الأميركيين، فيما يحاول البيت الأبيض انتزاع تنازلات من الشركاء التجارييين المترددين.

وقال وزير التجارة الأميركي ويلبر روس إن إدارة ترامب ستفرض رسوماً جديدة على استيراد الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك بعد أن أخفقت في التوصل الى اتفاق مع تلك الجهات كان يمكن أن يعالج مخاوف الأمن القومي المتعلقة بالمستوردات.

وقد شجبت المكسيك الخطوة الأميركية وطرحت قائمة جزئية بقيمة ثلاثة مليارات دولار من المستوردات الأميركية ستفرض عليها رسوما عقابية، وتشمل هذه المواد البضائع المصنعة مثل المصابيح والمستوردات الزراعية مثل التفاح والأنواع المتعددة من الجبنة.

من جهته قال رئيس اللجنة الأوروبية جان كلود يونكر إن الاتحاد الأوروبي لم يعد لديه الآن «أي خيار» سوى مواجهة الإجراء الأميركي أمام منظمة التجارة الدولية والمضي في خطط أولية تهدف الى الرد عن طريق استيراد ما قيمته 3.3 مليارات دولار من الصادرات الأميركية، بما في ذلك اليخوت وأقلام الحمرة وعصير البرتقال وهي رسوم يتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في منتصف الشهر الجاري.

وحسب رئيس قسم طرق وسبل البيوت في الولايات المتحدة كيفن برادي فإن «هذا الإجراء يعرض العائلات والعمال الأميركيين لخطر محتمل لأن وظائفهم تعتمد الى حد كبير على منتجات أولئك الشركاء التجاريين المهمين، وهو يلحق الضرر أيضاً بجهودنا الرامية إلى خلق وظائف عالية الأجر في الولايات المتحدة من خلال بيع المزيد من منتجات «صنع في أميركا» في الدول المذكورة».

ويطرح الإجراء المشار إليه شكوكاً حول اجتماع السبعة الكبار المقبل في كندا، حيث سيلتقي ترامب مع قادة آخرين من أكبر 7 دول غربية بمن فيهم رئيس وزراء كندا جاستن ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل.

ويعتبر إجراء ترامب الأخير نتاجاً آخر للتحقيق الذي أجرته الإدارة الأميركية ونشر في وقت سابق من هذه السنة وأظهر أن الحجم الإجمالي للمستوردات شكل خطراً على الأمن القومي الأميركي عبر تقويض الإنتاج المحلي من الصلب والألمنيوم.

وقد استوردت الولايات المتحدة ما قيمته 29 مليار دولار من الصلب في سنة 2017، وكان نحو نصف الكمية من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، كما أن كندا وفرت أكثر من 40 في المئة من الكمية التي اشترتها الولايات المتحدة من الألمنيوم من الموردين الأجانب في العام الماضي، والتي بلغت قيمتها 17.8 مليار دولار.

وتعتبر الصين مسؤولة الى حد كبير كمصدر رئيسي عن الزيادة العالمية في قطاعي الصلب والألمنيوم، ولكن الولايات المتحدة استوردت ما قيمته مليار دولار فقط من الصلب و1.7 مليار من الألمنيوم من الصين في السنة الماضية بسبب الرسوم الباهظة التي كانت مطبقة منذ سنوات.

مفاجأة للدول المجاورة

كان قرار فرض التعرفات صدمة بالنسبة الى كندا والمكسيك لأنهما كانتا تعتقدان أنهما ستستثنيان من الرسوم بسبب المفاوضات الجيدة التي أجريتاها مع مسؤولي الادارة الأميركية حول «النافتا»، وقال أحد مسؤولي الصناعة في الولايات المتحدة كان على اتصال مع المفاوضين من الجانبين إن الدولتين لم يتم إبلاغهما من قبل البيت الأبيض حتى مساء يوم الأربعاء وإنهما علمتا عن إمكانية فرض الرسوم عن طريق تقارير صحافية.

وقال روس ولكن بعد تسعة أشهر من مفاوضات «النافتا» لا توجد نهاية واضحة للمحادثات، لذلك فقد تمت إضافة كندا والمكسيك الى «قائمة الدول التي ستخضع للتعرفات».

وكانت وزيرة خارجية كندا كريستيا فريلاند قد توجهت إلى واشنطن يوم الثلاثاء الماضي من أجل مناقشة هذه القضية– ضمن أمور أخرى– مع ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهيزر، لكنها غادرت بعد أن حققت قدراً طفيفاً من التقدم في المناقشات وكانت لديها فكرة بسيطة عن خطط إدارة ترامب في هذا الصدد، بحسب مصادر مقربة من الاجتماعات.

وقد أبلغت فريلاند الصحافيين أن «إن اعتبار كندا في أي شكل تهديداً للأمن القومي الأميركي يعد فكرة سخيفة، وأنا أود أن أطمئن بشكل قاطع المشاركين الكنديين الذين يعملون في صناعة الصلب والألمنيوم أن الحكومة مستعدة تماماً للدفاع عن الصناعات والوظائف الكندية وستعمل على حمايتها».

يذكر أن أعضاء آخرين من الجمهوريين في الكونغرس سارعوا الى انتقاد خطوة ترامب. وقال السيناتور بن ساس (وهو جمهوري من نبراسكا) إن هذا غباء «لأن أوروبا وكندا والمكسيك ليست الصين وأنت لا تعامل الحلفاء كما تعامل الخصوم، وقد سرنا على هذا الطريق من قبل، والحمائية الجلية جزء كبير من السبب الذي دفع أميركا الى الركود الكبير، وجعل أميركا عظيمة ثانية يجب ألا يعني إعادتها الى سنة 1929».

خيبة أمل

من جهة أخرى قالت جمعية الألمنيوم التي تمثل معظم شركات الألمنيوم في الولايات المتحدة إنها أصيبت «بخيبة أمل» من الإعلان عن خطوة ترامب «وإن إجراء اليوم يقدم القليل فقط لمعالجة تحديات الصين فيما تنفر الحلفاء وتعطل الإمداد الذي يعتمد عليه أكثر من 97 في المئة من وظائف صناعة الألمنيوم في الولايات المتحدة؛ بحسب هيدي بروك رئيسة الجمعية».

ولكن المدافعين عن إجراء الإدارة الأميركية قالوا إنه كان ضرورياً من أجل استعادة النظام لقطاعي الصلب والألمنيوم الدوليين.

وقال دان دي ميكو، وهو مستشار تجاري سابق للرئيس ترامب، إن «هذا الوضع يجب أن يعالج وإن بقية دول العالم مكنت الصين من الاستمرار في إنتاج كميات ضخمة من الصلب أفضت الى تعثر صناعة الصلب العالمية بصورة تامة «.

وأضاف دي ميكو الذي عمل لفترة طويلة رئيساً تنفيذياً لشركة نيوكور لصناعة الصلب أن الصين كانت تعثر دائماً على طرق للالتفاف على القيود السابقة من خلال إرسال منتجات عن طريق كندا والمكسيك وفيتنام وكوريا الجنوبية حيث كان يتم تعديلها بصورة طفيفة قبل شحنها الى الولايات المتحدة.

وأكد أن «العالم لو عالج هذه المشكلة في الأصل كما قلنا لما وصلنا الى هذا الوضع الآن، وقد حان الوقت للقيام بعمل ما في هذا الشأن».

وتأمل إدارة ترامب أن تتبع دول أخرى خطوة الاتحاد الأوروبي الذي أعلن خططا تهدف الى وضع قيود حماية على الاستيراد، بحيث لا تتأثر بمنتجات تحولت عبر الولايات المتحدة. وقال روس «نحن نتطلع الى قيام دول أخرى بخطوات مماثلة من أجل إنهاء هذه المشكلة العالمية».

● دوغ بالمر– بوليتيكو

back to top