راخوي... أرخِ علينا بفضائلكم!

نشر في 07-06-2018
آخر تحديث 07-06-2018 | 00:19
 عبدالمحسن جمعة حجب البرلمان الإسباني الجمعة الماضية الثقة عن رئيس الوزراء ماريو راخوي، بعد صدور حكم الإدانة في قضية الفساد المشهورة التي طالت 37 شخصية حزبية وحكومية، والمعروفة بقضية "غوتيل" التي بلغت قيمتها ما يقرب من 55 مليون يورو (20 مليون دينار كويتي) فقط! وكان معظم المتهمين فيها من الحزب الشعبي الذي ينتمي إليه راخوي، ورغم أن فصول القضية بدأت في عام 2009 وقبل تولي راخوي رئاسة الحكومة في نوفمبر 2011، فإن النواب حمّلوه تبعية المسؤولية السياسية والأخلاقية للقضية.

وفي واقعة أخرى، استقالت نهاية شهر أبريل الماضي رئيسة بلدية العاصمة مدريد، كريستينا سيفويتس، بعدما استطاع صحافي أن يحصل على تسجيل قديم لكاميرا أمنية لأحد المتاجر قبل سبع سنوات، يُظهر حارس أمن يخرج من حقيبة السيدة كريستينا عبوة كريم عناية بالبشرة بقيمة 40 يورو (14 ديناراً كويتياً) قبل خروجها من بوابة المتجر لم تسدد قيمتها ضمن مشترياتها، ورغم أن المتجر لم يعتبر الواقعة سرقة، بل سهواً، وأعادها إلى الخزينة لتسدد ثمن الكريم، فإن السيدة كريستينا قدمت استقالتها من منصبها، لأن الواقعة تمس أمانتها ومصداقيتها المتعلقة بمنصبها العام.

وفي الوقت نفسه يحاكم القضاء أخت ملك إسبانيا وزوجها في شبهات فساد وتكسّب من صفقات عقارية ممولة من الدولة.

هذه هي دولة المؤسسات الدستورية والقانون، رئيس وزراء يدفع ثمن تجاوزات قضية فساد غير مدان فيها وقبل توليه منصبه، ورئيسة بلدية تترك منصبها بسبب كريم بشرة بـ 14 ديناراً!

بينما عندنا من غرف المليارات التي تشتري كل إنتاج العالم من "الكريم" لمدة 50 سنة مقبلة وهرب للخارج، يتمتع بما نهبه من أموال عامة، في حين أن ابنة ملك إسبانيا السابق وأخت الملك الحالي تقف أمام القضاء كأي مواطن عادي لتُستجوب وتُحاكم.

وأنا أتابع تلك الأخبار من إسبانيا، تخيلت لو أن العرب بقوا في الأندلس حتى يومنا هذا، ماذا سيكون مصير ماريانو راخوي والسيدة كريستينا وابنة الملك؟ بالطبع كان راخوي وظّف "كم واحد" من قبائل الباسك في مواقع قيادية، وقبل عدداً من أبناء قبائل كتالونيا في كلية الشرطة والجيش، ومنح "كم مناقصة" لعيال بطنها من جماعته في إقليم لاكورونيا، الذين كانوا سيصارخون في كلماتهم في البرلمان "محشوم يا خال ماريانو"، وبالطبع كان سينجو من كتاب حجب الثقة عنه، وسيخرج بموكب مهيب من قاعة البرلمان حتى باب سيارته.

أما السيدة كريستينا فكانت ستنجو أيضاً من ورطتها، لأن العرب لا يُشك في نزاهتهم بأقل من سرقة بـ 100 مليون دولار، أما قضية فساد أخت الملك فكانت ستعتبر مؤامرة على البلد وخرقاً لثوابت وأعراف الأمة، وخروجاً على الحاكم ستتعامل معه أجهزة أمن الدولة والاستخبارات، وذلك مع كل من سيفتح فمه بكلمة عن قضية فسادها!

هذا ما كان سيحدث لو بقي العرب في إسبانيا أو ما كان يعرف بالأندلس، لكن أصدقاءنا الإسبان نجوا من تلك الفرضيات السيئة بسبب انتهاء حكم العرب هناك، ونحن العرب هنا نتمنى أن يرخي الله علينا بعض فضائل جماعتنا الإسبان من نزاهة الحكم والديمقراطية والعدالة... اللهم آمين.

back to top