نهاية علاقات الجيرة الودية مع الولايات المتحدة

نشر في 05-06-2018
آخر تحديث 05-06-2018 | 00:05
 غلوب أند ميل يعني إعلان ترامب فرض رسوم جمركية جزائية على الفولاذ والألمنيوم الكنديين أننا نخوض حرباً اقتصادية وسياسية مفتوحة مع الأميركيين.

يُعتبر تصريح رئيس الوزراء جاستن ترودو الشديد اللهجة بعد ظهر يوم الخميس بأن هذه الرسوم الجمركية غير مقبولة، وأنها تشكّل إهانة لكل الكنديين غير مسبوق، بما أن هذه أول مرة يوجه فيها قائد كندي انتقاداً صريحاً ومباشراً إلى هذا الحد لرئيس أميركي وإدارته، وفي رد على الصحافة، ذكر ترودو أيضاً أن أعمال ترامب تمثّل "نقطة تحوّل" في العلاقات الأميركية-الكندية.

لا عجب في أن يستخدم ترامب الرسوم الجمركية كسلاحه المفضل، ما يذكّرنا بخطابه العدائية في حفل توليه منصبه الذي نادى فيه بكل صراحة بأن "الولايات المتحدة أولاً". من السهل فرض الرسوم الجمركية، وخصوصاً إذا تجاهلتَ التزامات المعاهدات، فمن الممكن تصميم هذه الرسوم لاسترضاء الناخبين في الداخل وإنزال القدر الأكبر من الضرر بالشركاء التجاريين الأجانب.

سيكون لهذه الرسوم تأثير سلبي فوري في قطاعَي الفولاذ والألمنيوم الكنديين، مرغمةً إياهما على إجراء تخفيضات في الإنتاج ومهددةً آلاف الوظائف الكندية.

أما التدابير المضادة التي أعلنتها كندا، فمصممة ليكون لها التأثير المؤلم ذاته، مع أن حجم الاقتصاد الكندي الأصغر نسبياً يعني أن الرسوم الإضافية الكندية لن تسبب المقدار عينه من الإزعاج الفعلي للاقتصاد الأميركي، ورغم ذلك لا خيار أمام كندا سوى السير على هذا الدرب.

فضلاً عن العلاقات الأميركية الثنائية، تقلل أعمال إدارة ترامب من شأن النظام المتعدد القائم على قواعد وتتجاهل التزامات الولايات المتحدة بموجب هذا النظام، وصفت وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند مراراً هذه الرسوم الجمركية بغير المشروعة، وهي محقة بالتأكيد.

لا يُسمح باللجوء إلى استثناءات الأمن القومي، التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية والتي قلما تُستخدم، إلا في زمن الحرب وفي حالات دولية طارئة أخرى، حالات تتطلب وقائع موضوعية لا حقاً مختلقاً بإصدار إعلانات أحادية الطرف. ولا شك أن استخدام الأمن القومي كذريعة يشكّل خطوة "زائفة وغير مسبوقة" وفق مصطلحات القانون التجاري، حسبما ذكرت فريلاند.

إذاً، يخرّب ترامب نظام التجارة العالمي الذي بُني بكد وتعب على مر عقود من الزمن، ويعود هذا في جزء كبير منه إلى الضغط الأميركي، الذي يُدعى أحياناً بطريقة ملطّفة ومثيرة للسخرية "القيادة الأميركية".

من المؤكد أن الولايات المتحدة، بالعودة إلى التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، خاطرت بتبديد أي مقدار ضئيل من حسن النوايا متبقٍ على طاولة المفاوضات، مع أن هذا عامل ضروري لترسيخ أي صفقة تجارية متبادلة، ومن الممكن لهذه الخطوة الأميركية الأخيرة أن تلحق بتطبيق نافتا ضرراً لا يمكن إصلاحه.

إذا عُلّقت المفاوضات، يصبح السؤال "هل تعود الدول الثلاث إلى طاولة المفاوضات؟" مفتوحاً على كل الاحتمالات. وقد يقود هذا الوضع إلى احتمال أن يحفّز ترامب الرغبة لدى الولايات المتحدة في الانسحاب، مما يزيد حالة الغموض الاقتصادي والتجاري التي يواجهها قطاع الأعمال الكندي تعقيداً.

أما بالنسبة إلى المسائل السياسية الحدودية، فمن المؤكد أن الحفاظ على علاقات جيرة ودية مع الولايات المتحدة في ظل هذه الظروف غير المسبوقة (مصطلح استخدمه ترودو مرات عدة خلال مؤتمره الصحافي) يمثّل تحدياً، فبتجاهل كل اعتراضات كندا، ضرب ترامب وأعوانه عرض الحائط بفكرة أن الحلفاء مهمون، وخصوصاً الحلفاء مثل كندا الذين وقفوا بشكل راسخ إلى جانب الولايات المتحدة طوال سنوات.

تنشأ الحاجة إلى تصميم كبير ودبلوماسية على أرفع المستويات كي تحافظ كندا على ما يشبه العلاقات الودية مع واشنطن خلال ما تبقى من عهد إدارة ترامب.

على كندا في الوقت عينه أن تكون مجهزة ومستعدة لتقلبات التجارة ولحرب اقتصادية مع شريكنا التجاري الأكبر لأننا نسير في هذا الاتجاه.

* لورانس هيرمان

* «غلوب أند ميل»

back to top